السماح باستيراد الأقطان الاقتصاد الوطني بين فكي قوى السوق والمفسدين...

مرة أخرى حول قرار استيراد الأقطان والغزول المختلفة.

أخذ قرار رئاسة مجلس الوزراء السماح باستيراد الأقمشة التي يزيد وزنها عن 130غ/م2 حيزاً لابأس به من اهتمام الصحافة لما يشكله هذا الموضوع من أهمية خاصة تمس مستقبل صناعة النسيج وتحسن حياة آلاف العاملين في هذه الصناعة.

لقد جاء القرار تلبية لمصلحة محدودة من التجار الصناعيين الذين دفعوا باتجاه إصداره دون مراعاة إلا لمصالحهم الخاصة المرتبطة بآلية الاستيراد والاستيراد فقط، ضاربين بعرض الحائط كل مقومات هذه الصناعة وما تشكله من أهمية كبيرة في الاقتصاد الوطني، حيث تشكل مادة القطن المرتبة الثانية بعد النفط من حيث موقعها بالدخل الوطني، ومن هنا جاء رد اتحاد عمال دمشق بمذكرته ونشرها في الصحافة المحلية والموجهة إلى الاتحاد العام لنقابات العمال مشيراً إلى المخاطر الكبيرة التي ستواجه صناعة الغزل والنسيج، خاصة بعد أن جرى تجديد العديد من خطوط الإنتاج في الشركات لتطوير هذه الصناعة العريقة في بلدنا، وجرى رفع نسبة الخطط الإنتاجية بما يعادل 25%.

إن توجه اتحاد عمال دمشق من خلال مذكرته تلك لاتكفي وحدها لحماية هذا القطاع الهام، بل لابد من تكاتف كل القوى التي لها مصلحة بالدفاع عن الاقتصاد الوطني وحمايته. إن تاريخ الطبقة العاملة السورية يشهد بالعديد من المواقف التي دافعت فيها عن الإنتاج الوطني وحمايته من منافسة البضائع الأجنبية التي كانت تسبب ضرراً للإنتاج الوطني وللعمال في وقت واحد فهل نعود مرة أخرى إلى الطبقة العاملة من أجل استنهاض قواها وإعادة الاعتبار لها لكي لاتبقى على الحياد في هذا الصراع الضاري من أجل أن يكون الوطن مستقلا ًوحراً. إن قوى التغيير لمصلحة قوى السوق واضحة توجهاتها وقد عبروا عن ذلك في الصحافة وعبر المؤتمرات المختلفة وعبر الممارسة أيضاً، ومفادها أنه لابد للقطاع الخاص من أن يستلم دفة القيادة في صناعة الغزل والنسيج للخبرات المتراكمة لديه وقدرته على القيادة العملية بهذا الخصوص، وباعتبار أن هذه الصناعة أصبحت غير مجدية من وجهة نظرهم اقتصادياً، وهي تشكل عبئاً لابد من الخلاص منه بأسرع وقت، ويبدو أن هذه الخطوات قد بدأت مع إصدار مثل هذا القرار غير المدروس إلا من وجهة نظر أصحاب المصلحة الخاصة.

 إن الأمر لن يقف عند هذا الحد، بل سيتبعه العديد من القرارات المماثلة على أرضية تحرير الاستيراد أي أن (أستيراد أي مادة ليس له علاقة بوجود أم عدم وجود إنتاج محلي)، والموضوع يتعلق بتنفيذ أحكام اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية، وكذلك الاتفاقيات الثنائية المصدق عليها أصولاً، حيث لايوجد كثير من المواد المنتجة محلياً ويتم تحريرها (استيرادها).

هذه مقترحات وزارة الاقتصاد، وهذه الأرضية التي يقف عليها جهابذة الاقتصاد لتطوير وتحديث الاقتصاد وبالتالي جعله ناجحاً. إن المهمة التي تجابه كل القوى المخلصة الآن هي النضال من أجل إصدار قانون يحمي الإنتاج الوطني، ويحافظ عليه ويطوره ويدعمه، لا أن يغرقه في منافسة غير متكافئة ضمن شروط أيضاً غير متكافئة. إن الادعاء بأن التكاليف العالية للمنتج الوطني سببه الرئيسي العمالة الفائضة وأجور ورواتب العمال، إن هذا ليس صحيحاً فالرواتب والأجور لاتبلغ نسبتها أكثر من 11 % من حساب التكاليف وهذه نسبة طبيعية قياساً بالتكاليف الأخرى التي تحمل على الإنتاج، وهذا ما عبر عنه الرفيق أمين الشؤون الاقتصادية في اتحاد عمال دمشق، حيث قال في مقابلة معه لصحيفة «كفاح العمال الاشتراكي»، إن الأزمة هي ازمة تكاليف صناعية، وأضاف، لابد من ضرورة وضع التكاليف المعيارية لهذه الصناعة وفق مراحل الإنتاج،وقال لابد من ضرورة التعامل (من قبل وزارة المالية) مع الشركات في القطاع العام وفق ضريبة الأرباح فقط وذلك ماتتعامل به مع القطاع الخاص. إن هناك معيارين تتعامل بهما الحكومة، فهل نحسم باتجاه المعيار الأساسي، باتجاه الإنتاج الوطني لينهض ويقوى كما كان سابقاً أم يراد له أن يموت ونستسلم؟! إن خيار الدفاع عن الإنتاج الوطني بقطاعيه الخاص والعام، وتخليصه من النهب والتخريب، هو خيار كل الوطنيين ولابد أن تثمر جهودهم وتنجح في مواجهة قوى السوق والسوء.

 

  ■ عادل ياسين

معلومات إضافية

العدد رقم:
227