الشركات والعمل الجماعي

«علينا جميعا تََسيِيِد القَانون والفِكر المُؤسساتي والابتِعَاد عَن القَرار الفَردي. وعَلينا أن نُشكل المجالس الاستشارية في كل الوزارات ونحن حاليا بصدد تشكيل مجلس استشاري للدولة يضم ثلاثين عضوًا».

هذا جزءٌ من حديث السيد رئيس مجلس الوزراء في اجتماع وزارة النقل، وينسحب هذا القول على كل الوزارات والمؤسسات والشركات، ولأهمية هذا الموضوع، طَرح بعضُ العاملين في الشركات الإنشائية، لماذا لا ينطبق هذا الكلام علينا في الشركات الإنشائية، مَا الذي تَغير بين صدور مراسيم الدمج بتاريخ 7/5/2003 وكَلام السيد رئيس مجلس الوزراء يوم 20/12/2003، طَبعاً المُتغيرُ هو صَاحبُ القَرار بالذات والطَاقم الذي أعَّدَ القَرار سَابقاً، ولنَكُن أكثرَ تََحديداً، لِمَاذا لَم يَلحَظ مُعِد مَراسِيم الدَمج هذا المَوضوع- مَجالس الإدارات الجَماعية والمَجالس الاستشارية في صَميمِ عَمل ومراقبة الشركات الإنشائية- وأبقى على ذِهنية القانون رقم 1 لعام 1976 بِعَمل اللجان الإدارية، والتي أثبتت التجربةُ فَشَلَهَا وفَشَلُ القائمينَ عَليها، وفَشلُ سِياسَتها في قِيادِة الشركات الإنشائية مِن 1976 وحتى 2003، لشركات بِكوادرها وعُمالها لَم تََخسَر الرِهَان، العُمال بَذلوا وأَعطوا، والشَواهِد الحَاضرة على مَساحة القُطر تؤكد أن ماتحقَقَ مَقبول ولكن الإمكانيات والخبرات خلال 1976 وحتى 1985، كانت غير قليلة والأموال كانت متوفرة، فكيف لم تُحسِن اللجان الإدارية وعلى رأسها المُدراء العامون في القطاع الإنشائي استغلال هذا الموقف، والاستفادة من عَشرِ سَنوات ذَهبية لِبناء شركات مُستقبلية لخَمسِينَ عاما، وأين وصلنا؟؟؟ أين هؤلاء الذين تَصّرفوا بالمليارات واستفادوا بالملايين ؟؟؟ ونحن في الشركات تتراجع مُكتسباتنا؟؟؟ 

يجب أن نَتعلم ولو كُنا مُتأخرين، ونَنَطلق، هذه أمانة ومُواطنية، هذا مًستقبل أبنائنا، الذي تََغَيَر في عَقلية صًاحبُ القرار أنه وضَع اليَدَ على الجُرح , فَأوقِفِ النَزفَ ياسيدي!!! 

وليكن هناك مُراجعة لِحزمة من القوانين والمراسيم والقرارات، بعد أن طُبقت على الواقع، إذا كانت الجَدوى والنَفع العام حَاصلاً فهو المطلوب، وإذا كان هناك خَلَل فَعلى الحُكومة العِلاج والعِلاج العَاجل رَجاءً، والرجوع عن الخطأ فضيلة.

ولتكن البداية بمعالجة آثار مَراسيم الدمج 167/168/169 لعام 2003م، قبل أن تَستفحلَ المُشكلة وتُصبحَ مُزمنة، من الممكن الآن حلها وحَل مِشكلة مَقرات الشركات ووضع العَمالة الفائضة والاستفادة من الكوادر المهيأة سابقاً قبل أن تتشتت وتتوزع على شكل موظفين وكتبة وأشباه عاطلين، بعد أن كانوا مهنيين ومتخصصين بأعمال ونوعيات أداء شركاتهم.

إن وجود مَجالس إدارات وفق أحكام قانون التجارة السوري، وأشخاص من خارج الشركات يمثلون مجلس الإدارة، ومدير عام تحت وصاية هذا المجلس، والجميع تحت مظلة الوزارة والقانون، لا يقلل من الصلاحيات والإمكانيات والقدرة على التحرك، بل إن تمازج وتنوع الآراء والخبرات، لا بد أن تنتج مواقف أفضل وقرارات بعيدة عن الفردية والمَصلَحِية. 

فالمطلوب تعديل القانون رقم 1 لعام 1976 لجهة تكليف مجالس الإدارات بقيادة الشركات الإنشائية، كما كان قبل صدور المرسوم 18 لعام 1974، وإبعاد مهام إستراتيجية بناء وقيادة واستمرار الشركات الإنشائية من يد فرد واحد هو المدير العام، ووضع إطار قانوني للمساءلة لأعضاء مجلس الإدارة لتقويم أية انحرافات محتملة.

أبناء الوطن ليسوا أنبياء كي لا يغلطوا، مُهندسو وكَوادر الشَرِكات الإنشائية من مِلح هذه الأرض وخُصوبتها، وحين يكون المُحيط العام صَالحاً فلا بد أن يمشوا مع المحيط، وحين يكون الفساد والإفساد بممارسة بعض قيادات هذه الشركات عنواناً عريضاً، والشركات تصبح مزارع ومداجن، فهنا الكارثة، ومَرَّ على الشركات من الصِنفين الكثير الصَالح والطَالح،المُدراء والوزراء بَشرٌ من بيننا، من بَيئتنا ومَدارسنا وجَامعاتنا، فَلنَنطلق للأفضل والأكفَأ والأنظَف عَقلاً وكَفاً!!! وأن لا يُفَصَلَ المَنصِب على قِياس مُدير، هذا مهمٌ جداً، وأن لا يَستمر المُدير العَام أكثرَ من أربع سَنوات أمرٌ جَديرٌ بالاهتمام، فإن كان نَاجحاً ورَابحاً، فَليترَقَ للأفضَل، وإن كان غير ذلك فََليَعُد لِلصُفوفِ الخَلفيةِ، لأن الصفوفَ الأمامية تتطلب شجاعةً ووطنيةً تنعكسُ عَبرَ العمل الجماعي والمؤسساتي نجاحاً للمؤسسة والشركة والعاملين بِها، ألا هل بَلغتُ....

■ النقابي : مروان العش

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.