بصراحة:استنتاجات...  من وحي الحلقة الحوارية

 الحلقة النقاشية التي دارت بين وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل والقيادات النقابية فتحت باب الأسئلة والاستنتاجات على مصراعيه، ووضعت بالتالي الاتحاد العام لنقابات العمال في مقدمة الأحداث، والمواجهة القادمة ستكون مع الحكومة التي تحاول جاهدة تمرير ما تخطط له من إجراءات نيوليبرالية.

ففي عمليات التحول الجارية نحو اقتصاد السوق الاجتماعي أضحت دراسة ما يجري اليوم من خطط ضرورة لابد منها، خاصة في حال صدق توقعات وزيرة الشؤون حول ما سيحصل في العام 2017 من كارثة حقيقية لمؤسسة التأمينات الاجتماعية.

وهنا لابد من التأكيد أن أية مطالبة للحكومة بزيادة مساهمة القطاع الخاص في الإنتاج وإعطائه نوعاً من التشاركية، عليها أن تؤكد في الوقت ذاته بشكل أكبر على  الجانب الاجتماعي، وأن تتغير القيمة التي يضيفها القطاع الخاص إلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية، في حال أراد هذا القطاع أو أرادت الحكومة منه أن يكون الرديف للحكومة والقطاع العام معاً.

لكن الذي لم يستطع أحد فهمه في حديث الوزيرة هو إصرارها على أن الاستثمار لن يجدي نفعاً لمؤسسة التأمينات الاجتماعية، في وقت لا يمر فيه يوم وإلا ويكون فيه حديث للحكومة وفريقها الاقتصادي عن مناقب الاستثمار والخصخصة!! وتأكيد الوزيرة على أن هذه الاستثمارات لن تؤدي إلى زيادة تعويضات المؤسسة غريب جداً، خاصة إذا علمنا أن أرباح التأمينات الاجتماعية من عائدات بعض المشاريع الاستثمارية التي أقامتها بين عامي  2004 ـ 2009 بلغت حوالي /4/ مليارات ل.س بحسب الأرقام الرسمية،  وهذا يصب فيما ذهبت إليه القيادات النقابية في الحلقة النقاشية، عندما أكدوا أن الديون المستحقة للمؤسسة والبالغة /50/ ملياراً في عام 1982 لا يمكن أن تحسب بهذه الطريقة البسيطة بعد مرور أكثر من ثلاثين عاماً، فهل القدرة الشرائية لعام 1980 تساوي القدرة الشرائية لعام 2009؟!!

لقد أبدت القيادات النقابية في الحوار الكثير من الوعي الطبقي والوطني، وظهر بوضوح مدى اطلاعها ومتابعتها للأوضاع، حيث بدا النقابيون على يقين تام بما ترسمه السياسات الليبرالية «المنفتحة» التي تحاول جاهدة أن تذهب بنا إلى حافة الهاوية، والكل يعلم مدى حجم المأساة عندما تتحول أية أزمة من اقتصادية إلى اجتماعية، وهذا يزيد من ضرورة التأكيد على دور الدولة الاجتماعي، سواء في اقتصاد السوق أو في غيره من الأنظمة الاقتصادية.

 وبالرجوع إلى الندوة الحوارية، فقد أكدت الوزيرة على أن هذه الندوة ليست لاتخاذ القرار بل لمناقشة مواضيع وقرارات حول مسألة التأمينات الاجتماعية، وأن الهدف من عقدها ليس الانتقاص من شيء موجود، وإنما إيجاد طرق وحلول جديدة لما يعانيه القطاع التأميني.

إن هذا الكلام جميل على لسان مسؤول في الحكومة، لكنه غير مضمون النتائج، في ظل جملة من الممارسات التي تدفعنا للتوصل إلى استنتاجات خطيرة، والأهم من كل هذا، هل تكون مثل تلك التصريحات موجهة  لصرف النظر عن ما يقوم به «البنك الدولي» وخبراؤه الاكتواريون من أجل تمرير نقاط أو مواد خطيرة في قانون العمل؟ وخاصة فيما يخص مكاتب الاستخدام، واستقدام العمالة التي ستلغي أوتوماتيكياً العلاقة المباشرة بين العمال وأرباب العمل، وهذا بحد ذاته كارثة حقيقية على الطبقة العاملة، خاصة أن المادة /277/ من القانون الجديد تتيح الفرصة لأرباب العمل بالعودة عن جميع العقود المبرمة مع العمال قبل وبعد صدور القانون، وهذا ما لا نتمنى حدوثه في كل الأحوال.

 إنها مجرد تحذيرات للاتحاد العام لنقابات العمال من أجل الاستعداد لكل الاحتمالات، وبالنهاية فهي استنتاجات قد تطبق في أية لحظة وعلى النقابات التحضير لأي طارئ..