عادل ياسين عادل ياسين

الصناعات النسيجية في زحمة القرارات والاتفاقات

تصاعدت شكاوى الصناعيين العاملين في الصناعات النسيجية من عدم استجابة الحكومة لطلباتهم التي تقدموا بها من أجل أن تبيع الحكومة الأقطان والغزول للصناعيين بالسعر العالمي، حيث تبيعها الآن بأسعار أعلى من الأسعار العالمية بمقدار دولار وربع دولار للكيلوغرام الواحد، مما يعني حصول إرباكات لمصانع النسيج في تأمين العقود التي توقعها في بداية العام، والتأخر في حصولهم على المواد الأولية يعني خسارتهم للعقود وللأسواق التي يتم التصدير إليها، هذا من جانب،

والجانب الآخر أن المعامل التي لا تحصل على الأقطان والغزول المطلوبة للإنتاج يجري إغلاقها أو توقفها مؤقتاً عن الإنتاج، حيث يؤدي ذلك إلى تسريحٍ للعمال، دائم أو مؤقت، حسب حالة هذه المصانع، وهذا يزيد في تفاقم أزمة البطالة ويزيد جيش العاطلين عن العمل الذين ازداد عددهم مؤخراً حتى أصبحوا بمئات الآلاف.

إن مشكلة المواد الأولية ليست وليدة اللحظة، بل هي متفاقمة في الصناعات النسيجية، التي هي صناعة عريقة في سورية ولها تقاليد ومواصفات تجعلها صناعة رابحة، حيث تحقق قيمة مضافة كبيرة بسبب توفر المواد الأولية اللازمة لهذه الصناعة، وتستطيع تشغيل الآلاف من اليد العاملة، إذا ما توفر لهذه الصناعة الدعم الضروري واللازم لاستمرارها، مثل تخفيض أسعار الطاقة، وتخفيض بعض الضرائب التي تسبب تكاليف عالية لا تستطيع بسببها مجاراة المنتج الأجنبي الذي فُتِحت له كل الأبواب، دون أن تكون هناك أية حماية لهذه المنتجات العريقة في بلادنا.

لقد صرح الصناعيون أكثر من مرة «أننا لسنا بحاجة لدعم الحكومة، وما نحتاجه أن تؤمن لنا المواد الأولية بأسعار مناسبة تساعدنا على الاستمرار بالإنتاج عوضاً عن وضع العراقيل المختلفة أمام حصولنا على المواد الأولية»، مع العلم أن غرف الصناعة قد توصلت إلى اتفاق مع مؤسسة الصناعات النسيجية ومؤسسة حلج وتسويق الأقطان على تأمين المواد الأولية بأسعار أقل من أسعار السوق من أجل التصنيع المحلي، وذلك بحسم 20% عن السعر العالمي للقطاعين العام والخاص، وكذلك بيع الغزول القطنية المنتجة من هذا القطن بحسم 15% عن السعر العالمي للقطاعين العام والخاص وبيع الغزول التي ستصدر بالسعر العالمي.

إن هذا الاتفاق الذي جرى مع غرفة الصناعة إذا ما تم تفعيله فإنه سينقل الصناعة النسيجية الوطنية إلى الأمام، وسيجعلها تتجاوز عثراتها التي وُضِعت فيها بسبب الإجراءات الحكومية بعدم تقديرها لهذه الصناعة حق قدرها لتقدم لها الدعم الضروري واللازم لاستمرارها بالإنتاج وتشغيل اليد العاملة، وبهذا ستلعب هذه الصناعة دورها في زيادة الدخل الوطني، وهي قادرة على لعب هذا الدور إذا ما تخلصت من دهاليز البيروقراطية ووضع العصي في العجلات.

إن حال صناعة النسيج هي حال معظم الصناعات الأخرى المتعثرة بسبب السياسات الحكومية التي حررت الأسواق وفتحتها أمام البضائع الأجنبية كالصينية مثلاً التي تُفبرَك في بعض بلدان الخليج وتُستَورَد على أنها مصنوعة في هذه البلدان، وبهذا فهي لا تدفع الضرائب الجمركية حسب الاتفاقية العربية، وبهذا يكون المنتَج المصنع في الصين المستورد من بلدان الخليج منافساً قوياً لصناعتنا الوطنية التي من المفترض في هذه الظروف الاستثنائية أن يقدَّم لها كل الدعم المطلوب، وهذا ينطبق على الصناعة في القطاع العام الذي يعيش في حالة سبات عميق لمعظم صناعاته بسبب الحصار الشديد المفروض عليه بعدم تقديم العون والدعم لاستنهاضه من سباته وتشغيله ليلعب دوره المنوط به في قيادة الاقتصاد الوطني، الذي فقد فيها هذه القيادة لأسباب كثيرة أهمها رفع الدعم عنه بعد أن جُرِّد من كل إمكانياته، وخاصة أرباحه التي كانت الحكومة تصادرها ولا تترك له ما يعينه على تطوير وتحسين ذاته.

إن المطلوب الآن وطنياً دعم الصناعة بكل فروعها في القطاع العام والقطاع الخاص، وحمايتها من كل أشكال المنافسة، لأن ذلك هو الطريق الوحيد لتقليص الأزمات المتراكمة ومنها البطالة والفقر.

آخر تعديل على الأربعاء, 12 تشرين1/أكتوير 2016 15:28