بصراحة حق الإضراب ضروري من أجل توازن المصالح
مع بداية انعقاد المؤتمرات النقابية واقتراب الدورة الانتخابية الحالية على نهايتها تبرز على السطح مجموعة من الاستحقاقات التي تراكمت خلال السنوات الماضية ومازالت تحتفظ بأهميتها الراهنة بالنسبة للحركة النقابية والطبقة العاملة السورية وأحد الاستحقاقات الهامة مستوى معيشة الطبقة العاملة السورية والتي هي بانحدار متسارع لم تشهد لها البلاد مثيلاً منذ عقود بسبب آلية النهب والفساد الكبير وما يترتب على هذه الآلية من نتائج ومنعكسات خطيرة اقتصادية وسياسية واجتماعية تتمثل بالدرجة الأولى بتدني المستوى الخطير الذي تعيشه الطبقة العاملة السورية ومستوى المعيشة هذا له علاقة بالمعادلة الثنائية( أرباح- أجور) حيث الخلل الكبير بين طرفي المعادلة، هذا حسب الإحصائيات التي تقول إن النسبة بين الأرباح والأجور تصل إلى 88? أرباح و12? أجور وهذا يعني المزيد من الإفقار للطبقة العاملة ومزيد من تمركز رأس المال لقوى النهب والفساد المسلحين بكل أشكال الحماية لاستمرار نهبهم لاقتصادنا الوطني ولشعبنا .
فالقدرة الشرائية للعمال أقل من الحد الأدنى الضروري لتجديد قوة عملهم والمتمثلة بوسطي أجر (7000 ل.س) وبالمقابل ارتفاع كبير بالأسعار عصف بأية قدرة شرائية لدى العمال وهذا يعني إن القيمة الفعلية لوسطي الأجور لم تعد قادرة على تأمين ما هو ضروري من السلة السلعية التي تشير إلى ارتفاع أسعارها إلى 61? عام 2006 حسب مؤشر قاسيون للأسعار .
ماذا تعني لنا هذه الأرقام والمؤشرات نحن كعمال وكنقابيين وكقوى سياسية وطنية في سياق مواجهتنا للمشروع الإمبريالي الأمريكي وحلفائه من قوى السوق الكبرى التي تمارس النهب والفساد غير أنها تقود البلاد والعباد إلى مصير مجهول لا نعلم مدى القدرة على التحكم به وبنتائجه المستقبلية؟؟
كل القوى الوطنية وبما فيها الحركة النقابية تدرك خطورة الأوضاع الاقتصادية وما آلت إليه من نتائج تمثلت بارتفاع الأسعار وتدني الأجور وزيادة الأرباح وهذا العلم والإدراك بالشئ يضعنا جميعاً أمام مسؤولياتنا بالنضال المشترك والحازم لدرء الكارثة وهذا يعني موازين قوى على الأرض تكون فاعلة وتستطيع تحقيق التوازن الضروري واللازم من أجل مواجهة النهب الكبير الذي يقتطع مليارات الليرات سنوياً من حصة الطبقات الشعبية وخاصة الطبقة العاملة كأرباح ويحرم العمال من زيادة أجورهم زيادة فعلية متناسبة مع مستوى المعيشة السائد .
لكن ما هي الخطوات الفاعلة من أجل هذا التغيير في ميزان القوى والذي يحقق إعادة التوازن بين الأجور والأرباح ؟؟
إن انتزاع حق الإضراب لم يعد بدعة جديدة نخترعها بل الإضراب أحد الوسائل التي كرستها الطبقة العاملة العالمية ومنها الطبقة العاملة السوري منذ تشكلها كطبقة ناضلت من أجل زيادة أجورها وحقوقها فلإضراب وتبنيه من قبل الحركة النقابية الآن سيضع القطار على سكته الصحيحة وسيمكن الحركة النقابية من إعادة التوازن إلى دورها في الدفاع الفعال عن حقوق العمال وبالأخص أجورهم وهذا لن يتسنى لها فقط عبر المذكرات وعبر المؤتمرات إنما تحتاج إلى قوى مادية فاعلة لديها القدرة على تحقيق مطالبها كما لدى الرأسماليين القدرة على فرض شروطهم الأجرية وغيرها .
وممارسة حق الإضراب وتفعيله سيكون أحد المؤشرات الهامة التي تستند إليه الدولة في تلمس المشاكل الحقيقية وبالتالي اتخاذ القرار اللازم الذي يحقق المصالح المختلفة. فالإضراب ليس بالضرورة أن يكون أصحابه معارضين للدولة بأجهزتها المختلفة بل هم معارضون للسياسات الحكومة الاقتصادية التي تعمل على تكريس الفوارق الطبقية وتزيدها من خلال تبنيها لبرنامج اقتصادي رأسمالي ليبرالي لا يراعي مصالح الطبقات الأخرى وحقوقها. فالنقابات العمالية مدعوة الآن ومن خلال مؤتمراتها السنوية والانتخابية القادمة على تبني هذا الحق الذي أقرته أيضا كل اتفاقيات العمل التي وقعت عليها سورية وهو أحد أشكال التعبير السلمي عن الرأي وعن المصالح الذي ضمنه الدستور السوري فلنتقدم بجرأة في الدفاع عن حقوقنا ومنها حقنا بأجر يتناسب مع مستوى المعيشة كي تتحقق كرامتنا كرامة الطبقة العاملة السورية وكرامة الوطن.