صوت... جدير أن يُسْمَع؟
من الغريب حقاً واللافت للنظر، والمثير للاهتمام والشكوى قانون التقاعد الذي أقلُّ ما يقال فيه أنّه رحم طرفاً وظلم آخر، وأذكر من ذلك ما يلي:
1 ـ فصل قانون التقاعد الأخير بين متقاعدي ما قبل 1985 وبين متقاعدي ما بعد هذا التاريخ، فمنح المتأخرين ما يسترّ بعض أحوالهم المعيشية والاجتماعية ومنح المتقدمين قبل 1985 ما يكشف الكثير عن عوراتهم المعيشية والاجتماعية.
2 ـ اشترط القانون أن يجمع المتقاعد بين شرطين: الأول، أن يكون قد أتمّ الستين من عمره وأن تكون مدة خدمته في الوظيفة ثلاثين عاماً لينال حقه التقاعدي المقرر وفقاً للقانون. فما رأيكم فيمن تقاعد عن تسعة أو ثمانية أو سبعة وخمسين عاماً ومدة خدمته تفوق الثلاثين عاماً بعامين أو أكثر؟ هل الراتب أجرٌ لسنوات الخدمة أم لسنوات العمر؟ إن الراتب أجر مدفوع مقابل زمن العمل فما علاقة سنوات العمر بذلك؟ إذا كان هناك حرص على إفادة المعمرين فيجب أن يتقاضى القدامى رواتب بذلك؟ إذا كان هناك حرص على إفادة المعمرين فيجب أن يتقاضى القدامى رواتب أعلى من رواتب المحدثين لأنهم بلغوا من الزمن عتياً. أم أن القدامى تنزل عليهم الملائكة بكرة وعشياً تحمل لهم طعامهم وكساءهم وصحتهم وتؤدي الضرائب عنهم؟
3 ـ أين احترام العلم والتعليم وأين مقامات الشهادات التي رتّبها القانون وميّز بينها؟ هل من المعقول أن يتقاضى متقاعد لا يحمل الشهادة الابتدائية ضعف ما يتقاضاه الجامعي، هذه حقيقة قائمة تكرر الإهانة آخر كل شهر لحملة الشهادات العليا من الجيل القديم.
4 ـ من المفترض أن فئة المتقاعدين قبل 1985 بمن فيهم من لم يجتمع له الشرطان المذكوران أعلاه أقول من المفترض أنهم أصبحوا في مرحلة للشيخوخة. أين احترام الشيخوخة؟ وأين احترام ماضيها الذي صرفته في خدمة وطنها. إن الشيخوخة حقّها في كلّ بلاد الدنيا ترعاه منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الإنسانية ودساتير العالم المتحضر بصرف النظر عن كون أصحابها موظفين متقاعدين. دعوا الشيخوخة جانباً وأعطوا أصحابها حقهم كمتقاعدين لا أكثر. حررّوهم من استجداء أهلهم وذويهم.. فالاستجداء ذُلّ ولو كان بين الأب وابنه. إنّ لهم حقاً كغيرهم، بل لهم أولوية بالحق، لما في أوضاعهم من قهر وذلّ. احترموا فوارق الرتب والمراتب ليشعر المتقاعد بكرامته مع الاحترام للجميع، وأنه ليس من الأميين.
أيها المشرعون كيف سيكون حالكم لو كنتم من أصحاب هذه الشكوى.. تتأرجح رواتبكم بين الألفين وخمسة الآلاف ل.س في هذا الزمن الذي لا يرحم كبيراً ولا صغيراً، ولا تنسوا أن بلادنا بلاد الخير العميم، وفيها متّسع للجميع لأن يعيشوا بكرامة إذا ما وضع هذا الخير في موضعه الصحيح وأقصي عنه الفاسدون المفسدون الذين يذهبون بمعظمه. وشكراً.
■ محمد سعيد أسبر