بصراحة يمكن التوفيق بين النضال الوطني والطبقي
في المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال تحدث عن حالة الراحة التي تعيشها الحركة النقابية، رداً على سؤال حول الترهل الحاصل في الحركة، وعدم دفاعها كما هو مطلوب عن الطبقة العاملة السورية، خاصة، وأن الكثير من المتغيرات قد حدثت، و حالة الراحة تلك كما قدم لها رئيس الاتحاد لم تستطع أن توجد مناضلين نقابيين كما كان واقع الحركة النقابية قبل الثامن من آذار، والسبب أن الحركة لم تعد بحالة صدام مباشر مع أرباب العمل، والسبب الآخر التوافق الفكري والسياسي مع القيادة السياسية، واستجابة القيادة السياسية وانحيازها لمطالب الحركة النقابية، كذلك ضمن ترتيب أولويات الحركة يأتي الموقف الوطني في الأولوية، الداعم للخط الوطني المانع للمشاريع الاستعمارية، والضغوط التي تمارس على سورية.
وما نود أن نقوله بهذا السياق أن الحركة العمالية السورية منذ نشأتها الأولى كانت توازن بين ما هو وطني وما هو حقوق لها، حيث خاضت المعارك إلى جانب الحركة الوطنية دفاعاً عن استقلال سورية، وبالوقت نفسه تخوض معاركها الطبقية دفاعاً عن حقوقها في مواجهة البرجوازية الوطنية التي كانت تقود معارك الاستقلال ولكن على طريقتها، والتي كانت في حالة الشدة تقدم تنازلات للطبقة العاملة، لتعود إلى مرحلة أخرى تشدد استغلالها.
إن التناقض بين الرأسمال والعمل لا ينتهي طالما هناك استغلال.
حتى في ظل النظام الاشتراكي فإن نضال الطبقة العاملة لا يتوقف دفاعاً عن حقوقها ومصالحها، التي لا تكون متناقضة بشكل أساسي مع النظام الاشتراكي، فكيف يكون الحال إذا كانت علاقات الإنتاج السائدة هي رأسمالية، وهذا ما كان سائداً في ظل تاريخ سورية، رغم الشعارات الكثيرة التي رفعت حول الطبقة العاملة، والعمال المنتجين، والمعامل للعمال، والتقدم والاشتراكية.
إن المتغيرات التي نشهدها الآن باتجاه اقتصاد السوق، والأزمات المتعددة مثل البطالة والسكن، وغلاء الأسعار، وواقع القطاع العام، وسيادة ثقافة النهب والفساد، و خاصة الكبير منه، والتهرب الضريبي، وطرح مسألة الخصخصة وإن لم تنجح إلى الآن، ورفع الدعم...الخ ما كان كل ذلك يمكن أن يحدث بحدته الحالية لو أن الطبقة العاملة السورية كانت تتاح لها فرصة الدفاع الحقيقي عن مصالحها وعن المصالح الوطنية العامة وفقاً لما كان مطروحاً من الشعارات، ولما حدثت حالة الراحة وعدم وجود مناضلين نقابيين كما أشار رئيس الاتحاد.
إن جملة ما تحقق للطبقة العاملة السورية لا يمكن إغفاله أو القفز عليه، إنه مهم ولكن لا يمكن التوقف عنده وكفى الله المؤمنين شر القتال. لأن حقوق العمال هذه التي تحققت والتي أعلن عنها في الكراس الصادر عن قيادة الاتحاد لم تغير من واقع الطبقة العاملة المعيشي بشيء، أي لم تحسن من المستوى المعيشي الفردي للطبقة العاملة، ولم تغير من واقع أن الطبقة العاملة تنتج الخيرات ولكن ما يعود عليها النذر اليسير وهذا ما تدل عليه معادلة الدخل الوطني وتوزعه وفقاً لإحصائيات الحكومة (25% أجور، 75% أرباح)، ألا يستدعي التوقف عند هذه المعادلة البسيطة والعميقة بمفاعيلها الاجتماعية و الاقتصادية الاجتماعية، لنستمر بالترداد أن ما تحقق للطبقة العاملة وفقاً للعلاقة مع الحكومة 60 ـ 70% من مطالبها.
إن الطبقة العاملة السورية منحازة كلياً للدفاع عن الوطن وفي الوقت نفسه هي منحازة لمطالبها ولحصتها الحقيقية من الدخل الوطني الذي لا بد من النضال لتعديلها وإعادة توزيعها بما يلبي العدالة الاجتماعية المنشودة، وإن الدفاع عن الوطن يعني تحقيق مستلزماته وأدواته التي تمكّن من الصمود والمواجهة من أجل تحقيق الانتصار وبذلك تتحقق كرامة الوطن والمواطن.