نزار عادلة نزار عادلة

إبعاد ممثلي العمال عن اللجنة الاقتصادية قرار خطير في ظل توجهات الفريق الاقتصادي!!

أثار قرار رئيس الوزراء محمد ناجي عطري بإبعاد أو إعفاء ممثلي العمال والفلاحين من الحضور والمشاركة في اجتماعات اللجنة الاقتصادية إلا في قضايا العمال، الكثير من التساؤلات بين صفوف القيادات النقابية، تتساءل بشكل عام: هل هذا الإجراء مقدمة لإبعاد العمال وتنظيمهم النقابي عن إدارة التجمعات الاقتصادية، وعن المشاركة العمالية في إدارة منشآت الاقتصاد الوطني التابعة للقطاع العام؟؟

وتنطلق هذه التساؤلات من حقائق تقول: إن التمثيل العمالي في الإدارات ذو أهمية بالغة بالنسبة إلى الطبقة العاملة وتنظيمها النقابي، ذلك أنه يحقق أو يفترض أن يحقق أمرين أساسيين، الأول هو حماية العمال والدفاع عن حقوقهم وتحسين شروط عملهم، والثاني توفير الخدمات اللازمة لهم وتأمين شروط الصحة والسلامة المهنية، وغير ذلك مما يندرج ضم النضال المطلبي والذي هو أساس وجود ونشاط أية منظمة نقابية.

■ المرسوم 18 لعام 1974 وتعديلاته يحدد التالي:

يتولى إدارة المؤسسة مدير عام ومجلس إدارة مؤلف من سبعة أعضاء، من بينهم اثنان يمثلان العمال يسميهما المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال. أما في الشركة: مدير عام ولجنة إدارية مؤلفة من ستة أعضاء من ضمنهم ممثلان عن العمال وبالإضافة إلى القضايا المطلبية وحماية العمال، فإن هناك مسؤوليات يتولاها مجلس الإدارة أو اللجنة الإدارية وتكون القرارات بالإجماع وأبرزها:

- رسم السياسة التي تسير عليها الشركة أو المؤسسة.

- وضع مشاريع الأنظمة المالية والمحاسبية والعقود والمبايعات والتكاليف والحوافز ورسم سياسات وأهداف الإنتاج والتصدير والتسويق والاستثمار والعمالة والريعية، أو وضع الخطط والبرامج التنفيذية التي تكفل تطوير الإنتاج وإحكام الرقابة على الجودة، وإقرار الخطط الاستثمارية والإنتاجية والتجارية والموازنات.

وفوق ذلك صدر القانون 6 لعام 1987 لتشكيل المجالس الإنتاجية. وقد جاء هذا القانون استجابة لمطلب نقابي عمالي وتكريساً لممارسة نقابية بدأت إثر المؤتمر الثامن عشر للاتحاد العام الذي انعقد عام 1974، حيث بادر الاتحاد العام إلى إصدار قرار بتأليف مجالس إنتاجية عمالية في المؤسسات والشركات الاقتصادية، وكان الهدف زج كافة الطاقات في عملية إدارة الإنتاج والاقتصاد، ويضم المجلس الإنتاجي في عضويته، المدير العام وأعضاء مجلس الإدارة وممثلي التنظيم النقابي، وإعضاء قيادة المؤسسة الحزبية وعدد من العمال المتفوقين ومهمات المجلس تتلخص في الآتي:

- اقتراح التطوير اللازم لأساليب الإنتاج ورفع كفاءة التشغيل في الشركات والمؤسسات.

- وضع السياسات التي تكفل رفع الكفاءة الإنتاجية.

- اقتراح معايير ومعدلات الأداء.

- تعبئة العمال لتنفيذ الخطط الإنتاجية.

وهكذا، وكما نرى، هناك مهمات واسعة ودور هام لممثلي العمال.

إذا أردنا تقويم هذه التجربة بعد سنوات ماذا نجد؟

نقول بشكل واضح وصريح: كان دور ممثلي العمال قاصراً، ولم يكن فاعلاً بشكل عام، وكان نفوذ المدير ووصايته هو الفيصل في اتخاذ القرارات كما يريد وبموافقة ممثلي العمال، وحتى لو كانت هذه القرارات ضد مصالح العمال ومكاسبهم أيضاً. انتشر الفساد في صفوف الإدارات في العقود والمناقصات وفي التسويق وفي استجرار العروض وفي المبايعات، وكان ممثل العمال أحياناً متفرجاً، وفي أكثر الأحيان مشاركاً، طبعاً، لم تكن هذه قاعدة عامة.. نقول ذلك للإنصاف، لأن هناك ممثلي عمال في إدارات هامة وقفوا مواقف نضالية ضد قرارات هامة نذكر منها:

في معمل حديد حماه حيث تحفظت النقابة وممثل العمال على طرح هذه الشركة للاستثمار، ورفعوا المذكرات، وهددوا بالاعتصام، وأبطلوا إقرار الإدارة والجهات الوصائية.

 وفي مرفأ طرطوس وفي اللاذقية وفي تجمعات أخرى عديدة كان الدور فاعلاً. كان الدور فاعلاً لأن هؤلاء يعرفون بأن تمثيلهم هو تمثيل بقوة القانون. ويترتب عليهم ذات الحقوق والمسؤوليات التي تحملها الأعضاء الآخرون، ولكن إذا أردنا أن نبحث في أسباب قصور دور ممثل العمال في أكثر المؤسسات والشركات، فإن هذا يحتاج إلى وقفة مراجعة، إلى وقفة تقويمية من الاتحاد العام لنقابات العمال لمراجعة التجربة ورصد سلبياتها بشكل عام، ووضع مقترحات لتفعيل عملها، وهذا لم يحدث حتى الآن.

■ القضية الأساسية هنا:

إبعاد أو إعفاء ممثلي العمال من حضور اللجنة الاقتصادية في القيادة إلا ما يهم العمال.

والسؤال الذي يطرح:

هل هي مقدمة لإلغاء تمثيل العمال في اللجان الإدارية وإلغاء المجالس الإنتاجية؟

سؤال من الواجب أن يطرحه الجميع، وهو يطرح الآن في الأوساط النقابية والعمالية بشكل عام.

وإذا حدث هذا الإلغاء أو هذا الإعفاء، فإن هذا يعني بشكل سافر، القضاء على كافة الإنجازات التي حققتها الطبقة العاملة وحركتها النقابية عبر سنوات طويلة. 

إنه انتهاك لمراسيم وقوانين وتشريعات جاءت عبر نضالات طويلة، والبداية كانت من اللجنة الاقتصادية، وهي القضية الأخطر لأن صوت العمال مهما كان، يبقى هو الأقوى، وخصوصاً في هذه المرحلة أمام ما رسمه وما يرسمه الفريق الاقتصادي من برامج تسير بشكل واضح نحو ليبرالية تضرب ليس صناعات ومؤسسات القطاع العام فقط، وإنما الصناعة الوطنية السورية بشكل عام، ومكاسب الطبقة العاملة، وكان صوت ممثلي العمال في اللجنة الاقتصادية معارضاً بشكل عام .

آخر تعديل على الخميس, 24 تشرين2/نوفمبر 2016 14:07