الطبقة العاملة.. عين على الحقوق، وعين على الوطن
بدأت الساعات الأخيرة لانعقاد المؤتمر الخامس والعشرين بالاقتراب، والتحضيرات الفنية والإدارية وغيرها تأخذ وضعها النهائي استعدادا ليوم الافتتاح، وانعقاد جلسات المؤتمر، حيث الوفود النقابية من الدول الصديقة، والشقيقة..
وتكتسب المؤتمرات النقابية أهميتها لما تمثله الحركة النقابية من وزن سياسي واجتماعي، وبالتالي تكتسب توجهاتها، وبرنامج عملها في الشؤون الوطنية وشؤون الطبقة العاملة، والطرق، والأساليب التي ستستخدمها في تنفيذ قراراتها التي ستتخذها في المؤتمر، أهمية خاصة في حياة البلاد وكذلك على مستقبل الطبقة العاملة من حيث حقوقها ومكتسباتها.
هناك مرحلتان هامتان في تاريخ الحركة النقابية والعمالية لكل واحدة سماتها وخصائصها حددتها الظروف السياسية المحلية والدولية، وتوازنات القوى السائدة في كل مرحلة، حيث كانت السمة الأساسية التي تتسم بها الحركة النقابية والعمالية قبل عام 1963، هي الصدام الدائم مع أرباب العمل من خلال الإضرابات، والإعتصامات للمطالبة بالحقوق الرئيسية للطبقة العاملة الأجرية والتشريعية بما فيها حق تأسيس نقابات مستقلة بقراراتها، وشؤونها الداخلية، حيث وهذا ما فعله المؤتمر العمالي الأول بأواخر شهر أيار 1936 بدمشق قي دار نقابة عمال الخياطة، حيث طالب هذا المؤتمر بتوسيع الحريات النقابية، وضمان حقوق العمال، وتحسين أوضاعهم، وفي نهاية عقد مؤتمر ثان لعمال دمشق في حديقة الشرق بزقاق الصخر، وقرر مطالب العمال:
ـ إصدار قانون للعمال.
ـ منع استخدام الأحداث، والنساء عملاً بالمرسوم الاشتراعي /22/ تاريخ 16 حزيران 1936.
ـ تحديد ساعات العمل بثمان ساعات.
ـ زيادة الأجور بنسبة ارتفاع الأسعار.
ـ تأليف لجان للتحكيم في منازعات العمال.
ـ عدم تطبيق قانون قمع الجرائم في قضايا العمال.
وجاء في مقدمة العريضة التي رفعها مجلس الاتحاد العام في تشرين الأول 1937 إلى المجلس النيابي، وإلى رئيس مجلس الوزراء:
1ـ إن أهم ما يشغل بال العامل اليوم في البلاد السورية هو العمل على رفع مستواه وتأمين عيشه من الوجهتين الاقتصادية، والاجتماعية، بعد أن ضاقت به أزمات السنوات الأخيرة، ولاسيما هبوط النقد الفادح وغلاء المعيشة.
2ـ لقد اضطرته الحاجة بعد أن أهملته الحكومات السابقة التي كانت منغمسة في الكيد السياسي أن ينفض عنه غبار الموت.
3ـ لقد كان بود العامل أن يرفع صوته، ولكن مصلحة الوطن المهددة، والقلاقل الرجعية كانت عوامل أساسية لتريثه في الطلب حباًَ بمصلحة البلاد وتقدير الظروف.
وباعتبار أن تلك المطالب لم يهتم بها المجلس النيابي، ومجلس الوزراء حيث وضعت بالأدراج، بادر الاتحاد العام لنقابات العمال بالإعلان عن الإضراب الشامل في 9 كانون الثاني 1939 من أجل قضيتين أساسيتين، وهامتين:
ـ إجبار المجلس النيابي، والحكومة على الاعتراف بالطبقة العاملة وحركتها النقابية كمنظمة مستقلة عن أرباب العمل، وكممثل للطبقة العاملة على امتداد الوطن، وكموافقة عن مطالبها وحقوقها.
ـ إجبار المجلس النيابي والحكومة على الاعتراف بالمطالب العمالية الشرعية كما ذكرها الاتحاد في عريضته.
ماذا كانت نتيجة التلويح بالإضراب؟؟
أصدرت الحكومة قبل موعد الإضراب بيوم واحد قراراً ينص على تسجيل أكثر من ستين نقابة مستقلة خاصة بالعمال وحدهم.
مانود أن نقوله ونذكر به، ونحن نستعرض جزءا من التاريخ الكفاحي للطبقة العاملة، أنها ظلت تدافع عن حقوقها ومطالبها، وبالوقت نفسه تدافع عن الوطن..
إن الظروف السياسية والاقتصادية قد اختلفت بين الأمس واليوم، ولكن يبدو أن مطالب العمال مازالت متشابهة إلى حد بعيد، زيادة الأجور، وتحسين الأوضاع المعيشية، حماية حقوق عمال القطاع الخاص بالتنظيم النقابي وحمايتهم من الضغوط التي يتعرضون لها ومنها التسريح على أساس الاستقالة المسبقة.
إن المكتوب واضح من عنوانه كما يقال: حيث كل الإجراءات والسياسات الاقتصادية والتشريعية تنذر بما يجحف حقوق الطبقة العاملة، وهذا يقتضي من الحركة النقابية وهي تعقد مؤتمرها أن تقر الوسائل الضرورية لحماية حقوق العمال ومكتسباتهم وحماية الاقتصاد الوطني، مستلهمة من تاريخ الطبقة العاملة ومن تاريخ وتجارب المناضلين النقابين روحهم الكفاحية التي لم تهادن أو تستسلم.