بصراحة: حوار مع صديق نقابي

كثيرة هي الحوارات، أو الأدق تسميتها الدردشات، التي تجري داخل أروقة النقابات وخارجها، خاصة بعد حدث هام أو تطور في الوضع الاقتصادي أو السياسي.

هذه الدردشات والحوارات طبيعية، كونها تعكس حجم تأثيرها المباشر أو غير المباشر على المصالح العامة لعموم المواطنين، والتي نحن جزء أساسي منها كعمال ونقابيين، ودرجة تأثرنا بها عالية. 

وحتى لا نبقى بالعموم سندخل في صلب الحوار «الدردشة» حول موضوع ظاهرة (الفساد الكبير)، الذي يعتبر من أهم المواضيع المطروقة شعبياً، وبالتالي نقابياً، ولها تأثير مباشر على مصالحنا الوطنية والطبقية، لهذا يكتسب الحديث عنها أهميته للوصول إلى توافقات عميقة عن هذه الظاهرة وتطورها وبالتالي على شكل وطريقة المواجهة معها.

الرأي السائد حول (الفساد الكبير) لدى صديقنا بأنه سلوك فردي ينطلق من قابلية هذا الشخص أو ذاك و(شطارته) في اختلاس الأموال العامة، صغرت أو كبرت تلك الأموال، أو وجوده بموقع مسؤول لديه النفوذ الكافي ليمرر صفقة هنا أو صفقه هناك ليخرج بحصة من هذه الصفقة، وبالتالي المكافحة تكون بأن يحال إلى منزله أو تبديل موقع عمله أو يوضع تحت التصرف، كما هو الدارج في الكثير من الحالات، بالرغم من وجود الوثائق الكفيلة بإدانته على فعلته.

صديقنا يقول بأن النقابات تدعو لمكافحة الفساد، وهذا موقف ضروري وصحيح، ولكن أي فساد يجب مكافحته وكيف؟ هل يكون على طريقة الحكومات بالتوجه نحو الموظفين والعمال المتهمين بسوء الإئتمان، ليجري تسريحهم على أساس المادة 137 من قانون العاملين، حتى دون انعقاد للجنة المكلفة بالتحقيق، وأيضاً دون أن يكون هناك رأي للقضاء؟.

إن الفساد الكبير أصبح يشكل مراكز قوى، تتحكم بالبلاد والعباد وبمفاصل جهاز الدولة، وتراكم من خلالها الثروة المنهوبة، حيث كان للسياسات الاقتصادية الليبرالية الدور الأساسي في نمو وتطور ظاهرة الفساد الكبير. 

 

والمكافحة الحقيقية لهذه الظاهرة تكون بقطع الشرايين التي تمد الفساد الكبير بأسباب النمو والتطور والتحكم، أي تكون مكافحة الفساد الكبير بمواجهة مسببات وجوده وهو الليبرالية في الاقتصاد السوري، وهذا يتطلب خلق موازين قوى سياسية ومجتمعية لديها برنامج المواجهة الحقيقية لهذه المواقع، ومنها الحركة النقابية والطبقة العاملة السورية، صاحبة المصلحة الأولى في المواجهة، بسبب تضررها الكبير من تلك السياسات على مستوى معيشتها وفي أجورها وفي مكان عملها.