عمال المخابز الاحتياطية كلام كثير عنهم ولا أفعال لصالحهم
من أكثر القضايا التي جرى التطرق لها، منذ سنوات وحتى الآن، من قبل النقابات في المؤتمرات النقابية واجتماعات مجلس النقابات، والكتب التي يجري تبادلها مع الحكومة والجهات الإدارية المختلفة، هي قضية عمال المخابز الاحتياطية.
فهذه القضية المستعصية على الحل، أو التي يراد لها أن تبقى مستعصية عن الحل، لأسباب لا أحد يعلم بها سوى المتنفذين، الذين يريدون إبقاءها نقطة دائمة للمشادات والمداولات بين الجهات المختلفة التي لها صلة بوضع عمال المخابز، مع أن الجميع يقر بعدالة المطالب العمالية ويقرون بما قدمه العمال من عمل جبار في اللحظات الحرجة، التي كان الحصول فيها على ربطة الخبز يكتنفه الكثير من المخاطرة والصعوبة، ورغم ذلك بقي عمال المخابز صامدون في مخابزهم، يقومون بإنتاج المادة التي لا غنى عنها، وعلى الرغم من ذلك تبقى قضيتهم ومطالبهم معلقة بين السماء والأرض، لا أحد قادر على إنزالها إلى موقع الحل الحقيقي، الذي يؤمن للعمال حقوقهم المشروعة ورفع سيف الظلم الذي مازالوا يتعرضون له منذ تأسيس لجنة المخابز الاحتياطية.
مطالب هؤلاء العمال بسيطة وبمقدور الحكومة حلها بسهولة، إن أرادت ذلك، ولكن هذه الإرادة يبدو أنها غير متوفرة حتى الآن، ليبقى واقع الحال على ما هو؛ (ظلم وانتقاص من حقوقهم المشروعة، وتهديد بالتشرد والانضمام إلى جيش العاطلين عن العمل)، إذا ما أراد مشغل العمال ذلك، وهذا لا يكلفه شيء سوى كلمة واحده للعامل (الله معك ما عاد إلك شغل عنا).
ماذا يريد العمال.. ؟
يبلغ عدد عمال المخابز الاحتياطية ما يقارب الـ 12 ألف عامل في المحافظات جميعها، ودورهم أساسي في صناعة رغيف الخبز، والمخابز الاحتياطية منتشرة في معظم المدن، أي أنها تغطي مساحات جغرافية واسعة يتمكن من خلالها المواطنون الحصول على حاجتهم من هذه المادة الأساسية والضرورية، أي أن هؤلاء العمال في مواقع عملهم ليسوا رقماً هامشياً، بل هم عامل أساسي في استمرار إنتاج مادة الخبز واستقرارها، ومن هنا تكتسب مطالبهم المشروعة أهميتها وضرورة تحقيقها، كون هذا سيؤمن استقرارهم ويزيد من إنتاجهم المطلوب.
مطالبهم هي:
إبرام عقود عمل دائمة بمشاركة النقابات كضامن أساسي لحقوقهم وكممثل لهذه الحقوق، حيث لا عقود مبرمة بين العمال واللجنة المشرفة على المخابز، فهم عمال مياومون وأجورهم كل يوم بيومه مثلهم مثل عمال المخابز الخاصة، ويخضعون لشروط العمل نفسها .
أن يكون لهم ساعات عمل كما حددتها قوانين العمل السورية، أي ثمان ساعات عمل، وفي حال تجاوزت ذلك تحسب للعمال ساعات عمل إضافية لها أجرها، مع العلم أن عمال المخابز الاحتياطية المياومين يعملون لمدة 12 ساعة عمل متواصلة، وهذا مخالف لقوانين العمل.
تسجيلهم بالتأمينات الاجتماعية، كضمان للعمال في حال تعرضهم لإصابات العمل وهي كثيرة، في مثل هذا النوع من العمل، لوجود خطوط إنتاج متحركة ووجود درجات حرارة مرتفعة، ووجود أغبرة ناتجة عن الطحين تسبب أمراضاً تنفسية وغيرها من الأمراض.
تشميلهم بالضمان الصحي، حيث لا يوجد للعمال ضمان صحي يقدم لهم العلاج والدواء اللازم في حال المرض الطارئ.
أن يكون الحد الأدنى لأجور العمال متناسب مع الحد الأدنى لتكاليف المعيشة، وأن يحصل العمال على كافة الزيادات الطارئة التي يحصل عليها العمال الدائمين أمثالهم في مخابز الدولة.
الحصول على لباس العمل، والوجبة الوقائية، المقررة للعمال الدائمون في المواقع الإنتاجية.
اعتبار العمل في الأفران المنتجة لمادة الخبز من الأعمال الشاقة والخطرة.
إن مطالبة النقابات الدائمة بالحقوق المشروعة لعمال المخابز الاحتياطية هو تثبيت لمشروعية هذه الحقوق، ولكن الاستمرار بالمطالبة إلى ما لا نهاية (وكفى الله المؤمنين شر القتال) لن يحقق للعمال مطالبهم وحقوقهم، وستبقى قضيتهم معلقة بين المطالبة النقابية المستمرة وتسويف الحكومات لها، عبر الوعود المتكررة المقدمة لحلها ولتستمر دون حل.
المطلوب ضغوط حقيقية متنوعة لتحصيل حقوق العمال، وهذا ممكن ويحتاج إلى قرار نقابي يجعل الحقوق العمالية واجبة التحقيق والتحقق.