التعديلات المقترحة على قانون العمل :
كثيرة هي الانتقادات التي وجهت الى قانون العمل رقم 17 منذ صدوره إلى الآن، حيث يعد القانون من أكثر القوانين إجحافاً في المنطقة بحقوق العمال.
الإجحاف بالقانون كان بسبب إقراره التسريح التعسفي للعمال، واعتماده مبدأ العقد شريعة المتعاقدين في عقود العمل وفي كيفية احتسابه أجر العامل، وموضوع وقف العمل بالنسبة للمنشآت القائمة، ومشكلة المحاكم العمالية التي لم يستطع القانون إيجاد حلاً لها.
تغليب الثانوي على الجوهري في التعديلات
بعد صدور الدستور السوري الجديد عام 2012، أصبح هذا القانون باطلاً بالكامل لتعارضه مع أحكام الدستور, واليوم قُدمت عدة مقترحات لتعديل هذا القانون ولكن أغلب المقترحات التي قُدمت ليست جوهرية، بل تعتبر ثانوية وأقل من ذلك، وأغلبها تحدث عن تعديل في التعاريف فقط؛ كتعديل تعريف الآجر، وتعديل بعض التسميات الواردة فيه كالوزير والوزارة, وإجراء بعض التصحيحات اللغوية والنحوية على نصوصه، مثال: استبدال عبارة «لزمن لا تزيد مدته»، بعبارة «لمدة لا تزيد»، أو استبدال عبارة «شهادة قيد العمل»، بعبارة «قيد عمل»، أو النص على التأريخ الهجري مع الميلادي في عقود العمل .!!! والاكتفاء بتغيير بعض الصياغات القانونية لبعض بنوده، وتعديلات طفيفة بزيادة المهل المقررة لأصحاب العمل، أو رفع الغرامات المترتبة على مخالفة أحكام القانون!! دون معالجته المشكلة الأساسية، ودون الاقتراب من جوهر القانون وتعديله بما يتوافق وأحكام الدستور، وخصوصاً فيما يتعلق بحق الإضراب، حيث رفضت وزارة العمل اقتراح النص على حق الإضراب السلمي بحجة أن الظروف الراهنة غير مؤاتية للبحث في موضوع حق الإضراب، (أي أن برأيها الظروف غير مناسبة لتطبيق الدستور) واقتصرت التعديلات أيضاً على بعض بنود القانون دون اعتباره رزمة واحدة مترابطة.
بعض الثغرات في التطبيق فقط!!
مازالت وزارة العمل تصر على أن القانون القديم جيد، ولكن ظهرت بعض الثغرات أثناء تطبيقه, إذا كانت الوزارة ترى أن الخطأ كان في تطبيق القانون وليس في نصوصه؛ فلماذا تعكف على تغييره كما تتحدث؟ وهي لم تر سوى بعض الثغرات ولم تر عيب مخالفته الواضحة والصريحة لنصوص الدستور، والظلم الذي لحق بالطبقة العاملة بسببه.
تعديلات لمصلحة أرباب العمل
بالعودة إلى بعض التعديلات المقترحة في نصوص القانون، فإن التعديلات الأساسية التي تتحدث عنها وزارة العمل أتت لمصلحة أصحاب العمل على حساب مصلحة العمال كالعادة، مثال على ذلك: تعديل الفقرة 1 من المادة 64 التي تنص على: «يحق لصاحب العمل إنهاء عقد العمل غير محدد المدة في حالة ثبت انتحال العامل شخصية غير صحيحة، أو قدم شهادات أو توصيات مزورة», في حين النص السابق يشترط أن تثبت حالة التزوير «بحكم قضائي مبرم»، ومن الطبيعي أن يكون القضاء هو الجهة الوحيدة المختصة بالنظر في قضايا التزوير، وفي هذا التعديل تعدٍ على سلطات القضاء وبات يحق لصاحب العمل طرد العامل دون الاستناد الى سبب قانوني.
تعديل آخر أُخذ به طال المادة 224، حيث سُمح لصاحب العمل بعد صدور قرار وقف العمل الكلي أو الجزئي أن يتفق مع المديرية المختصة، ودون العودة إلى العمال، على تعديل شروط عقود العمل، الجماعية منها والفردية، وفُرض على العامل الخيار بين قبول التعديلات أو ترك العمل!.
الأهم من ذلك لم تقدم التعديلات المقترحة أي جديد فيما يخص المشاكل المتعلقة بالمحاكم العمالية وطريقة تكوينها، حيث ما زالت المحاكم العمالية وفق الصيغة الثلاثية أسيرة بيد منظمات العمل، التي ترفض الأخيرة حضور أية جلسات لها، مما يعرقل عملها وتتراكم الآلاف من قضايا العمال دون إيجاد حلٍ لها، لا بل ذهبت التعديلات الجديدة إلى النص على اقتصار حصول العامل على نسبة 50% من راتبه خلال فترة التقاضي لمدة سنة فقط، مع العلم أن المحاكم العمالية لم تستطع حتى الآن إصدار حكم في أية قضية منذ إقرارها عام 2010 !!.
هل المشكلة نحوية أم دستورية؟
ليس المطلوب تجميل القانون وتنسيق جمله أو تعديلها بما يتوافق والقواعد النحوية، التي تذكرت وزارة العمل الآن بأنه يخالف بعض قواعد النحو والإعراب، بل تغيير القانون جوهرياً وبما يتوافق والدستور الجديد، وإعطاء العمال حقوقهم ورفع الظلم عنهم، وليس تأجيل تطبيق الدستور.
فإذا كانت وزارة العمل غير معنية بتطبيق الدستور، وظيفتها الأساسية كسلطة تنفيذية، فكيف ستكون أمينة على حقوق العمال ؟؟؟؟.