بصراحة وزارة العمل.. والدور الليبرالي الجديد!!
لايكاد يمر يوم دون أن تكون هناك مؤتمرات وورش عمل لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل, وجميع هذه المؤتمرات وهذه الورش تتم بالمشاركة مع منظمات دولية إقليمية ودولية, ومن يطلع على أدبياتها يجد أنها تؤكد على تنظيم سوق العمل وخلق فرص وبيئة عمل تساهم في الحد من البطالة, والتركيز على المرأة في الريف وتدريبها وتأهيلها من أجل الحد من الفقر, والتركيز على المشروعات الصغيرة ومنحها تسهيلات وحوافز جديدة.
في المقابل، وعلى أرض الواقع، نجد عكس هذه التوجهات والقرارات، وهنا نسأل:
لماذا تعقد هذه المؤتمرات؟ ولماذا تقام هذه الورش؟ هل الأسباب استعراضية فقط للوزارة أم أن هناك أسباباً أخرى, وهي الحصول على مساعدات ومنح تحت الشعارات المطروحة؟
نقول ذلك وأمامنا انتهاكات كبيرة تقوم بها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ضد حقوق العمال ومكاسبهم وضد حقوق العاملات.
رئيس الاتحاد المهني للغزل والنسيج عمر الحلو، يتحدث عن قطاع الوحدات الإرشادية فيقول «إن بعض الوحدات الإرشادية تقوم بإنتاج سجاد يدوي فلكلوري، وهو من الصناعات الريفية المميزة بالمهارة ويتبع هذا القطاع إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وهذه الصناعة التقليدية التراثية تتمتع بمستوى عال من الذوق الرفيع ودقة متناهية ومتانة كبيرة أكسبها قيمة تراثية هامة، وتقوم بدور مهم في الجانب الاجتماعي من حيث إنتاجها يكون عبر ورش أو مشاغل منتشرة عبر أرجاء سورية، تشارك فيه المرأة الريفية كعاملة إنتاج مما يساعدها على رفع مستوى وعيها وكفاءتها المادية والإنتاجية، ويدفعها للمشاركة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، ولكن في السنوات الأخيرة عانت هذه الصناعة من صعوبات عديدة منها: عدم توفر المادة الأولية بشكل مستمر وبالمواصفات المطلوبة، وارتفاع سعر المتر المربع مما أدى إلى عدم التسويق وتراكم المخازين».
وقد فرضت وزارة الشؤون شروطاً تعجيزية على العاملات تحت حجج الخسارة والمخازين وعدم التعريف، وأدى الأمر في المحصلة إلى إغلاق أكثر الوحدات الإرشادية وتسريح العاملات, علماً أن العاملات كن يعملن على الإنتاج منذ سنوات طويلة دون أن يحصلن على الحد الأدنى من حقوقهن, كالترفيع والزيادات وغير ذلك، وهنا جاء قرار الوزارة المجحف. فما هذا التناقض بين ما يُطرح في الورش والمؤتمرات، وبين ما يجري واقعياً؟؟
أما في القطاع الخاص، فيعاني العاملون فيه من شروط وعلاقات عمل لا تضمن لهم الحماية اللازمة إضافة إلى حرمانهم من الاشتراك في التأمينات الاجتماعية وتأمين بيئة عمل نظيفة، وغياب مقومات الصحة والسلامة المهنية, علماً أن هذا القطاع يشكل العاملون فيه حوالي 45 من مجموع القوى العاملة، ويتوقع لهذه النسب أن ترتفع وبمعدلات سريعة خلال السنوات القليلة القادمة، لذا المطلوب الاهتمام بإصلاحه وعدم إبقائه مهملاً وتحت رحمة الأقدار. والسؤال:
أين دور وزارة الشؤون في نمو عمل الأطفال؟ وأين هي من تحديد الآثار الاجتماعية والنفسية الناجمة عن تسرب الأطفال من التعليم ونزوحهم إلى سوق العمل؟ وأين دور الوزارة في إنشاء هيئات مركزية ومحلية لرعاية الطفولة أو تزويدها بالآليات والمعدات وبرامج العمل اللازمة أو إدخال برامج رعاية الطفولة كجزء من الخطط الاقتصادية والاجتماعية.
إن محاولة وزارة الشؤون تعديل القانون 91 لعام 1959, بشكل يؤدي إلى ضرب مكتسبات تحققت للعمال منذ 44 سنة، ووجه باعتراض ممثلي اتحاد العمال، وقدم الاتحاد ملاحظاته، وتم الوعد بإضافتها للمشروع المقترح، وأكد الاتحاد أنه لايمكن الانطلاق في تعديل القانون بالقياس على علاقة الإيجار أو المزارعة، لانعكاسات ذلك السلبية على واقع العمل والعمال وحقوقهم المكتسبة، ولكن الوزيرة ماتزال مصرة على ضرب حقوق العمال والمشروع مجمد في أدراجها.
وهناك عشرات الأمثلة ليس عن الدور القاصر لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل, ولكن عن الدور الذي تقوم به بعكس تسميتها, وهو دور يعكس نهج الليبرالية الجديدة والذي أخذ البعد الاقتصادي مع الإصرار على ضرب الجانب الاجتماعي.