بدأ الحوار مع الحكومة حول القضايا العمالية: القضايا الاقتصادية خط أحمر!!!
بدأ الحوار مع الحكومة حول القضايا العمالية بعد انعقاد مجلس الاتحاد العام لنقابات العمال مؤخراً دون دعوة الحكومة كما هي العادة، وبعد مداخلات القيادات النقابية، النارية والساخنة، حول تجاهل الحكومة للمطالب العمالية بشكل عام، ورافق ذلك تصريحات حكومية تؤكد بأنه لا تثبيت للعمال، وأن التثبيت كان خطأ، وبعد مذكرات عديدة رفعها الاتحاد العام لنقابات العمال إلى السيد رئيس الجمهورية وإلى القيادة القطرية.
• جولة مفاوضات:
بعد ذلك وجه رئيس مجلس الوزراء لعقد جلسات حوارية بين رئيس الاتحاد العام للعمال ووزيرة الشؤون الاجتماعية حول قانون العمل /91/ لعام 1959، ومشروع قانون العمل المقترح الذي قدمته الوزيرة دون أن تأخذ رأي وملاحظات الحركة النقابية، والذي ينتقص حقوقاً مكتسبة حصل عليها العمال منذ عام 1959، ورفضه الاتحاد العام للعمال، وتم تجميده في أدراج الوزارة.
• القانون الهام:
عقدت جلسة أولى لإخراج القانون إلى النور، والقانون هو القضية الأكثر راهنية، ويكتسب طابعاً هاماً لحساسية هذا المشروع وانعكاساته على علاقات العمل، وكونه يمس حياة وعمل واستقرار أكثر من ثلاثة ملايين عامل، هم الآن دون حماية قانونية أو تشريعية.
اعترض الاتحاد العام على بعض الفقرات في مشروع القانون، ولم يتم الاتفاق حولها، وهما المواد 23 و24 بما فيها الفقرة /ج/ من المادة 23، التي تجيز الجمع بين مكاتب التشغيل والتوريد، وهذه المواد تتعلق باحداث مكاتب خاصة للتشغيل وتوريد العمالة.
لم يصدر القانون وجُمِّد، ولكن تم افتتاح مكاتب توريد ومكاتب خاصة للتشغيل.
• التحايل التحايل:
صحيح أن القانون جُمِّد في الأدراج، ولكن يبدو أن فقراته تُمرَّر واحدة تلو الأخرى، ومكاتب توريد العمالة مثال على ذلك.
اعترض الاتحاد العام أيضاً على المادة 65 التي تجيز لصاحب العمل في أية حال من الأحوال، إنهاء عقد العمل غير المحدد المدة، والتي تلغي لجان قضايا التسريح والموافقة المسبقة، وتعطي رب العمل الحق المطلق، وفي أي وقت بتسريح العامل من عمله دون تقديم أي مبرر. علماً أن قانون العمل القائم الذي يبلغ عمره أكثر من نصف قرن، أورد حالات كثيرة يمكن لرب العمل أن يسرح من خلالها العمال، ودون الحصول على موافقة لجان قضايا التسريح، وهنا يبدو أن الحكومة نفذت ذلك من خلال عقود العمل لمدة ثلاثة أشهر فقط، ولا تجدد إلا بـ«واسطة» كبيرة، وهذا يعني تمرير مادة أخرى دون أن يصدر القانون.
• واعتراض آخر:
اعترض الاتحاد العام أيضاً على المكاتب الخاصة القائمة، المخالفة للقوانين، والتي فتحت المجال أيضاً حسب المادة /18/ من المشروع، لمكاتب خاصة لاستقدام خدم المنازل ومن في حكمهم، من غير العرب السوريين، في ظل البطالة المتزايدة، ولكن مفهوم (ومن في حكمهم) واسع ويشمل مهناً شتى عديدة. وقد نفذت هذه الفقرة أيضاً ولم يصدر القانون.
المادة /23/ من مشروع القانون أوردت أن المقصود بالمكاتب، هو تلك التي تتولى توريد العمال لأصحاب العمل، مع بقاء علاقة هؤلاء العمال قائمة مع هذه المكاتب. وهذه عبودية بكل معنى الكلمة، واعترض عليها الاتحاد العام، ولكن نفذت دون أن يصدر القانون. وذلك يعني إدخال وسيط (مكتب سمسرة)، لتوريد العمال وجعل العلاقة مع المكتب دون أية مسؤولية أو التزام من رب العمل.
• رجع الحوار:
منذ أن رفض مشروع القانون بعد جلسات حوارية مع وزارة الشؤون، تم وقف مشروع القانون، ووقف الحوار بين العمال والحكومة، في حين كان الاتحاد العام يؤكد على ضرورة استمرار الحوار بين الأطراف الثلاثة «عمال، أرباب العمل، حكومة»، حول مشروع القانون وحول عشرات المطالب الأخرى، وذلك بغية إيجاد القواسم المشتركة، والاتفاق على صيغة معينة للمشروع، دون المس بحقوق العمال المكتسبة، ولكن الحكومة رفضت أو جمدت الحوار وجمدت المشروع. ولكن بعد إلحاح عُقدت جلسة أولى، وقد أوضح الاتحاد العام للعمال بأنه لا يمكن الانطلاق في تعديل القانون بالقياس على علاقة الإيجار أو المزارعة. كما أن مقولة العقد شريعة المتعاقدين لا يمكن أن تحكم علاقات العمل، وخاصة القائمة منذ عشرات السنوات، ونبَّه لانعكاساتها السلبية الشديدة على واقع العمل والعمال وحقوقهم المكتسبة، كما رأى الاتحاد بأنه مع إيجاد صك نموذجي لعقد عمل فردي تحريري، يوثق لدى الجهات المعنية، يوضح الحقوق والواجبات لكل من الطرفين، ويستند في كل ما لا يرد فيه إلى القانون وأحكامه، وأن يعتبر باطلاً كل وثيقة يوقعها العامل قسراً مهما كانت، براءة ذمة، استقالة إلخ، إن لم تكن أمام ممثل مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل. ويؤكد الاتحاد العام بأن المرونة لا تعني بأي شكل من الأشكال المساس بحقوق العاملين المكتسبة، وقد أكد ذلك في مجلس الاتحاد العام، وأبدى استعداده للحوار مع الحكومة، حول المطالب العمالية كافة.
• ومطالب أخرى:
بدأ الحوار حول مشروع قانون العمل في القطاع الخاص، ولكن هناك مطالب وقضايا كثيرة وملحّة، بحاجة إلى حوار، بعد أن جمدت الحكومة هذه المطالب، وأبرزها:
1ـ العمال المؤقتون الذين أمضوا في الخدمة سنوات ولم يشملهم القانون رقم /1/ لعام 2001، وقد رُفِعت عشرات المذكرات حول هؤلاء، طالبت بتشكيل لجنة لبحث واقعهم، ووضع مشروع قانون جديد مماثل للقانون /8/ ولكن دون جدوى، بل لقد صدرت تصريحات تغلق الباب أمام تثبيت العمال.
2ـ القوانين والتشريعات التي صدرت ولها علاقة بقضايا العمل والعمال، ثم جاءت التعليمات التنفيذية لتلغي أي مكسب. وكذلك قضايا تعويض طبيعة العمل والاختصاص، والأنظمة الداخلية لشركات ومؤسسات القطاع الخاص، وتنفيذ الأحكام المتعلقة بقانون العاملين الأساسي.
3ـ تعديل قانون التأمينات الاجتماعية، ومشروع قانون التقاعد المبكر، والدعاوى العمالية والأحكام القضائية، وخاصة الدعاوى التي اكتسبت الدرجة القطعية، وعدم تنفيذها، ودعاوى طبيعية العمل، وقضايا العمال الموسميين، وعلاوة الترفيع للعمال المؤقتين المعاد تعيينهم، وموضوع فائض العمالة، حيث يجري الحديث عنه بشكل يومي من الجهات الوصائية، دون اتخاذ أي إجراء، ودون معالجة موضوعية متكاملة لهذه القضية.
• القضايا الاقتصادية:
ما أشرنا إليه جزء من القضايا العمالية، أما القضايا الاقتصادية فإن الوقائع تشير إلى أن لا حوار حولها، لأن الأمور تسير كما يريدها الفريق الاقتصادي في الحكومة، وملخصها: «لا إصلاح ولا تحديث للقطاع العام الصناعي، بسبب تراجع الدولة عن دورها التنموي، بموجب اقتصاد السوق، وما رافقه من تراجع للانفاق الاستثماري بدءاً من عام 1995، ولكن رغم ذلك فإن الحكومة مطالَبة باتخاذ قرار جريء حول واقع القطاع العام الصناعي والإنشائي، وليس الهروب من الواقع.