عمال القطاع النفطي: إنـجازات كبيرة وحقوق مهدورة

عمال الغاز اجتهدوا فأبدعوا.. فأين التكريم؟
ما قام به عمال شركة الغاز في «فرع دمشق وريفها لتوزيع الغاز» يستحق الوقوف عنده مطولاً، لأنهم اثبتوا لكل مشكك بالخبرات الوطنية أنه على خطأ، ولعل هذا الإبداع جاء بمثابة رد على تصريح النائب الاقتصادي عبد الله الدردري عندما قال قبل سنة بالتمام من الآن، وضمن محاضرته في ندوة الثلاثاء الاقتصادي، أنهم لن يستطيعوا الاعتماد على الخبرات الوطنية التي تفتقد إلى الكوادر المؤهلة لتطوير العمليات الاقتصادية الجارية.

لقد أثبت بعض العمال في شركة الغاز أن باستطاعتهم تقديم المزيد في حال وجدت النيات الصافية لدعمهم، وأن بإمكانهم صنع الكثير من المواد وقطع الخردة التي لا تصلح لأي شيء، من خلال مثابرتهم واجتهادهم وإبداعهم وحرصهم على الاقتصاد الوطني، ومن هنا فإن الإنجاز الذي حققوه يغدو كبيراً على الصعيد الوطني، ويستحقون على ذلك كل التكريم، سواءٌ من النقابات أو من الجهات العليا، لأنهم استطاعوا أن يصنعوا برجاً لتعبئة أسطوانات الغاز المنزلي في فرع دمشق المؤلف من /18/ قباناً إليكترونياً، مع جميع متمماته ومستلزماته، وبطاقة إنتاجيته تتراوح ما بين /900 / إلى /1000/ أسطوانة غاز في الساعة.
مكتب نقابة عمال النفط وبعد إطلاعه على الانجاز من خلال الجولة التي قام بها إلى الفرع المذكور، اعتبر ما قام به العمال إنجازاً كبيراً  على صعيد القطاع النفطي في سورية، حيث أكد رئيس النقابة علي مرعي لـ«قاسيون»: «إنه إنجاز تاريخي بأيدٍ وطنية، فكل ما تم تجميعه من معدات لتصنيع البرج الجديد وتجهيزه كان بخبرة وطنية ومن داخل الفرع نفسه، وبالاعتماد على قطع بالية منسقة في مستودعات الشركة، وبإشراف ومتابعة من مدير الفرع محمد طه».
 وأضاف مرعي أن البرج الجديد من حيث مواصفاته يضاهي بإنتاجيته باقي الأبراج في وحدات التعبئة لدى المحافظات الأخرى، والمجهزة من  الشركات الأجنبية التي كانت تكلف الدولة ما يقارب /700/ ألف يورو، وهذا يعني توفير ملايين الليرات على الدولة دون أي مقابل. وأكد مرعي أن العمال أضافوا ميزة جديدة على البرج غير موجودة في بقية المحافظات، وهي ابتكارهم في تركيب شبكة أمان مركزية عند حدوث أي طارئ، بحيث يتوقف الغاز عن التعبئة فوراً من المصدر أو الصمام الرئيسي، وهذه تعتبر من أهم النقاط الحساسة والضرورية في القطاع النفطي، وخاصة الغاز. وحول التكريم الذي يستحقونه أكد رئيس النقابة أنها ستقوم بحفل تكريمي لهم، ليكونوا مثالاً لجميع العاملين في القطاع العام بشكل عام، والعاملين في النفط والثروة المعدنية بشكل خاص.
إن ما قام به هؤلاء  العمال ودون أي مقابل، يستحق كل التكريم والمتابعة، وأقل صفة يمكن أن تطلق عليهم أنهم أبطال الإنتاج في سورية.
 
التعويضات مازالت تناقش، والعمال ينتظرون
وإذا تركنا حديث الإنجازات والتضحيات العمالية في قطاع النفط، لنتعرف على أوضاع عماله  الوظيفية، ستصبح الصورة قاتمة، فالعاملون في الصناعة النفطية مازال ينتظرهم مستقبل غامض بخصوص التعويضات التي يستحقونها عن جدارة، لأنها الصناعة الأخطر والأصعب في التصنيف العالمي، وعلى هذا الأساس فقد جاء منح التعويضات للعاملين في هذا القطاع ضرورياً ومهماً، إذ تؤكد الفقرة /د/ من المادة /98/ لقانون العاملين الموحد لعام 2005 على منح نسبة لا تتجاوز /5%/ من الراتب الشهري لقاء المخاطر التي يتعرضون لها في العمل. ورغم أن المادة واضحة وضوح الشمس فلم ينفذ منها شيء بعد مرور خمس سنوات على إقرارها.
 ونتيجة لمطالبات العمال المستمرة بنيل حقوقهم والحفاظ على مكتسباتهم، أقرت رئاسة مجلس الوزراء في كتابها رقم /61/ تاريخ 6/8/2008 ضرورة الإسراع في منح التعويضات وتطبيق بنود المادة المتعلقة بها، وتم تشكيل لجان فرعية في جميع المديريات لإعداد قوائم بأسماء العمال المستحقين من خلال وظائفهم الخطيرة.
العاملون في القطاع النفطي يؤكدون أن آخر اللجان المشكلة حول هذه القضية كانت اللجنة المشكلة بالقرار رقم /3095/ تاريخ 10/12/2009 التي بدورها قامت بدراسة أوضاع جميع الشركات ومستوياتها كل على حدة، لكن ذلك لم يغير شيئاً حتى الآن، وما يخاف منه العاملون أن يطبق مبدأ (الخيار والفقوس) بعد كل هذا الانتظار في اختيار العاملين المستحقين للمنحة، بعيداً عن القانون الذي أعطى الحق لكل عامل بنيلها.
فهل ينتظر العمال في أخطر وأهم قطاعاتنا الحيوية عاماً آخر؟ أم أن الأمور ستسير لمصلحتهم بجهود ومساندة من الاتحاد العام لنقابات العمال؟!