مفهوم الأجر وطريقة احتسابه حسب القانون رقم 17
الأجر: هو مفهوم نسبي يختلف باختلاف وجهة النظر إليه من قبل العامل أو صاحب العمل. بالنسبة إلى العامل هو ما يتقاضاه صافياً على فترات دورية مقابل بيعه لقوة عمله التي لا يملك سواها. أما بالنسبة إلى صاحب العمل فالأجر هو ما يتوجب دفعه لقاء كمية العمل التي يبذلها العامل.
وقد عرف القانون رقم 10 في المادة (1) الأجر بأنه: «… كل ما يعطى للعامل لقاء عمله مهما كان نوعه نقداً أو عيناً، مضافاً إليه جميع العلاوات المقررة للعامل بموجب عقود العمل الفردية أو اتفاقات العمل الجماعية أو الأنظمة الأساسية للعمل، سواء أكان الأجر يومياً أم أسبوعياً أم شهرياً أم موسمياً أم سنوياً، ولا يدخل في مفهوم الأجر بدلات السفر والمصاريف اليومية التي يتكبدها العامل في معرض أدائه لعمله».
العامل في مواجهة صاحب العمل
المشرع لم يحدد حد أدنى من الأجور، ولم يربطها بالحد الأدنى لمستوى المعيشة، الذي يكفل للعامل تأمين احتياجاته الأساسية التي تسمح له بتجديد قوة عمله, بل أحال احتساب الأجر إلى مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، وإلى مبدأ قانون العرض والطلب، حسب ما يتفق عليه في عقود العمل الفردية التي يبرمها الطرفان صاحبا العلاقة (صاحب العمل والعامل)، وهكذا بقي العامل الطرف الضعيف في العقد بسبب حاجته وحيداً في مواجهة نفوذ رب العمل.
الطريقة الثانية التي نصت عليها المادة نفسها هي: تحديد الأجر حسب النظام الأساسي للعمل في المنشاة، أي إلى رغبة صاحب العمل كاملة دون أن يكون للعامل حق المناقشة أو الاعتراض، وهنا تتحول هذه الأنظمة إلى مجرد عقود إذعان بالنسبة إلى العامل، إما أن يقبلها ويتحول إلى تابع لرب العمل، كون عمله مصدر رزقه الوحيد، أو لا يقبلها ويبقى عاطلاً عن العمل.
عقود العمل العبودية
هذا و يعتبر عقد العمل حسب القانون من العقود الرضائية التي تتطلب لانعقادها إرادة حرة وسليمة، أي من دون ضغط أو إكراه، ولكن تعتبر هنا حالة الفقر والحاجة عامل إكراه وضغط تؤثر على إرادة العامل، وتجعله مجبراً على التعاقد، وحسب شروط رب العمل لأنه لا يملك خياراً آخر, ولأن الأجرة التي سيتقاضاها العامل هي المصدر الوحيد لتأمين قوته وحياته, وبالتالي يجب تفسير عقود العمل بأنها عقود عبودية لا عقود رضائية، حسب ما ورد بمتنها.
الاستغلال في طرق احتساب الأجر
أما عن أسلوب أو طريقة أداء الأجر فقد نص القانون على عدة طرق حيث يتم اختيار طريقة حساب الأجرة عند التعاقد، وفق ثلاث طرق هي:
حساب الأجرة بالزمن:
أي على أساس الوحدة الزمنية، كساعة، أو يوم، أو أسبوع، أو شهر، وبالتالي لا يتوقف مقدار الأجر على العمل المنجز. وحساب الأجر على أساس الوحدة الزمنية الكبرى.
2 - حساب الأجرة على أساس الإنتاج:
تعتبر هذه الطريقة من أخطر الطرق في احتساب الأجر، وأكثرها ظلماً للعمال، وليست دستورية، حيث سمح المشرع باحتساب الأجر على أساس الوحدة الإنتاجية أو رقم الأعمال، وبالتالي يزداد الأجر وينقص تبعاً لنشاط العامل. أي عملياً ربط الأجور بالإنتاج بدلاً عن ربطها بمستوى الأسعار. وهكذا يجبر العمال على العمل للإنتاج أكثر لمواجهة أعباء الحياة وتدني مستوى الرواتب وعدم كفايتها حاجة العامل وأسرته، كما أنها لا تضمن أجراً ثابتاً للعمال، وتبقي العامل فترات أطول في العمل وتبعده عن عائلته، وتضر بصحته.
3 - الأسلوب المختلط:
ويقوم هذا الأسلوب على حساب الأجر على أساس زمني، مع مراعاة مقدار الإنتاج، فيرتفع الأجر بزيادة الإنتاج وينقص بنقصانها. وفي الواقع تتعدد التطبيقات العملية لهذه الطريقة، ومنها: تحديد الأجر على أساس حد أدنى من الوحدات الإنتاجية في زمن معين، وإذا زاد الإنتاج على هذا الحد استحق العامل مبلغاً إضافياً مقابل كل وحدة زائدة، أو تحديد الأجر على أساس زمني محض، مع إعطاء العامل مبلغاً من المال مقابل كل وحدة إنتاجية.
قوة العمل
بين القيمة والسعر
أخيراً ما يحدد قيمة قوة العمل هي أسعار تلك المواد الضروري استهلاكها لإعادة إنتاج قوة العمل المرتبطة بمستوى الأسعار, بينما الأجر لا يعبر عن «قيمة» قوة العمل، بل هو سعر «قيمة» قوة العمل، التي تتحدد في الأنظمة الرأسمالية حسب قانون العرض والطلب, وقد تبنى المشرع السوري هذا الأسلوب صراحة، مع أن الدستور السوري الجديد قد تضمن في المادة 40(على أن لكل عامل أجر عادل حسب نوعية العمل ومردوده, على ألا يقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات المعيشية وتغيرها).