أضاليل الحكومة حول العمالة الفائضة..

منذ بدأت الحكومة بطرح مشروعها الإصلاحي، وهي الآن قد ركنته في أدراجها المخصصة لـ(الحفظ) و(التريث)، كان البند الأول في تقييم واقع الشركات، وأسباب (خسارتها) من وجهة نظرها، هو وجود العمالة الفائضة، فهذه العمالة كما ذكر الكثير من المسؤولين فيها هي المسبب بتدهور وضع الشركات، وفي ارتفاع تكاليف الإنتاج. وانطلاقاً من ذلك وجدت الحكومة أنه لابد من إعادة النظر بوضع هؤلاء العمال من أجل تخليص الشركات من (خسارتها)، وبالطبع من خلال تخليصها من العمال الفائضين!! لأنه السبيل الوحيد لتخفيض الكلف. واليوم تقوم وزارة الصناعة بعملية مسح شاملة لليد العاملة الفائضة في كل المعامل والشركات، ولا ندري ما هي المعايير التي اتبعتها الوزارة في عملية البحث والاستقصاء تلك، والتي على أساسها حزمت أمرها بوجود عمالة فائضة في شركاتها.

هل كان المعيار دراسة واقع الخطوط الإنتاجية، وحاجتها من عمال الإنتاج المباشرين ومساعدي الإنتاج، والعمال الآخرين الضروريين للإنتاج؟ هل كان الاحتساب على أساس الطاقة الفعلية للمعامل وبتشغيلها ثلاث ورديات، أم جرى الاحتساب وفقاً لواقع الشركات الحالي، والتي يجري الانتفاع بجزء من طاقتها الفعلية كما تظهره تقارير الشركات الإنتاجية؟!

هل درست واقع الإدارات التضخمي، وتحويل الكثير من خريجي المعاهد المتوسطة (وهم عمال إنتاج، وفنيين بمعظمهم)، من خطوط الإنتاج إلى الإدارات؟!

إن معظم التقارير الصادرة عن الشركات منذ سنوات، وحتى الآن، والتي هناك شك أن المؤسسات الصناعية تقوم بدراستها، وتحليلها، وتتبع تنفيذها كي تقف على واقع الشركات من حيث خطة اليد العاملة، والخطط الإنتاجية، والجودة، والمعايير الإنتاجية، والتكاليف....إلخ، هذه التقارير لم ترتق للمستوى المطلوب، ولم تقم بتوصيف واقع الشركات بشكل واقعي وموضوعي واستشرافي لاستدراك وتحديد مكامن الخلل ومعالجتها بشكل مبكر..

وبالعودة إلى اليد العاملة، فإن معظم تقارير الشركات كانت تظهر نقصاً في اليد العاملة، ويمكن أن تضرب بعض الأمثلة على ذلك من واقع شركات الغزل والنسيج في دمشق.

أمام هذه الأرقام والإحصائيات، يحق لنا أن نتساءل: أين فائض العمالة الذي تبحث عنه وزارة الصناعة في دهاليز المعامل وصالاتها الإنتاجية، كي يجري إثبات أن العمال هم من أوصل الشركات إلى واقعها الحالي، وذلك برفع التكاليف إلى درجة أن الإنتاج لم يسوق وبقي في المخازن ينتظر الفرج؟؟!!

إن التكاليف والخسارات لم يسببها العمال لأنهم لا مصلحة لهم في أن تخسر شركاتهم أو أن تتوقف عن العمل، ومن هنا لابد من البحث عن الأسباب تلك في مكان آخر.. وتحديداً في الإدارات القاصرة التي ينشغل معظم (أبطالها) في ملء جيوبهم بشكل غير مشروع، وبكيفية تسخير قدرات الشركات لمصالحهم الشخصية.

إن اتجاه وزارة الصناعة وطريقتها في حساب (اليد العاملة الفائضة)، يعني تجريد الشركات من إمكاناتها الفعلية في تطوير إنتاجها (إن كان في نية الحكومة تشغيلها وتطويرها)، والحقيقة أن الحساب لابد أن يكون على أساس الطاقة الفعلية، أي تشغيل المعامل بكامل طاقتها الإنتاجية، حيث سنكتشف حينها أن هذه المعامل تحتاج إلى المزيد من اليد العاملة على خطوط الإنتاج، وليس تضخيماً للإدارات، الذي يتم عادة على حساب تكاليف الإنتاج التي تأخذ بالارتفاع، فتنعكس على حقوق العمال الذي يخسرون معظم حوافزهم الإنتاجية، التي لو قُدّر لهم الحصول عليها، لكانت ستساعدهم على مواجهة تكاليف المعيشة المتصاعدة يوماً بعد يوم. 

■ ع. ي

آخر تعديل على السبت, 03 كانون1/ديسمبر 2016 12:15