ماذا ستقول الحكومة أمام مجلس الاتحاد العام القادم؟
في كل مرة تلتقي الحكومة القيادات النقابية وكوادرها، تؤكد على لسان ممثليها عن عدم نيتها خصخصة القطاع العام وبيعه، لأنها غير مدينة للمؤسسات المالية العالمية، وبالتالي فهي غير ملزمة بتنفيذ وصفاتها الاقتصادية، بالإضافة إلى أن سورية لديها قطاع خاص فاعل اقتصادياً، وليست بحاجة للخصخصة.
وهذا الادعاء الذي سبّب التلوث السمعي والمادي كان يراد منه خداع الناس بكلمات تخفي وراءها ما تخفي من التوجهات التي باتت واضحة الآن للعيان، وخاصةً للحركة النقابية، والتي يمكن وصف وضعها الآن كالبالع الموس على الحدين، فهي ترى السياسات الحكومية السائرة بقوة لإنهاء القطاع العام بأشكال مختلفة وتحت مسميات مخادعه، كالتأجير، والاستثمار، وكذلك عدم تشغيل الشركات المتوقفة، ومن جهة أخرى قضم مكتسبات العمال وتخفيضها إلى الحد الأقصى بالإضافة إلى التأخير في دفع أجور العمال.
كانت الكوادر النقابية منذ الدورة الـ/24/ تحذّر من سياسات الحكومة ومخاطرها على مصالح العمال، وعلى الاقتصاد الوطني، ولكن تلك التحذيرات والتخوفات، تنتهي مع انتهاء الكلام الذي لا يعار له الاهتمام.
بل الأسوأ من ذلك أن يقوم البعض بتقديم كل التبريرات، والدفاع عن مواقف الحكومة، والتوهم أن الحل سيأتي مع تعميق الحوار معها، رغم أن الحكومة تكتفي بالاستماع فقط، وتنفذ ما هو موضوع في برنامج عملها، مستندة بذلك على توافقها مع القيادة السياسية، وأنها تنفذ ما تمليه عليها هذه القيادة، ولا تأتي بشيء من عندها، كما صرح بذلك النائب الاقتصادي عبد الله الدردري في اجتماع مجلس الاتحاد العام السابق وأمام الجميع.
والآن لا ندري ماذا ستقول الحكومة أمام المجلس القادم إن حضرت، خاصة أن الفترة بين انعقاد المجلسين شهدت الكثير من السياسات الحكومية المنفذة، والتي تؤكد أن الحكومة ماضية في سياساتها التدميرية للقطاع العام الصناعي، وبالهجوم المتواصل على حقوق العمال والتي منها:
وضع مشروع إصلاح القطاع العام (بالدرج) بعد اعتراض الاتحاد العام على بعض بنوده.
إبقاء الشركات المتوقفة على حالها دون التوجه إلى اتخاذ خطوات جديد بإعادة تشغيلها.
طرح العديد من الشركات للاستثمار: أسمنت طرطوس، حديد حماة، مرفأا اللاذقية وطرطوس، المطاحن التابعة للشركة العامة للمطاحن (سنجار، الباب، ديرحافر، تل كلخ).
طرح العديد من أراضي القطاع العام للاستثمار.. (بينت قاسيون الكثير من التفاصيل عن ذلك في أعدادها السابقة تحت عنوان «سورية ليست للبيع»).
التأخير بدفع أجور العمال في الشركات المتوقفة، والخاسرة.
رفع الدعم عن المازوت.
إطلاق يد القطاع الخاص في الأسواق عبر تحريرها داخلياً وخارجياً.
إن مهمة التصدي الحازم لتلك السياسات لا يمكن أن تكون فقط بالإشارة إلى ما تقوم به الحكومة، لأن ما تقوم به الحكومة، وما تنفذه من سياسات، يتجاوز بخطورته حقوق العمال على أهميتها، فهو يمس الأمن الاجتماعي والأمن الوطني لسورية، ويضعف قدرتها على مواجهة المشاريع، وأخذ سورية من الداخل، والداخل يعني الاقتصاد الوطني، وحقوق العمال، ومستوى المعيشة، والحريات العامة.
إن المطلوب هو توافق كل القوى الاجتماعية، والوطنية، ومنها الحركة النقابية، والطبقة العاملة السورية على مواجهة تلك السياسات، وإسقاطها بما يحقق مصالح الشعب السوري وقضيته الوطنية.