آخر ضحايا الخصخصة: معمل الأحذية في السويداء برسم «الاستثمار»!!
بعد الجهود الكبيرة التي بذلتها إدارة معمل الأحذية في السويداء، بالتعاون مع مكتب نقابة عمال الصناعات الخفيفة، لإعادة المعمل إلى وضعه الطبيعي كشركة هامة ورابحة من شركات القطاع العام، جاء قرار طرح المعمل للاستثمار كصاعقة على العمال والإدارة معاً، وهو القرار الذي شمل أيضاً 14 مؤسسة من مؤسسات وزارة الصناعة.
لا يخفى على أحد أن من أهم أسباب تعثر معظم هذه المنشآت، ومن بينها معمل أحذية السويداء، هي الجهات نفسها التي أصدرت القرار، والتي تقاعست طيلة السنوات الماضية عن تقديم أية خدمة لتطوير المعمل وتحديثه، بعد أن تهالكت آلاته وخطوط إنتاجه، ولم تعد قادرة على منافسة آلات وخطوط إنتاج القطاع الخاص، مما جعل المعمل يصل إلى حالة يرثى لها، وبات عاجزاً عن تحقيق أيه خطة إنتاجية سنوية، وأمام هذا الواقع المذري، وبالاستعانة بمقترحات الاتحاد العام لنقابات العمال، بدأ المعمل منذ منتصف عام 2008 بالانطلاق من جديد، واسترداد قوته، وتحقيق مستوى جيد من الربحية مقارنةً بخسائر الأعوام السابقة، حيث بلغت خطته الإنتاجية لعام 2008 ما يزيد عن /117/ ألف زوج من الأحذية، أنتج منها حوالي /63/ ألف زوج، بقيمة تقديرية وصلت إلى /60/ مليوناً و/240/ ألف ل.س، ووصلت مبيعاته في أواخر عام 2008 إلى حوالي /63/ ألف زوج من الأحذية بقيمة /71/ مليوناً و/281/ ألف ل.س، فكانت نسبة الإنتاج /75%/ أي بزيادة /15%/ عن الفترة السابقة. وحسب تصريحات الإدارة فإن خطة هذا العام من الإنتاج تبلغ /117/ ألف زوج، وقد تم خلال الأشهر الأربعة الفائتة إنتاج ما يقارب /35/ ألف زوج، وهذا يؤكد أن الشركة لو استمرت على هذا المنوال فإنها ستحقق نسب إنتاج قد تصل إلى 100% من الخطة الإنتاجية لعام 2009، خاصةً وأن المعمل قد حقق نسبة ربح مالي صاف بلغ /200/ ألف ل.س. وكل المعطيات تؤكد أنه لو استمر تدفق السيولة النقدية بهذا الشكل ، بالتوازي مع توافر المواد الأولية للإنتاج، فإن المعمل ستزيد أرباحه إضعافاً مضاعفة، عكس ما يتداوله البعض من الذين أصبح همهم القضاء على شركات القطاع العام وتخسيرها.
وفي تصريحه لـ«قاسيون»، أبدى نبيل بركات، رئيس نقابة الصناعات الخفيفة بدمشق، استغرابه من قرار الوزارة بطرح المعمل للاستثمار، بعد أن استعاد عافيته وحقق أرباحاً جيدة، مؤكداً أن دور الوزارة يجب أن يصبَّ في إطار عملية تحديث الآلات، ورفد المعمل بالتوجيهات المناسبة الكفيلة بتطوير إنتاجه، وتوجيه شركات القطاع العام لشراء منتجاته. لا أن يتلخص دورها في انتهاز الفرص لعرض المعمل للاستثمار!!
وأضاف بركات أن إنتاج الشركة اليوم يصل إلى نحو /800/ حذاء في اليوم، وهناك دراسة لإمكانية العمل على أكثر من وردية، مما سيزيد نسبة الإنتاج أوتوماتيكياً، خاصة بعد أن تم حصر بيع وشراء الجلود في القطاع العام. وأكد بركات في نهاية تصريحه أن المستثمر مهما قدم من عروض، وأياً كانت جنسيته فإن لن يكون حريصاً على القطاع العام مثل العاملين فيه، وتساءل عن مدى قدرة القطاع الخاص، بعد استثماره للمعمل، على بيع منتجاته بأسعار مخفضة سواء على الصعيد المحلي أو الخارجي، وهل سيبقي المستثمر على كامل الطاقات الإنتاجية للمعمل، وعماله الذين يعدون بالمئات، أم أن هؤلاء «العمال الفائضين» قد باتوا مرشحين للانتساب إلى جيش العاطلين عن العمل؟!!
وفي الختام نقول أن كل الدلائل تؤكد أن المقترحات التي قدمها الاتحاد العام استطاعت أن تعالج الكثير من مشاكل المعمل المزمنة، وأن هناك الكثير من الحلول الأكثر نجاعةً من قرار الاستثمار، اللهم إلا إذا كان وراء الأكمة ما وراءها. فقد علمنا من مصادر موثوقة أن الأراضي المحيطة بالمعمل تبلغ قيمتها الملايين من الليرات، ومساحتها تقدر بحوالي /22/ دونماً، والسؤال: هل هناك صفقات أخرى لا نعلمها خلف الكواليس؟
كل شيء ممكن في ظل هكذا فريق اقتصادي!!