المرأة والقانون في ندوة نقابية
دعا مكتب المرأة العاملة في نقابة عمال التنمية الزراعية النساء العاملات في مختلف المواقع الإنتاجية لحضور ندوة بعنوان «المرأة والقانون» ألقتها المحامية ميساء حليوة في قاعة المؤتمرات بمقر اتحاد عمال دمشق، وبحضور عدد لا بأس به من أفراد الجنس الآخر (الرجال)، من ممثلي المكاتب النقابية ورؤسائها.
أكدت المحاضرة في بداية الندوة أن المرأة العاملة تأثرت على الدوام بالوضع الاقتصادي، وأسلوب وعلاقات الإنتاج التي أعادت صهرها في بوتقة المجتمع، لتصبح رمزاً للثروة والمكانة الاجتماعية والاقتصادية، إلا أن المرأة تضطر لإنفاق جزء من دخلها الشهري على الأشياء غير الأساسية وغير الضرورية، مما يبقيها تحت الفقر رغم نزولها إلى سوق العمل.
وأكدت الباحثة على أن عمل المرأة لم يدخل بعد في الميزان الاقتصادي أو حسابات الناتج القومي، فلو حسبنا ما تقوم به المرأة من أعمال غير مأجورة، داخل المنزل وخارجه؛ في المدينة وفي الريف، لأدركنا أنها تحقق نتاجاً يبلغ مليارات الليرات!
وأبدت المحامية حليوة استنكارها للقانون الذي يهب عمل المرأة للزوج، دون إرادة الواهب وعلمه ورضاه. وتساءلت: هل القطاعات التي تدعم الاقتصاد بمؤسساتها وهيئاتها وأشخاصها تعمل مجاناً؟ لماذا إذاً لا تنال المرأة شيئاً مقابل ما تقدمه من دعم جبار للاقتصاد الوطني؟!!
إن هذا الأمر يستدعي بالضرورة احتساب عمل المرأة الزراعي والمنزلي من الناتج القومي.
واستحقاق المرأة العاملة في المنزل الضمان الاجتماعي والراتب التقاعدي والتعويض، مثلها مثل أي عامل آخر، فلماذا يعتبر القانون أن هناك ظلماً عادلاً وظلماً غير عادل؟!!
والمؤسف أنه كلما كانت المرأة فقيرة كانت تعويضاتها قليلة، وكلما كانت ثرية كان تعويضها كبيراً، وهذه مفارقة غريبة وخطيرة، فالتعويض يجب أن يكون حسب الضرر وليس حسب المستوى الاجتماعي والطبقي.
وإذا افترضنا أن دخل المرأة الشهري عشرة آلاف ليرة سورية، فماذا سيسد هذا الأجر من تكاليف الحياة الأساسية: أجرة المسكن، وحضانة وتربية وتعليم الأطفال، والطبابة، والملبس، والمأكل، والمشرب، والمواصلات والتدفئة. أي بالمحصلة ما معنى حق الطلاق مثلاً، أو الحضانة، أو المسكن عندما لا تستطيع المرأة ممارسته، وأكدت حليوة أن قانون الأحوال الشخصية ما زال يسلخ المرأة السورية المعاصرة عن واقعها الثقافي والفكري والتنموي والحضاري، ويغمض عينيه عن ذلك الواقع، فما علة هذا الانفصام بين قانون الأحوال الشخصية والدستور السوري الذي يؤكد على المساواة بين الرجل والمرأة؟
الوضع العام في البلاد يهمش قضايا المرأة ويضعها في آخر سلم الأوليات، فما يعطي للمرأة بيد يسلب منها باليد الأخرى، وما تأخذه المرأة بالدستور يسلب منها بالقانون، وما يعطيه لها القانون يسلب بالتطبيق العملي. ولكن السؤال: ألا تستحق سورية الآن وهي تمر بنهضة تشريعية وحضارية وثقافية قانوناً أفضل من قانون الأحوال الشخصية الحالي، فهذا القانون هو من صنع بشر جاؤوا قبلنا وقرؤوا وفكروا واجتهدوا وفق معطيات زمانهم ومكانهم، وما كان متيسراً لهم من حقائق ومعطيات وأدوات معرفية، وفق حالة عصرهم الفكرية والسياسية والاقتصادية، ونحن الآن نعيش ضمن معطيات أخرى، ويحقُّ لنا أن نفكر وفق هذه المعطيات، وأن نعدل ما وضعه من جاء قبلنا، أو أن نلغيه.
وأكدت حليوة في نهاية محاضرتها أن القانون عندما يصبح في حالة تعارض مع الدستور، فيجب تعديله بسرعة ليكون أكثر تلاؤماً وعدالة وشمولية وتوافقاً مع الدستور، وخاصة في القوانين الجزائية التي لا تزال تهدر حقوق المرأة.
وبعد نهاية المحاضرة قُدم الكثير من المداخلات وطرح العديد من الأسئلة التي أغنت المحاضرة، واتفق الحضور جميعاً، والذين قارب عددهم المئة، أن المطلوب هو تعزيز السلم والأمان الاجتماعي والاقتصادي، وتحقيق التنمية المستدامة، وحماية الحقوق الأساسية للمرأة والرجل على حد سواء.