بمناسبة تعديلات قانون العاملين الأساسي: إلى متى الاستخفاف بحقوق العمال ؟!!

قانون العاملين الموحد الجديد هو الضمانة المفترضة، والسند القانوني والحقوقي للعاملين في القطاعات الاقتصادية كافةً، وخصوصاً في القطاع الخاص الذي يزداد فيه استغلال حاجة العمال، فها هي تعديلات مواد قانون العاملين، التي خُطَت بالأحرف الأولى عبر محاضر الجلسات المتتالية، قد خُصصت لانتزاع حقوق العامل السوري، وجعله فريسة سهلة بيد صاحب العمل، فمن أهم بنوده: العقد شريعة المتعاقدين، وحق صاحب العمل في إنهاء العقد غير محدد المدة، وبالتالي جواز التسريح التعسفي دون أي مبرر.

يتبين من خلال البندين الأولين أن القائمين على إعداد المشروع يسعون بشكل واضح وفاضح إلى تغليب مصالح ربّ العمل على مصالح العامل، حيث اعتبرت أوساط في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، التي تعد أحد الأركان الأساسية في الإعداد للمشروع، أن القانون النافذ أغفل مصلحة ربّ العمل، فمنذ متى بات ربّ العمل في سلة أولويات الوزارة؟ ولماذا تحاول الوزارة حماية مصالح أصحاب الملايين، بل المليارات في القطاع الخاص؟ الذي تبلغ قيمة تهربه الضريبي سنوياً 200 مليار ليرة حسب الأرقام الرسمية!!

فالتسريح التعسفي يمثل وحدهُ انتهاكاً عظيماً لحقوق العمال، واستخفافاً بمصالحهم، خصوصاً في القطاع الخاص، الذي يجرد العامل في أحيان كثيرة من أبسط حقوقه، بدءاً بحرمانه من التسجيل لدى مؤسسةا لتأمينات الاجتماعية, حيث أن 95 % من عماله خارج المظلة التأمينية لهذه المؤسسة، كما يجبر العاملين على توقيع استقالاتهم المسبقة عند توقيع عقد العمل مباشرة. يأتي ذلك عموماً بالتزامن مع الجولات الوهمية (قبضنا، مشينا وما سألنا) التي تقوم بها لجان التأمينات الاجتماعية.

لقد جاءت التعديلات بالدرجة الأولى تحت إشراف خبراء مكتب العمل الدولي والبنك الدولي، وفي ضوء قانون العمل الفرنسي والمصري والعراقي والأردني، وهذه التعديلات تعطي لصاحب العمل، ما تعطيه اللغة للشعراء من رُخص، من خلال إقرارها بجواز إنهاء العقد غير محدد المدة، وبالتالي جواز التسريح التعسفي دون أي مبرر ، دون أن يكون للنقابة حق التدخل لوقف هذا التسريح، وهذا يذكرنا بإدارة فندق الفورسيزون التي صرفت منذ عدة شهور 21 عاملاً من الخدمة دون أن يكون للعمال المسرحين الحق في الاعتراض على هذا التسريح، الذي جاء دون أي تبرير من الإدارة، لأن هذه المنشأة السياحية الكبرى مستثناة من المرسوم  49، وهذا الاستثناء يعني إباحة الطرد التعسفي.

أما إذا درسنا واقع العمال في البلدان التي تم استقاء مواد القانون منها، والتي يعتبر القائمون على المشروع أن تجاربها هي (تجارب ناجحة)، فإنه يمكن القول، إنه في منتصف عام 2008، قامت شركة الحفر المصرية للبحث والتنقيب عن البترول بفصل 320 عاملاً بشكل تعسفي، بعد فترة عمل تتراوح ما بين 6 سنوات و 25 سنة بعقود دائمة، حيث فؤجئ العمال بقرار  المنع من الدخول إلى مواقع الشركة، ودون إبداء أية أسباب تذكر للفصل التعسفي، وهذه حادثة فصل واحدة من مسلسل الفصل التعسفي اليومي للشركات المصرية المختلفة.

من جانب آخر، كشف تقريرٌ حقوقي أن الإضرابات والاعتصامات داخل صفوف العمال المصريين منذ بداية عام 2007 وحتى منتصف شهر تموز من العام ذاته وصلت إلى 283 احتجاجًا بالقطاعات الثلاثة (الحكومي- الخاص- الأعمال العام)، وتنوعت أشكال الاحتجاجات في هذه القطاعات الثلاثة، حيث كان هناك 117 حالة تجمهر، و85 اعتصاماً، و66 إضراباً 66، و 15 تظاهراً.

وهنا لا بد من سؤال المقتبسين والمولعين بالتجارب العربية والدولية: لماذا تأخذون منها ما يتناسب مع مصالحكم ومصالح الطبقة المخملية التي تنتمون إليها وتجردون العامل السوري من حق التظاهر والاحتجاج والإضراب أسوة بشقيقه المصري، وهو الحق الذي يعد أبسط أشكال تعبير العمال عن سخطهم من الإجراءات الحكومية؟؟

أما بالنسبة لموضوع العقد شريعة المتعاقدين, فبإمكاننا القول إن العامل هو الطرف الأضعف في أي عقد عمل محتمل, خصوصاً بالنسبة للداخلين الجدد إلى سوق العمل، كما أن الإتحاد العام لنقابات العمال الرافض أصلاً للتعديلات الجارية على بعض المواد، وهذه إحداها، اعتبر  وجود مبدأ  العقد شريعة المتعاقدين إلغاءً للقانون فعلياً، لأن ما ينصُّ عليه العقد المتفق عليه بين ربِّ العمل والعامل، هو الأساس وليس القانون!!

وهنا لا بد من السؤال: هل الاتحاد العام لنقابات العمال، ومن ورائه جمهور العاملين المستضعفين، وكل المهتمين والمتابعين، على خطأ؟؟ ووحدها وزارة الشؤون الاجتماعية تعرف الحقيقة المطلقة!! وتحسم منفردة ما إذا كان القانون مناسباً للعمال أم لا؟!!

آخر تعديل على الأربعاء, 27 تموز/يوليو 2016 23:04