بصراحة: الحكومة وأرباب العمل موقف واحد من تسريح العمال!
درجت العادة لدى مدراء الشركات والمعامل على تعيين العمال لديهم على الفاتورة أو بعقود عمل موسمية، كعمال مؤقتين بدلاً عن العمال المحالين على المعاش، أو المستقيلين أو المتوفين، وذلك لسد النقص الحاصل على الخطوط الإنتاجية نتيجة لسبب ما، وهؤلاء العمال الجدد والكثر أيضاً ليس لهم الحقوق التي يتمتع بها العمال العاديون مثل الإجازات والصحة واللباس والحوافز الإنتاجية، وبهذا يفقد هؤلاء العمال حقوقهم الطبيعية وهم معرضون للتسريح في أية لحظة، وهذا لا يكلف هذا المدير أو ذاك سوى جرة قلم وبها يفقد العامل مصدر رزقه، بعد أن عمل وكوَّن الخبرة اللازمة لقيامة بالعمل المطلوب.
لقد أصبحت قضية العمال المؤقتين بكل أنواعهم قضية هامة تمس حياة آلاف العمال وعائلاتهم، والحكومة في موقفها حيال هؤلاء العمال لعدم إيجاد حلول حقيقية تضمن مصالح العمال وحقوقهم التي منحهم إياها القانون، إنما تزيد من تفاقم الأزمة الاجتماعية الحاصلة منذ عقود، وخاصة أنها تزيد من أزمة البطالة التي تتسع كل يوم مع كل قرار جديد تصدره الحكومة أو أي إجراء تقدم عليه، مثل عمليات التسريح الجارية في المواقع الإنتاجية المختلفة، وبالعشرات.
لقد وعدت الحكومة في أكثر من مناسبة بأنها ستسوي أوضاع العمال المؤقتين، وأصدرت في أخر لقاء لها مع قيادة الحركة النقابية التعليمات للتثبيت، ورهنت موضوع التثبيت بشروط استند إليها المدراء للهروب من عمليات التثبيت، حيث بقي الموضوع على ما هو عليه، وبقيت الوعود وعوداً لا أكثر.
وبهذا تكون الحكومة قد مارست فعلاً ما يقوم به أرباب العمل ولا تختلف عنهم بشيء من حيث موقفها من العمال وحقوقهم، وتحديداً موقفها من التسريحات القائمة.
إن النظر إلى قضية العمال المؤقتين بكافة فئاتهم على أساس التوجهات الليبرالية للحكومة وعدم التزامها الفعلي بإيجاد الحلول اللازمة لذلك يضع النقابات وكل القوى الوطنية الأخرى أمام مسؤوليتهم الوطنية بالدفاع عن حقوق هؤلاء العمال ومكاسبهم، وعدم الركون للوعود الحكومية التي تطلقها كلما اشتدت المطالبة بتثبيت العمال وتسوية أوضاعهم وحمايتهم من شبح التسريح الذي يتهددهم في كل وقت بالرغم من أن العمال يعملون على خطوط الإنتاج لسنوات طويلة ولا يمكن الاستغناء عن دورهم في الإنتاج والصيانة وغيرها من العمليات القائمة في الشركات والمعامل.
إن الموقف النقابي الواثق بما تعد به الحكومة دائماً دون أن تنفذ وعودها سيضر بمصلحة النقابات من حيث ثقة العمال بنقاباتهم والالتفاف حولها واللجوء إليها باعتبارها تمثل مصالح العمال وتدافع عن حقوقهم، وأهم ذلك حقهم بالعمل الدائم وهذا ما كفله لهم الدستور السوري الذي نص على مسؤولية الحكومة بإيجاد فرص العمل اللازمة للقادرين على العمل، وإلا ماذا يعنينا من كل البيانات الحكومية وخططها التنموية التي تتحفنا بها إذا لم تساهم في القضاء على أزمة البطالة المتفاقمة عاماً بعد عام، والركون إلى القطاع الخاص ليحلها على طريقته العبثية، والتي لن يحل منها إلا ما يحقق مصالحه ويزيد في نهبه للطبقة العاملة التي تعاني الأمرين الآن بسبب ضعف أجورها وغلاء أسعار المواد التموينية والاستهلاكية، واستلاب حقوقها المختلفة، والتي تساهم الحكومة مساهمة فعالة في ذلك من خلال تبنيها لخطط التنمية ونسب النمو المتدنية التي عملت على مفاقمة الوضع المعيشي، والتي جعلت حياة الفقراء جحيماً لا يطاق.
إن قضية العمال المؤقتين قضية وطنية بامتياز، مثلها مثل زيادة الأجور وتحسين الوضع المعيشي، تحتاج إلى نضال وخوض المعارك من أجلها، لأن في ذلك حماية للأمن الاجتماعي وتعزيزاً للوحدة الوطنية، التي تسعى القوى الخارجية والداخلية المعادية إلى زعزعتها وإضعافها.
إن الطبقة العاملة السورية تمهل ولا تهمل، وستعرف كيف تدافع عن مصالحها، فهل نكون إلى جانبها؟