من الأرشيف العمالي: اللقمة والكلمة
من أهم القضايا التي يمكن أن تحل موضوع العلاقة مع الجماهير الشعبية هي القضايا المتعلقة باللقمة والكلمة أي «لقمة الشعب وكلمته» أو بمعنى آخر حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية. ولكي لا يكون الكلام عاماً، سنتكلم بالملموس:
نحن بلد مواجهة، وتطورنا الاقتصادي حتى نكون بلد مواجهة فعلاً يجب أن يكون عالياً، يجب أن تكون نسب النمو عالية، اليوم نسب النمو تقارب الصفر ومرشحة لأن تهبط إلى ما تحت الصفر، وحسب الدراسات المطلوب نسب نمو سنوية بحدود 7 ــ 8% هذه النسب لا يمكن تحقيقها في ظل النموذج الاقتصادي القائم حالياً. وما يميز هذا النموذج هو الخلل في توزيع الدخول بين الأجور والأرباح، مما يمنع عملية التراكم من أن تجري حتى تسمح بالنمو الذي يؤمن الظروف السياسية والاقتصادية الضرورية للتطور. ولكن كيف يمكن حل هذه المهمة الاقتصادية؟
يجب أن تحل قضية العلاقة بين الأجور والأرباح، ولكن هذه القضية لم يعد لها حل اقتصادي، بإجراءات اقتصادية بحتة، هذه القضية أصبح لها علاقة بالمجتمع ككل، ونقولها بصراحة دون الخلاص والانتهاء من موضوع الفاقد الاقتصادي، والذي يسمى سياسياً «النهب الكبير» والذي يوازي 20% من الدخل الوطني، لم يعد ممكناً النمو.. فكيف الخلاص من هذا الفساد الكبير دون تجنيد قوى المجتمع ضده؟. من هنا فالقضية الاقتصادية بهذا المعنى والقضية الديمقراطية بمعنى تجنيد قوى المجتمع ضد الفساد، والقضية الوطنية مترابطة وتتداخل كلها بعضها ببعض. هذه هي المهام الأساسية أمام القوى الوطنية في الظروف الحالية. أي كيف نحل المشكلة الاقتصادية الاجتماعية ونحقق نسب نمو عالية ونحل مشكلة البطالة التي أصبحت الآن مشكلة سياسية ــ اجتماعية. 50% من العـــاطلين عن العـــمل هم من الشباب وهذا يؤسس لخزان قابل للانفجار في أية لحظة، خزان المهمشين الذين يمكن استغلالهم من قبل أية قوة. هذه القضية بحاجة إلى حل سريع.
إذاً فقضية النمو ــ البطالة ــ العلاقة بين الأجور والأرباح وقضية تمكين المجتمع من ممارسة دوره هي القضايا التي تحتاج إلى بحث جدي، لأنها ترتبط بحياة الناس اليومية، وهذا مانسميه بعلاقة المهام الوطنية بالاقتصادية الاجتماعية وبالديمقراطية.
قاسيون العدد 220 نيسان 2004