عمال حدائق دمشق ...بالوجبة الغذائية يطالبون والهواء يحصدون
أبو الوفا أبو الوفا

عمال حدائق دمشق ...بالوجبة الغذائية يطالبون والهواء يحصدون

يطالب عمال الحدائق، العاملون في مديرية حدائق دمشق، بالوجبة الغذائية، وهي حق من حقوقهم المنصوص عنها بالقانون، ورغم مطالباتهم الكثيرة بهذا الحق لم تفلح تلك المطالبات المتكررة، وكأنهم يحصدون الهواء.

عمل الحدائق شاق وخطر 

يصنف القانون عمل العمال التابعيين لمديرية الحدائق ضمن الأعمال الشاقة والخطرة بآن معاً، ويحصلون بالمقابل على تعويض طبيعة العمل والذي تتراوح نسبته بين 40 – 50 % من الأجر المقطوع، وفق معايير الاختصاص، فعملهم ليس على نمط واحد بل يتوزعون على العديد من الأقسام، وتختلف طبيعة كل عمل وخطورته عن الأخرى، مما ينعكس على اختلاف النسبة التي ستضاف على الأجر كطبيعة عمل، ولكن الذي لا يختلف حالياً هو حرمان الجميع من حقهم بالوجبة الغذائية العينية (البيض والحليب)، فالقانون ينص على أن أي عامل استحق تصنيف عمله ضمن الأعمال الشاقة والخطرة فله الحق بالوجبة الغذائية الوقائية.

الحجة الدائمة لا يوجد أموال

توقف تسليم عمال الحدائق لوجبتهم الغذائية منذ أكثر من خمس سنوات، دون أن يخبرهم أحد عن السبب الحقيقي لذلك الإمساك، بل اكتفت الإدارة بمقولة (ما في مصاري) وكأن حق العمال بالوجبة مرتبط بميزانية المديرية، متناسية بذلك تبعيتها لمحافظة دمشق الغنية بميزانيتها ومواردها المالية، وبقي العمال على مطلبهم والإدارة على تبريرها حتى بداية الأزمة، فنام المطلب بالدروج وخفتت الأصوات عن المطالبة، وكما قال لنا أحد العمال (إذا قبل الأزمة تحججوا بعدم وجود أموال كافية لوجبتنا الغذائية،  فكيف الآن؟).

الوجبة الوقائية حق للجميع

تتبع عشرات المديريات الأخرى بشكل مباشر لمحافظة دمشق، والناحية الإيجابية من الأمر بأن عمال تلك المديريات يحصلون على وجبتهم الغذائية على مرأى ومسمع عمال الحدائق، ومن تلك المديريات الكهرباء والإنارة وهندسة المرور ومديرية النظافة والصيانة، فهذا حقهم، ولكن قمة السلبية هنا ألا يتم إعطاؤها لعمال الحدائق، فهم بطبيعة عملهم لا يختلفون بشيء عن أقرانهم بالمديريات الأخرى.

فهل يمكن إنكار تنوع اختصاصهم ومشقة عملهم وخطورته! طبعاً لا؛ فهؤلاء العمال يرشون المزروعات بالمبيدات الزراعية الكيماوية، وينظفون الممرات والحمامات ويحفرون الآبار ويجهزونها, ويقومون بصيانة محركات الآبار والمحافظة على جاهزيتها, بالإضافة لعملهم في تجهيز بطاريات هذه المحركات، وهم على احتكاك دائم بالملوثات، ناهيك عن عمال التقليم وخطورة استخدامهم للمنشار الكهربائي، وهناك أيضا العمال المسؤولون عن تأهيل منصفات الطرق وحدائقها وتصنيع الأسوار الحديدية مع تركيبها، وكذلك حدادة ألعاب الأطفال وصيانتها، والكثير من الأعمال الأخرى التي لا تقل مشقة أو خطورة عن أعمال باقي المديريات، فلماذا لا يعاملون بالمثل؟ ليس من العدل أن تعامل المحافظة عمالها على مبدأ (خيار وفقوس!) فذلك يترك أثراً بالغاً في نفوس عمال الحدائق، يضاف لضررهم المباشر من فقدان حقهم المشروع بالوجبة الوقائية.

العمال يعتمدون على نقابتهم

يضع بضعة من عمال الحدائق مطلبهم القديم والمستمر بيد اللجنة النقابية، التي لا يخلوا محضر من محاضر اجتماعاتها الدورية منه, وعليه فإن من المفترض أن تكون النقابة مطلعة على هذه الطلبات وتسعى لتبنيها والمطالبة بها عند الجهة المعنية، أي مديرية الحدائق بدمشق ومحافظة دمشق، وقد تم إدراج هذا المطلب بالمؤتمر الأخير لنقابة عمال الدولة والبلديات وتبناه المؤتمر، مما يضع النقابة أمام مهمة الضغط والإلحاح من أجل أن يستقيم الأمر ويعود الحق لأصحابه، فيكفي العمال ما يذوقوه جراء التدهور المعيشي الكبير الذي يعانون منه، وهم في أمس الحاجة لوجبتهم الغذائية الوقائية «اليوم .. اليوم» وليس الغد.