بصراحة: النقابات والدفع باتجاه الحل السياسي

لم يعد خافياً على أحد ما وصلت إليه الأزمة الوطنية من تطورات خطيرة سياسية واقتصادية واجتماعية باتت تهدد الوطن برمتة أرضاً وشعباً بالتفتيت لأسباب كثيرة منها الداخلي ومنها الخارجي، والأمر أصبح يحتاج إلى مواقف واضحة وصريحة من القوى التي يهمها  حماية الوطن مما هو مرسوم له من مخططات أقل ما فيها تجعله ضعيفا، ولا حول ولا قوة له تجاه الحاضر والمستقبل، حيث المطلوب من الشعب السوري أن يرفع الراية البيضاء ويستسلم لقدره الذي يكتبه له الآن أعداؤه في الداخل والخارج، ولا نعني فقط من يحمل السلاح او من يمول هذا السلاح بل هناك قوى كثيرة لا تحمل السلاح، ولكنها تُكمل دور المجموعات المسلحة في إعاقة، ومنع ايجاد مخارج سياسية للأزمة الكارثية التي يعيشها وطننا، وفي تدميرها للبنية التحتية التي هي ملك للشعب السوري دفع ثمنها من عرقه ودمه و جوعه وحرمانه من أبسط احتياجاته التي تُمكَنه من القول أنا موجود على قيد الحياة.

إن التطورات الجارية على الأرض تنذر بعواقب خطيرة، ومنعها يحتاج إلى حراك سياسي، وشعبي يوازي تلك المخاطر، تقوم به القوى بمختلف تصنيفاتها معارضة وموالاة منظمات شعبية وأهلية، وما بينها من الكتل الشعبية التي ليست مع النظام بحلوله، وليست مع المجموعات المسلحة بسلوكها التدميري، حيث لحق بهذه القوى الشعبية الضرر الكبير، وأصبحت تعاني حتى في تأمين لقمة عيشها اليومي، وفي تأمين سقف يؤويها بسبب نزوحها الكبير الذي أجبرت عليه خوفاً على حياتها من القتل والموت اليومي غير المبرر التي تتعرض له، ولهذا لم يعد مبرراً التلطي، والتمترس، والمكابرة خلف مواقف أثبتت الأزمة استحالة تحقيقها بالشكل والطريقة المطروحة لأن من يقرر في النهاية ايجاد الحلول والمخارج للأزمة موازين القوى على الأرض التي من المفترض النضال الحاسم من أجل تعديلها لصالح الحفاظ على الوطن وعلى وحدته الجغرافية والوطنية، وهذا المسعى الوطني يتطلب قطع الطريق على القوى المعادية للحل السياسي، وبدء الحوار بين السوريين في الداخل والخارج النابذين للعنف، والرافضين للتدخل الخارجي، وخاصةً العسكري منه، عبر الدفع، والضغط لكي يصبح الحل السياسي هو الأساس في الخروج الآمن من الأزمة، ويمكن أن تلعب هذا الدور العديد من القوى الوطنية، والشعبية، في مقدمتها الحركة النقابية بما تملك الحركة من رصيد وطني ومن إمكانية حقيقية للعب هكذا دور عبر النشاط السياسي باتجاه الحل السياسي، والحوار، وعبر النشاط النقابي المكثف مع الطبقة العاملة، والتواجد الفعلي معها  في مواقعها الانتاجية المتبقية التي يجب الحفاظ عليها ومنع انهيارها مهما كانت التكاليف التي ستدفع، حيث تعرض الكثير منها وما زال يتعرض لعملية اعتداء واضحة أهدافها ومراميها، وهو ضرب البنية التحتية للاقتصاد الوطني، وإنهاك الدولة على طريق إنهاء دورها الذي تقوم به الآن وإن بحدوده الدنيا الذي من المفترض العمل بكل الوسائل والطرق لتعزيز هذا الدور الذي هو رمز الوحدة الوطنية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ولا يجوز تحت أي ظرف التخلي أو التراجع بل لابد من القيام بجزء من مهام الدولة، وذلك في المساعدة على حل مشكلة المهجرين، وتقديم المساعدات المختلفة التي تخفف عنهم وطأة التهجير والتشرد، والمساعدة على تنظيم الشؤون اليومية للمواطنين في الأفران، ومحطات توزيع المشتقات النفطية الحكومية، وغيرها من الأعمال التي يمكن للنقابات القيام به.

رهاننا على دور خاص للحركة النقابية في الظروف الحالية كبير فهي قادرة على حمل جزء مهم من القضايا المطلوب حلها، وهذا يتطلب التعبئة وتنظيم صفوف الطبقة العاملة، وفتح باب الحوار والنقاش معها حول القضايا الوطنية وأهمية الدفاع عنها، وأن لا يترك ذلك الفراغ بين قيادة الحركة وقاعدتها كي لا يدخل من يعبئ الفراغ باتجاه آخر لا يخدم قضية الدفاع عن الوطن تحت شعارات تلامس هموم ومطالب الطبقة العاملة التي غيبت طويلاً بفعل سياسات وتوجهات مدروسة فعلت فعلها في عوامل تفجر الأزمة.