تأثير الأزمة على الصناعة والعمال: 70% من رجال الأعمال نقلوا أعمالهم خارج سورية، جراء الحصار و غياب الأمن

يعتبر قطاع الصناعة من أهم القطاعات الحيوية المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، والذي له دور كبير في تحريك عجلة الاقتصاد السوري، إلا أن هذا القطاع تعرض لنكسات عدة منذ بداية الأزمة السورية، وبلغت ذروتها في الآونة الأخيرة عندما تحولت الأزمة من سياسية إلى مواجهات مسلحة، ليساهم هذا التطور الأخير في مسار الأزمة، بعرقلة سير قطاع الصناعة وشل حركته كلياً، ومما دفع الكثير من رجال الأعمال وأصحاب المنشآت الصناعية، إلى إغلاق منشآتهم الصناعية في سورية، ونقل أعمالهم إلى الدول المجاورة، كـ « مصر وتركيا والأمارات، والولايات المتحدة، وكندا، وأوروبا »، إضافة إلى غياب الأمن، وعدم القدرة على حماية المدن الصناعية، حيث تعرض عدد كبير من المنشآت الصناعية في سورية إلى أعمال نهب وسرقة و تخريب، و تعرض بعض الآخر للقصف نتيجة تصاعد وتيرة العنف والعنف المضاد، واللجوء إلى الحلول الأمنية، واستخدام مختلف الأسلحة الثقيلة، التي لا تفرق بين ما هو عام وخاص، لتطال آثاره عدداً كبيراً من هذه المنشآت بأضرار وخسائر كبيرة في مختلف المحافظات السورية.

هجرة رؤوس المال

مع تصاعد وتيرة العنف في سورية وغياب الأمان، اضطر عدد كبير من رجال الأعمال، إلى إغلاق منشآتهم الصناعية في سورية، ونقل أعمالهم إلى الدول المجاورة، بعد تعرض عدد كبير منها لنهب والحرق والتخريب، و تعرض بعضها للقصف بشكل مقصود أو غير مقصود خصوصاً في المناطق المتوترة كـ « حلب» التي تعتبر العاصمة الصناعية في سورية، والتي تساهم بأكثر من 70% من الناتج المحلي، وتشير التقارير الإعلامية إلى أن أكثر من 75% من معامل حلب مغلقة، نتيجة تصاعد وتيرة العنف فيها، إلى حد بات فيها من الصعب استمرار هذه المنشآت بالعمل فيها، كما تشير هذه التقارير عن تزايد حجم استثمارات رجال الأعمال والصناعيين السوريين في بعض الدول خلال الأشهر الماضية ومنها «تركيا ومصر والولايات المتحدة وكندا ودول من أوربا»  ذلك بعد إغلاق منشآتهم في سورية.
وأضطر أكثر من 70% من كبار رجال المال والأعمال لنقلها خارج سورية وتأسيس أعمال بديلة في الخارج، حيث التي تم تفكيكها من بعض المصانع يقدّر ثمنها بعشرات ملايين الدولارات، وهي عموماً مصانع تحويلية وهندسية، كما أن نحو نصف مليون عامل فقدوا وظائفهم خلال السنة الأخيرة، وارتفعت البطالة إلى نحو 40% من قوة العمل،

 

أخطار تتهدد المصانع و العمال

 في ظل غياب الأمن، وعدم استجابة الحكومة والجهات الأمنية لنداءات المطالبة بحماية المنشآت الصناعية والمدن يستمر تعرض المصانع في سورية سواء ضمن المدن الصناعية أم خارجها لعمليات نهب وسرقة مستمرة ابتداء من «سرقة منتجاتها، وتفكيك آلياتها وسرقتها، وسرقة السيارات الخاصة بها، و انتهاء باختطاف أصحابها بهدف ابتزازهم وطلب الفدية منهم، مقابل الإبقاء على حياتهم .
إلا أن المشاكل التي تعاني منها المصانع في سورية لم تتوقف عند حد السرقة والنهب والتخريب والحرق من العصابات المسلحة، بل تواجه هذه المصانع خطر تعرضها للقصف أيضاً، و التي قد تودي بحياة العمال فيما لو حدث أثناء وقت الدوام، وفي المناطق المتوترة كـ «حلب، وحمص، وحماة، وإدلب، ودمشق و ريفها» حيث أن العنف والعنف المضاد و القصف الذي تتعرض له هذه المناطق لم يستثن المعامل والمصانع فيها أيضاً، خصوصاً تلك المنشآت الصناعية الصغيرة ذات الميزانية المحدودة الموجودة ضمن المدن والقرى السكنية، والتي يعتبر أصحابها من أكثر المتضررين نتيجة ضعف ميزانيتهم، والتي لا تسمح لهم فيما لو تعرضت منشآتهم الصغيرة، للقصف أو الحرق، تعويض ما خسروه، كما حدث مع المنشأة الصناعية الصغيرة الموجودة في «ريف دمشق» على سبيل المثال لا الحصر، و التي عاد أصحابها إلى مرحلة الصفر بعد ما دمرت مصانعهم بما فيها من آلات و منتجات.

تسريح تعسفي بلا مقابل

ومن المشاكل التي تتعرض لها المصانع في سورية أيضاً، تغيب العمال عن العمل في حال نشوب الاشتباكات المسلحة داخل المدن والقرى، وما يرافقها من إغلاق لطرقات وشل حركة المواصلات فيها، مما سيؤثر سلباً على عجلة الإنتاج وتوقفها لأيام طويلة، إضافة إلى عدم قدرة هذه المصانع نقل منتجاتها إلى السوق، أما بسبب الطرقات المغلقة، وأما خوفاً من تعرض شاحنات نقل البضائع لسرقة على الطرق من على يد العصابات المسلحة، كما أن تعرض شاحنات نقل البضائع لسرقة، يمنع هذه المصانع من الحصول على المواد الخام، الضرورية في صناعاتهم، نتيجة عدم توفر الأمان عبر الطرقات و خصوصاً بين المحافظات، الأمر الذي سيؤدي إلى عدم القدرة على إيصال البضائع إلى الموانئ لتصديرها، أو نقل ما تم استيراده من مواد خام أولية، مما سينعكس على عجلة الإنتاج، و بالتالي على العامل، حيث أن كثير من المنشآت الصناعية نتيجة هذه الظروف و العوامل، اضطرت إلى تسريح أعداد كبيرة من عمالها، لعدم قدرتها على تحمل نفقات أجورهم، وفي حالات أخرى تسريح العمال كافة نتيجة إغلاق المعمل أو المصنع بشكل كامل.

وتحدث أحد أصحاب المنشآت الصناعية الصغيرة الخاصة بصناعة الأجبان و الألبان في حمص، لـ «قاسيون» عما حل بمنشأته فقال: كنت أملك منشأة صغيرة أسستها بإمكانيات بسيطة، وكنت أعتمد عليها كلياً في إعالة أسرتي، فهي مصدر رزقي الوحيد، لكنها دمرت بالكامل جراء تصاعد العنف والعنف المضاد في المنطقة الموجود فيها مصنعي، حيث تعرضت للقصف، كغيره من الأبنية التي دمرت بشكل كامل، منذ فقدت مصنعي الصغير انتقلت للعيش في دمشق، كي لا أخسر أفراد عائلتي كما خسرت مصنعي .