العمال المُندَبون.. من ينصفهم؟
سمر علوان سمر علوان

العمال المُندَبون.. من ينصفهم؟

ما زالت الحكومة تتغنى، في كل اجتماعٍ وملتقىً عمالي، بكتلة الرواتب الكبيرة التي تقدم لآلافٍ من العمال السوريين المتوقفين عن العمل، بعد خروج معاملهم من الخدمة، بسبب الأزمة الطاحنة التي لم تبق ولم تذر. 

وبعيداً عن مِنّة الحكومة ووزاراتها، يعيش آلاف العمال ظروفاً صعبة للغاية في ظل تدني قيمة الأجور، وعجزها عن تلبية أبسط مقومات الحياة، ويجد كثيرون أنفسهم مضطرين إلى البحث عن عمل آخر، رغم استمرار حصولهم على أجورهم الزهيدة. 

وزاد الطين بلة!

وفي ظل غياب أية بوادر لعودة بعض المعامل والمنشآت المدمرة بالكامل إلى الخدمة، لجأت الجهات المعنية إلى ندب عمال المنشآت المتوقفة إلى منشآت أخرى، بحجة أنه من غير المعقول أن تستمر الدولة في منحهم أجورهم دون أية إنتاجية تذكر. 

وقد تسبب تطبيق هذا القرار بأسلوب يفتقر إلى المنطقية والحكمة بمشكلات إضافية، زادت الطين بلة وأثقلت كاهل المعمل والعامل، على حد سواء. 

من عمال إدلب إلى محالج حماه!

وكان الملتقى الأول للغزل والنسيج، الذي أقامه الاتحاد العام لنقابات العمال، قد شهد بوادر طرح هذه المشكلة والمطالبة بحلول منصفة للعمال المتضررين، إذ طرحت قضية ندب 700 عامل من عمال إدلب إلى محالج حماه، مع العلم أن هذه العمالة غير مؤهلة للعمل في المحالج، ليس بسبب افتقارها إلى الخبرة اللازمة فحسب، وإنما نتيجة لمتوسط أعمار العمال المرتفع أيضاً، إذ أنه يجعل من الصعب عليهم أداء الأعمال التي تتطلبها المحالج، وفي مقدمتها نقل الحمولات الثقيلة من الأقطان. 

وما زاد الوضع سوءاً هو أن هذه العمالة، التي تم ندبها من إدلب، قد جاءت لتحل محل العمالة الموسمية التي لطالما اعتمدت عليها المحالج، إذ تزامن قرار الندب مع قرار بفصل العمال الموسمين، على اعتبار أنه تم إيجاد بديلٍ يغني عنهم، ما تسبب في حرمان هؤلاء العمال من مصدر رزقهم الأساسي، وقاد بدوره إلى تردي إنتاجية المحالج، بعد حرمانها من الأيدي العاملة الخبيرة. 

كلمات!

كما ظهرت طروحات مشابهة للمشكلة عينها، إذ تحدث رئيس نقابة الغزل والنسيج في حمص عن أن فائض العمالة في المصابغ لا يمكن على الإطلاق تشغيله في المحالج، للأسباب نفسها سابقة الذكر، بدوره رد وزير الصناعة كمال طعمة على هذه المطالب بأن عدم وجود عمل لأولئك العمال، الذين باتت معاملهم خارج الخدمة، يقتضي أن يتم إيجاد عمل بديل لهم في الأماكن المتاحة، «فالدولة تسعى لتأمين عمل لكل عامل فقد عمله، وذلك بما يتناسب مع إمكانياته»، على حد تعبير الوزير! لكن المعالجة الحكومية لهذه المشكلة على ما يبدو تريد أن تخلق صراعاً بين العمال أنفسهم، كما أنها وبتعميق المشكلة تصب في مصلحة الدعاية الحكومية حول مشكلة العمالة الفائضة في القطاع العام الإنتاجي.

إن ما تلقاه هؤلاء العمال حتى اللحظة مجرد كلمات لا تجدي نفعاً للمئات منهم، الذين لا تسمح لهم قدراتهم الجسدية بأداء أعمال لم يألفوها من قبل، ولا تعيد أياً من حقوق العمال الموسمين، الذين وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها مطرودين من معاملهم دون ذنب اقترفوه، مع العلم أن كثيراً منهم يزاول العمل ذاته منذ سنوات.