عمال البناء في القطاع الخاص.. حقوق ضائعة؟

عمال البناء في القطاع الخاص.. حقوق ضائعة؟

يشكل عمال البناء في القطاع الخاص رقماً أساسياً من تعداد عمال البناء على مستوى البلاد، سواء في القطاع غير المنظم، أو في القطاع المنظم في تجمعات الشركات الإنشائية العامة أو الخاصة، حيث لعبوا دوراً مهماً في تشييد أهم المشاريع، في البنية التحتية وصوامع الحبوب والطرق والجسور، وغيرها من المشاريع الحيوية لبنية الاقتصاد السوري بمجمله.

في المراحل السابقة «ما قبل الأزمة» كان قطاع البناء الخاص ناشطاً، سواء في التشييد أو الإكساء، بسبب تحقيقه للأرباح الخيالية عبر المضاربات على أسعار البناء، أو في المناقصات التي أوصلت الأسعار إلى حدود خيالية، وهذا أدى إلى توظيف رأس مال كبير للاستثمار في هذا القطاع، سواء عبر الشركات الخاصة أو عبر المكاتب الهندسية، مما أدى إلى تشغيل واسع لليد العاملة في قطاع البناء لمختلف المهن، واستطاع امتصاص موجات الهجرة الوافدة من الأرياف، بسبب البطالة الواسعة التي سببتها السياسات الاقتصادية، مما أدى إلى هجرات جماعية إلى المدن الرئيسية طالبين للعمل، ولكن أثناء الأزمة واندلاع المعارك العسكرية في المناطق المختلفة أدت إلى توقف عمليات البناء، وبالتالي خسارة العمال لعملهم، وتحولهم إلى عاطلين عن العمل لا يجدون ما يسد رمقهم، ولا يجدون مأوى يأويهم وعائلاتهم، مما دفعهم نحو خيارات عدة؛ إما البقاء في الوطن وتحمل تبعات البقاء، أو الذهاب إلى خيار الهجرة إلى الدول المجاورة (لبنان،الأردن،تركيا)، وهذا عرضهم لأبشع عملية استغلال، وإلى الاستثمار بأشكاله كلها، السياسية والأخلاقية، أي أن العمال قد تركوا لمصيرهم الأسود يواجهون قدرهم بصدر عار، ليس هناك من يحميهم أو يدافع عن حقوقهم، التي تنازلوا عنها مرغمين.

ليس هناك من احصائيات دقيقة لعدد عمال البناء غير المنظمين، سواء في نقابات العمال أو المكتب المركزي للإحصاء، وكذلك ليس هناك معرفة واضحة بتوضع المشاريع التي تنفذها الشركات الإنشائية الخاصة من أجل أن تقوم النقابات بتنظيمهم في النقابات، مع العلم أن الشركات الخاصة تضم في صفوفها ألوف العمال الذين لا يخضعون لقانون ينظم علاقتهم مع أرباب العمل، وبالتالي حرمانهم من أية إمكانية للدفاع عنهم، ليس هذا فقط بل أن النقابات، التي يعنيها شأن عمال البناء في القطاع الخاص، لم تقم بما هو مفروض عليها القيام به بالتعريف بدور النقابات والخدمات التي يمكن تقديمها للعمال، وأشكال الحماية القانونية التي يمكن أن تقوم بها النقابات في تثبيت حقوق العمال المختلفة، خاصةً وأن أصحاب المشاريع لا يقدمون بياناً صحيحاً عن عدد العمال الذين يعملون في منشآتهم من أجل تأمينهم، في حال حدوث إصابات العمل، التي تصل في هذه المشاريع إلى حد الموت أو العاهة الدائمة.

هذا الواقع يفرض على النقابات القيام بجهود كبيرة، من أجل تنظيم العمال وجذبهم وحماية حقوقهم، خاصةً في ظل السيادة الحالية  للسياسات الاقتصادية الليبرالية، وهي منحازة كلياً لصالح أرباب العمل، سواء بالقوانين أو التشريعات، أو بتكريس وضع معيشي يتدنى باستمرار، وبالتالي يدفع أعداداً متزايدة من العمال إلى حافة الجوع.

مرحلة إعادة الإعمار التي ترى الحكومة في قانون التشاركية مدخلها الرئيسي للبدء به، وبالتالي فإن المرحلة القادمة ستكون مرحله مفصلية بالنسبة لنقابات عمال البناء عليها التحضير لها، خاصة مع استمرار القوانين التي تسهل عمل الشركات الخاصة، وتصعب عمل النقابات، في ظل عدم الاستعداد لهكذا وضع، والذي يتطلب:

• تعديل قانون العمل رقم 17، ليشمل عمال البناء في القطاع الخاص متضمناً مصالحهم وحقوقهم.

• أن تكون النقابات طرفاً أساسياً في عقود العمل بين العمال وأرباب العمل، وخاصةً في الشركات الإنشائية الخاصة.

• تنظيم العمال في مواقع العمل، من خلال الدعاية والإعلان والتعريف بدور النقابة وما تقدمه من مزايا تشد العمال إلى التنظيم النقابي.

• تطوير وتوسيع دائرة المزايا والخدمات.

• إنشاء مكتب قانوني مهمته الدفاع عن حقوق العمال أمام المحاكم.

• تقديم لوائح سعرية للأعمال التي يقوم بها العمال، تكون متناسبة مع الأسعار الدارجة وتطوراتها، وتكون دليلاً في حل الخلافات الناشئة بين العمال وأصحاب العمل.

•دورات مهنية لتطوير العمال مهنياً، والتعريف بضرورات الصحة والسلامة المهنية والأمن الصناعي.     

آخر تعديل على الأحد, 31 كانون2/يناير 2016 00:13