بصراحة: الانتخابات العمالية.. وضرورة التغيير!

الدورة الانتخابية الخامسة والعشرون في مراحلها النهائية، ومن هنا لابد أن تقيم النقابات تجربتها خلال هذه الفترة من العمل النقابي، وإلى أي حد نجحت في تطبيق قراراتها الصادرة عن المؤتمر العام على مختلف الصُعد السياسية والاقتصادية والعمالية، والمراجعة هذه ضرورية، ولاسيما أن الطبقة العاملة مقبلة على استحقاق انتخابي في ظل تغيرات حقيقية تجري على الأرض، خاصةَ مع إقرار الدستور الجديد بحقوق للطبقة العاملة لم يكن يعترف بها الدستور السابق، وأهمها حق الإضراب عن العمل، وأن يكون الحد الأدنى للأجور متطابقاً مع متطلبات المعيشة، وهذا التطور الدستوري يضع على عاتق الحركة النقابية، والطبقة العاملة صياغة برنامج، وإيجاد آليات عمل، وقانون انتخابي متوافق مع ما جرى  إقراره بالدستور الجديد للعمال، لأن ما هو قائم الآن أثبتت الحياة، والتجربة، عدم صلاحية استمراره  للنضال النقابي، والعمالي في المرحلة القادمة التي تتطلب من الحركة النقابية، والعمال المواجهة المباشرة مع السياسات الليبرالية سياسياَ و اقتصادياَ واجتماعيا، ولكي تنجح المواجهة مع هذا العدو الطبقي لابد من حشد كل القوى الوطنية، وفي مقدمتها الطبقة العاملة السورية، التي من المفترض أن تتبنى برنامجاَ حقيقياَ من أجل التغيير السلمي الجذري الشامل، يعبر عن مصلحة الشعب السوري في عملية التغيير، في مواجهة قوى الفساد، والتطرف من كل شاكلة ولون، التي أوجدت المقدمات الحقيقية للأزمة الوطنيةَ وساهمت مساهمة فعلية في تجميع الحطب اللازم و إشعاله، والعمل على استمرار لهيب الأزمة مشتعلاَ من خلال افتعال الأزمات، والاختناقات المعيشية، مساهمةَ بهذا الفعل، مع العدو الخارجي في إدامة الاشتباك الداخلي العنيف الذي يولُد كل يوم خسائر حقيقية في البشر، والحجر، والأرزاق، ويهدد الوطن أرضاَ وشعبا، ويجعل إمكانية الخروج الآمن من الأزمةَ، إمكانية يكتنفها التعقيد.

الحركة النقابية، تعيش حالة تراجع في دورها المفترض أن تلعبه تجاه الدفاع عن الاقتصاد الوطني، وحقوق الطبقة العاملة، ومكاسبها، وخاصةَ مع تبني اقتصاد السوق الاجتماعي، وسيادة السياسات الليبرالية التي حولت الوطن برمته إلى سلعة يمكن المساومة عليها، والمواجهة معها لم تكن بمستوى الهجوم الذي شنته قوى السوق، ويؤكد ذلك نتائج فعل تلك السياسات على مجمل الحياة العامة للشعب السوري، والسبب المباشر الذي جعل النقابات ليست في مستوى المواجهة تلك أنها فاقدة لحريتها في اتخاذ القرارات الحاسمة، والحازمة في اللحظة، والطريقة  المناسبة، لأن بعض القيادات تعتبر نفسها شريكة حقيقية للحكومات المتعاقبة  في قراراتها المتخذة وتدافع عنها كما كان يجري في اجتماعات مجلس الاتحاد العام، حيث كانت مواقف الكوادر النقابية على العكس من ذلك تماماَ وأبدت تخوفاً حقيقياً مما يجري على الأرض من خطوات كارثية على الاقتصاد الوطني برمته، وعلى مصلحة العمال  في  حقوقهم، ومكان عملهم.

إن جذر الموقف النقابي يكمن في قانون التنظيم النقابي الذي استمر العمل به منذ ستينيات القرن الماضي، وإلى الآن، ولم يجر عليه تعديلات حقيقية تخرج الحركة النقابية من حالة اللا فاعلية التي هي عليها الآن بين ضرورات المواجهة والتصدي للعدو الطبقي، والكوابح الموضوعة أمامها في قانون التنظيم النقابي الذي ينتقص من استقلاليتها الحقيقية، وهذا ينعكس بدوره على علاقتها بالحركة العمالية، من حيث تمثيلها لهم، وقناعتهم بهذا التمثيل، الذي يشوبه عدم الرضا من العمال للطريقة التي يصل بها من يمثلهم إلى المواقع النقابية المختلفة، وهذه الطريقة شبيهة بالأنظمة الانتخابية الأخرى التي يعرف بها الفائزون  سلفاً.
المطلوب ونحن في بدايات التحضير لدورة انتخابية جديدة إعادة النظر بقانون التنظيم النقابي الذي أكل الدهر عليه، وشرب، يؤكد فيه بوضوح على:
استقلالية الحركة النقابية عن الهيمنة الحزبية من كل شاكلة ولون لأن الحركة النقابية هي ملك لكل العمال السوريين بغض النظر عن الانتماء السياسي للعامل.
التأكيد على الحريات النقابية والديمقراطية التي أقرتها منظمة العمل العربية والدولية، ووقعت عليها سورية.
عدم إتباع نظام القائمة المغلقة في الانتخابات النقابية القادمة، لأن ذلك يتيح المجال لتشكيل قوائم عمالية تتنافس بحرية لتمثيل العمال.
إعادة الاعتبار لدور الهيئة العامة في المعامل، والشركات في إقرار سياستها العامة في المصنع أو التجمع العمالي، وحقها في عزل، ومحاسبة ممثليها.
خضوع أعضاء الهيئات جميعاَ ابتداء من اللجنة النقابية، وحتى المكتب التنفيذي في الاتحاد العام للانتخاب المباشر، وعدم اللجوء للتعيين إطلاقا.
أخيرا نتوجه إلى كل الكوادر النقابية، والمهتمين بالشأن النقابي، والعمالي المساهمة في فتح أوسع حوار حول آفاق العمل النقابي، والعمالي، وتجربة الحركة النقابية، سواءَ عبر الندوات، أو بالكتابة المباشرة إلى جريدة«قاسيون»