الخطوة الأولى.. حوار عمالي

الخطوة الأولى.. حوار عمالي

تزامناً مع الإعلان عن مواعيد انعقاد المؤتمرات النقابية أقام المكتب العمالي لحزب الإرادة الشعبية يوم الجمعة 15/1/2016 ورشة عمل عمالية نقابية بدار الطليعة بدمشق حيث وجهت دعوات مسبقة لعدد من العمال النقابين وأعضاء لجان نقابية في تجمعات إنتاجية وإدارية ولأصدقاء نقابين مخضرمين من أصحاب الخبرة في العمل النقابي.

تضمنت ورقة العمل المقدمة لورشة العمل ثلاثة محاور أساسية:

أولاً: تقييم الدور الحالي للنقابات وطنياً وسياسياً واقتصادياً اجتماعياً وطبقياً، ووضع رؤية للدور اللاحق.

ثانياً :بنية النقابات التنظيمية ومن ضمنها مفهوم الانتخابات والديمقراطية وسيادة المؤتمرات، وواقع اللجنة النقابية، و تمثيل القواعد العمالية.

ثالثاً: المؤتمرات ووظيفتها، والدور المناط بها من أجل وضع الرؤية الإستراتيجية للمرحلة القادمة، و بحث آلية المحاسبة بين مؤتمرين.

أغلبية شبابية و زخم المخضرمين

وكان لافتاً حضور العنصر النقابي الشاب وكذلك الحضور الهام للشابات النقابيات وكذلك الحضور المنوع بالنسبة للنقابات التي يمثلونها فقد حضر نقابيون من نقابة الغزل والنسيج والكيماوية والمصارف والغذائية والسياحة والدولة والبلديات والبناء ونقابات أخرى، وأيضاً تنوع التمثيل بين القطاع العام والخاص وباختلاف انتماءاتهم السياسية. وقد أضفى حضور النقابيين المخضرمين زخماً كبيراً من خلال مداخلاتهم وأرائهم وحضورهم وإنصاتهم لأفكار وأطروحات النقابيين الشباب باهتمام بالغ.   

وحدة التنظيم النقابي أول الأهداف

بدأ عمل الورشة بمقدمة مختصرة من المكتب العمالي في حزب الإرادة الشعبية رحب فيها بالعمال، وانتقل لعرض محاور الورشة وتفاصيلها وكذلك آلية نقاشها ووضع تصوراً أولياً وخطوطاً عامة لبناء الأفكار الذي تم لاحقاً، حيث أكد على أهمية اللقاءات العمالية الدورية وبأنها تساهم في لحمة التنظيم النقابي، وبأن الحوار مطلوب في هذه المرحلة خاصة مع التدهور الكبير لواقع الطبقة العاملة المعيشي والتراجع في دور الحركة النقابية، وضرورة فتح أوسع أبواب النقاشات وتبادل الرؤى من أجل الحفاظ على وحدة الحركة النقابية من خلال استقلالية كاملة ودور حقيقي يستطيع فرض وزن الطبقة العاملة في صراعات ستحتدم رحاها مع بدء الحل السياسي الذي بات قريباً.

مداخلة المكتب العمالي

عرجت المداخلة على محاور ورقة العمل كافة وأضاءت على مجمل الخطوط العامة، وخاصة في الجانب الاقتصادي، حيث أكدت على نمط توزيع الثروة التي أنتجتها السياسات الليبرالية الاقتصادية المعمول بها من الحكومات المتلاحقة وتراجع حصة أصحاب الأجور من الناتج المحلي الإجمالي الذي تراجع نسبياً، وما زال في طور التراجع، فيما  ترتفع حصة أصحاب الأرباح وتزداد مستويات النهب من الفاسدين الكبار.

وفي الحديث عن بنية النقابات تم التطرق لموضوعة الأدوات التي تملكها الحركة النقابية من أجل فرض وزنها وانتزاع حقوقها وضرورة فهم هذه الأدوات وتفعيلها وتعزيزها ومن بينها حق الإضراب مدفوع الأجر، المكفول دستورياً، وأهمية تكوين رؤية عامة وبرنامج متكامل ومنسجم ومستمد من واقع الطبقة العاملة، وواقع المرحلة التي تمر بها، والعودة لمبدأ الانتخابات كضرورة موضوعية من أجل تقوية البنية التنظيمية القادرة على استعادة الدور الحقيقي للتنظيم النقابي، وكذلك أهمية التمثيل الفاعل للقطاع الخاص في البنية التنظيمية بما يتناسب مع حجمه الفعلي.

مداخلة نقابي مخضرم

أكدت مداخلة احد النقابين المخضرمين على أهمية عقد هذه الاجتماعات والحوارات بين القوى التقدمية وبضرورة التحلي بهذه الروح المنفتحة على الآخر لتمكين الحركة النقابية من التغلب على هزائمها التي نجحت المؤسسة النقابية في تخفيف وطأتها قدر الإمكان، وبأن استمرار الحوار بين مختلف القوى التي تعمل في القواعد العمالية كفيلة بإنهاء الاستغلال في المعارك القادمة، وليس تخفيف أعبائه فقط، كما يحصل حالياً.

وأضاف تعصف بنا أزمة وطنية  كبيرة ولا يجب أن نسمح بتمرير سياسات مضرة بالطبقة العاملة بحجتها. وتحدث كذلك عن ترابط العامل الموضوعي والذاتي وأضاف بأن خصومنا يختارون أفضل من يمثلهم وعلينا أن نفعل ذلك. ويجب اختيار ممثلين للعمال يكونوا قياديين بحق، وخاصة في القيادات القاعدية، وبأن المؤتمرات لن تحل المشاكل، بل النضال اليومي للنقابيين، والصبر دون الاعتماد على الزمن لحل مشاكل العمال، وضرورة وعي العامل لحقه الانتخابي في اختيار من يترجم النضال إلى قوة مادية تواجه وتدافع عن الحقوق والمكتسبات، واستثمار الإرث النضالي الكبير، وكذلك ضرورة تقوية التمثيل العمالي في مجلس الشعب كون التوازنات الموجودة قد مررت قانون التشاركية. 

أفكار متعددة.. وهمُّ واحد

نقابية من المصارف تحدثت عن أنها جديدة على العمل النقابي وبأن دور النقابات حالياً ضعيف، وبأن أدوات اللجنة النقابية شبه معطلة، بفعل هيمنة البعض عليها، حيث ترتبط أغلب اللجان بالإدارة، مما يجعلها بعيدة عن عمالها. وأضافت بأن مقياس دور النقابات رهن بدفاعها عن لقمة العمال وكراماتهم، فيما ذهبت إحدى النقابيات في القطاع الخاص بالنسيج للحديث عن غياب كامل لدور النقابات وخاصة في القطاع غير المنظم، وبأن أية محاولات عمالية لتحسين أجورهم وأوضاعهم ستكون تكلفتها الطرد من العمل، فهل تستطيع النقابات الغائبة عن هذه الشريحة الكبيرة ممارسة دورها؟ وأضافت أن بنية النقابات الحالية لا تمكّنها من لعب دورها، ولابد من وضع رؤية وبرنامج ينقذ الحركة النقابية.

داخل نقابي من «الكيماوية» بفكرة  تسلط الضوء على ضعف الوعي والثقافة النقابية للعمال، وبأن الآليات السابقة للعملية الانتخابية جعلت العمال لا يفكرون في تغييرها، وبأن قناعاتهم السابقة لا تتغير سوى بالتجربة العملية، مما يتطلب حريات نقابية أكبر تتيح رفع نسبة الوعي عند العمال لاختيار قيادات ناجحة وقادرة.

نقابات أم جمعية خيرية

إحدى المداخلات تطرقت لمجمل المحاور، وتحدثت عن الهوة الكبيرة التي تفصل بين القواعد العمالية وبين القيادات الأعلى، وبأن مبدأ الديمقراطية المركزية، والتي تعني أكبر مشاركة في صنع القرار لا تتم أبداً، بل أن آلية التعميم من فوق لتحت هي الغالبة بالتنظيم النقابي، ولابد من إعادة المضمون الحقيقي لمبدأ الديمقراطية المركزية، لا أن تقتصر على المركزية وتجاهل الديمقراطية. ولن تصلح البنية التنظيمية للنقابات إلا باستعادة الدور الوظيفي للحركة، تلك الوظيفة المرتبطة بجوانبها كافة لا اقتصار التنظيم على الدور الخدمي، وكأنه جمعية خيرية أو مستوصف وصندوق مساعدة. وركزت المداخلة على أن الخسائر المتلاحقة أمام السياسات الحكومية التي أفقرت الطبقة العاملة، أوضحت بشكل جلي أن الوزن المتواضع للحركة أمام خصومها يحتم على التنظيم النقابي تفسير هذا التراجع وعوامله وكيفية تغييره واستعادة الأدوات كافة التي تساهم في ذلك. وتساءل المداخل إذا افترضنا أن الحكومة قامت برفع سعر الخبز مجدداً، فماذا ستفعل النقابات؟ أو إذا قامت بخصخصة القطاع العام الصحي أو التعليمي، ما نحن فاعلون؟ ما هي استراتيجية الدفاع عن عمالنا؟ هل نملك أفكاراً؟ هل نملك أدوات فاعلة أم سنترك طبقتنا العاملة بلا مولى أو نصير؟