بصراحة:النقابات في تجربتها الجديدة؟
المؤتمرات النقابية بدأت في المحافظات جميعها التي يمكن أن يعقد فيها مؤتمر، والتعليمات التي أرسلت للنقابات من المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال تنص على ضرورة التغيير في سير أعمال المؤتمرات عما كان متبعاً في السابق، حيث كان عضو المؤتمر يقوم بقراءة مداخلته وتكون شاملة للتقرير النقابي أو غيرها من القضايا التي يرى النقابي أهميتها، من وجهة نظره، وبوجود ممثلي الحكومة ومدراء الشركات. أما في الوقت الحالي فتكون على التقرير المقدم من النقابة ولا يسمح بالخروج عن هذه الدائرة الضيقة في المداخلات.
السياسات الحكومية التي تغذ السير باتجاه مزيد من لبرلة الاقتصاد الوطني وجعله أكثر «انفتاحاً ومرونة» لتوسيع دائرة الانفتاح على قوى الرأسمال العالمي والعربي والمحلي، كل ذلك يجعل بالمحصلة الاقتصاد الوطني برمته في بازار الاستثمارات تحت مقولة كثيراً ما ترددها الحكومة، والنقابات إلى حد ما، بأن الموارد شحيحة، وبالتالي الحاجة ماسة لاستقدام الأموال لكي تقوم بعملية الإعمار والاستثمار في القطاع العام، وهو أحد أبرز رموز السيادة الوطنية، والقاعدة التي يمكن أن تؤمن تطوير الاقتصاد الوطني واستنهاض دوره السياسي والوطني في تحقيق التنمية المطلوبة ونسب النمو الحقيقي الذي يلبي الحاجات الأساسية للشعب السوري. هذا الواقع يفرض ضرورة قراءة التطورات السياسية والاقتصادية من الحركة النقابية من وجهة نظر المصلحة الوطنية، التي هي مصلحة الطبقة العاملة. وهذا يعني تحديد موقف واضح وصريح مما يجري طرحه وإقراره من قوانين أسست في السابق وستؤسس في المستقبل القريب لاستكمال الهجوم على حقوق الطبقة العاملة التي فرض عليها التنازل تلو التنازل، وخاصةً في مستوى معيشتها وأجورها التي يطالب العمال بزيادتها بما يتوافق مع الارتفاع المستمر للأسعار.
إن قيادة الحركة النقابية بطريقة إقرارها الجديد لعقد المؤتمرات حولت المؤتمرات من رسم للسياسات التي من المفترض أن تتحرك النقابات من خلالها والتي من المفترض أنها تعبر عن أعمق المصالح للطبقة العاملة، إلى «معاتبة» بين النقابات والنقابات، في حين أن المواجهة المطلوبة هي مع السياسات الحكومية التي تقود البلاد والعباد إلى أزمات اقتصادية واجتماعية متجددة ولكن عميقة بمفاعيلها السياسية.
إن التجربة الحية لعقد المؤتمرات الحالية ستحول العمال وممثليهم إلى طالبي إعاشة «وجبه وقائية أو لباس عمالي» وهي حقهم، ولكن مهمة النقابات الآن أكثر من ذلك بكثير.