عمال البناء وسط الموت
الطبقة العاملة عبر تاريخها الطويل ونضالاتها في الاستبسال في الدفاع عن مصالحها والمطالبة بحقوقها المسلوبة، نضال استرخص مناضلوه أرواحهم في سبيله، فعملوا على حماية منشآتهم ومعاملهم من الخراب وثابروا على إعادة تأهيلها، وهي التي تحمل في رمزيتها تكثيفاً لجهدهم الطويل في بناء الوطن، إضافة لكونها مصدر أمان في حياتهم، إلا أن المستغرب أن تسترخص اليوم الإدارات بأرواح العمال فتدفع بهم إلى الموت.
فمنذ أن تحولت البلاد إلى ساحات مفتوحة للصراع مع اشتعال الأزمة، طالت المعارك الجارية في الغوطة حيث يوجد أحد معامل الشركة العامة للبناء في حرستا، فقد سيطر المسلحون عليه، وفجرت معارك في داخله ما أحدث أضراراً مادية هائلة في بنى المعمل التحتية بعد أن صار ركاماً وبحاجة إلى إعادة تأهيل بشكل كامل، وفي ما بعد أعاد الجيش العربي السوري سيطرته على الموقع.
تحركت إدارة الشركة على الفور ودون أدنى تفكير بإعادة العمال والذين يزيد عددهم عن 300 عامل إلى المعمل، وتوجههم للعمل على رفع الأنقاض وإعادة تأهيل المعمل، ومما يزيد الأمر سوءاً قيامهم بانتزاع القنابل الموجودة بالمكان بأيديهم، إضافة لوجود العديد من الألغام – بحسب تعبير أحد العمال - التي أدت لإصابة أحد العمال مؤخراً بأحدها، إضافة لكونه مرمى لقذائف الهاون بشكل مستمر وخاصة وأنهم يعملون في العراء، وكأنهم في قلب تلك المعارك التي زجوا وسطها دون حماية، ما يشكل تهديداً مباشراً لهم واستهتاراً من قبل الإدارة.
التهالك بالبنى التحتية والدمار جعل الموقع غير مخدم، ما يجعل من المستغرب أن تعمد الإدارة إلى تعريض هؤلاء العمال لهكذا خطر، رغم كونه غير مؤهل للإنتاج والمنطقة مازالت غير آمنه لإرسال هذا العدد من العمال، وما يزيد الطين بلة أنهم حرموا من حقهم في تعويض طبيعة العمل بحجة أن المعمل لا وهو ينتج ما يظهر تناقضاً واضحاً في قرارات الإدارة وتعسفها واستهتارها في التعاطي مع أرواحهم من جهة، ولقمة عيشهم من جهة أخرى، دون أن تضع هذه الإدارة في حسبانها البحث عن بدائل في تأمين مقر بديل مؤقت أو دائم، أو على الأقل العمل على تنظيف المكان واستئجار آليات لإعادة تأهيله.
هذا الأمر يضع إدارة هذا المعمل أمام المسائلة ويطرح تساؤلات عدة كون رئاسة مجلس الوزراء مع الوزارات المعنية على علم بهكذا قرار، ويرتب عليها إجراءات بحقها لكونها مسؤولة عن أيّة أضرار مباشرة أو غير مباشرة تصيب العمال.