الطبقة العاملة في أوربا تصعد نضالها
الأزمة العامة للرأسمالية التي تتفاقم مفاعيلها الاجتماعية والاقتصادية على الطبقة العاملة من حيث تدني مستوى معيشتها وفقدانها الكثير من الضمانات الاجتماعية، وأشكال الحماية الاجتماعية التي انتزعتها سابقاً في مرحلة توازن القوى بين القوى العظمى،
حيث كانتالقوى الرأسمالية مضطرة لتقديم تنازلات حقيقية للطبقة العاملة في معرض صراعها مع المعسكر الاشتراكي مستفيدة من تراكم الثروة لديها على خلفية نهب بلدان الأطراف، وأيضا بكسب ود النقابات العمالية الصفراء واستمالتها إلى جانبها من خلال تقديم الكثير منالرشاوى التي تبين لاحقاً مدى خطورتها على استمرار العمال في كفاحهم اليومي من أجل المحافظة على مكتسباتهم التي أانتزعها العمال على مدى عقود من الزمن والتي كان ثمنها باهظاً قتلاً وتشريداً وسجناً للكثير من القيادات العمالية التي لم تهادن أو تساوم على مصالحوحقوق الطبقة العاملة بل عملت على إعادة ترتيب البيت النقابي، العمالي بما ينسجم وطبيعة الصراع المستجد مع القوى الامبريالية في مرحلتها الجديدة التي تسجل بداية احتضارها كمنظومة سياسية اقتصادية عسكرية وملامح تشكل فضاء سياسي اقتصادي وعلى الأرجحعسكري أيضاً، ينهي التفرد الذي كان نشأ بعد انهيار الإتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية ويخلق موازين قوى جديدة تسمح بتصعيد النضال الجماهيري الذي أخذ يتصاعد مؤخراً مع اشتداد الهجوم الذي تشنه القوى الرأسمالية على المكتسبات وحالة الرفاه التي كانتتعيش بها الطبقة العاملة وبقية الفئات الاجتماعية كالمتقاعدين وغيرهم .
لقد روجت القوى الرأسمالية بعد انهيار المنظومة الاشتراكية أن لابديل عن الرأسمالية وأنها هي نهاية التاريخ ولكن تطور الأزمة الرأسمالية ووصولها إلى الاقتصاد الحقيقي وتصاعد الحراك الشعبي في أمريكا ومعظم الدول الأوربية ورفعه للشعارات المعادية للرأسماليةوتصاعد دور اليسار في قيادة الحراك الشعبي كما في اليونان واسبانيا والبرتغال كل ذلك جعل نظرية «الرأسمالية نهاية التاريخ» تسقط في الوحل وتصبح في مزبلة التاريخ.
إن التطورات الجارية على الأرض كما أشرنا إليها تجعل الظرف ملائماً لقوى الطبقة العاملة وقوى الحراك الشعبي أن تصعد هجومها باتجاه فرض برنامجها الاقتصادي السياسي مستفيدة من التعديل الذي يجري على ميزان القوى الجديد على الصعيد العالمي حيث يدفع هذاالمزيد من القوى التي كانت مترددة في مرحلة سابقة وأضرت بمصالحها الآن الأزمة العميقة للرأسمالية، إلى ساحة الفعل السياسي الجماهيري مما يوسع من دائرة المواجهة ويظهر طابعها الطبقي الواضح بين قوى الاستغلال والأغلبية المستغلة، وهذه المعركة لهاانعكاساتها وامتداداتها على منطقتنا ولكن عندنا تأخذ طابعها الوطني والطبقي حيث تتداخل المهمتان بشكل عميق ومن غير الممكن الفصل بينهما والسبب واضح وضوح الشمس وهو ارتباط النضال الوطني، مع النضال ضد السياسات الاقتصادية الليبرالية التي لعبت دوراًمهماً في تخريب الاقتصاد الوطني وإنهاكه وإخراجه من معركة التنمية الحقيقية الذي يؤمن حل الاستعصاءات الاجتماعية والاقتصادية .
إن العمل من أجل تأمين كل ما يلزم للدفاع عن الوطن ضد أي عدوان خارجي تخطط له القوى الامبريالية بالتعاون مع حلفائها في الداخل من قوى الفساد الكبير يكون بتأمين المصالح الحقيقية للجماهير الشعبية السياسية والإقتصاديه، و في مواجهة قوى الفساد والعمالة التيعملت على إجهاض الحراك الشعبي السلمي وركوب موجته وحرفه باتجاه السلاح كي يسهل استخدامه بما يحقق المخطط التفتيتي التقسيمي الذي تسعى إليه، وإخراج الحراك، وتحييده عن معركته الحقيقية التي تحرك من أجلها وهي مطالبه المشروعة السياسية والاقتصادية.
إن القوى الوطنية وفي مقدمتها الحركة النقابية والعمالية لابد أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية في تأمين مستلزمات المعركة الوطنية والطبقية وذلك بالدفاع عن مكتسبات الشعب السوري وحقوقه المشروعة الاقتصادية والسياسية وفي مقدمتها ضرب قوى الفساد الكبير، التيهي بوابات العبور لقوى العدوان الخارجي وبهذا تكتمل عوامل الانتصار على العدو الطبقي والوطني في الداخل وعلى الصعيد العالمي .