عمال الحدائق: «ما ضل غير الراتب»
في سلسلة الحقوق المسلوبة للعمال في سورية، كان عمال الحدائق هم إحدى هذه الحلقات الأضعف والتي تم الإجهاز عليها بفعل السياسة الحكومية المتبعة، حيث سلبت حقوقهم وسحبت مكتسباتهم التي تحققت بشق الأنفس.
يبلغ عدد عمال الحدائق في دمشق 3104 عامل دائم ومؤقت بالإضافة إلى 173 عاملاً موسمياً ليصبح المجموع 3277 عامل حدائق وقد جرى تسريح 173 عامل موسمي بعد انتهاء عقودهم كما استشهد العشرات منهم أثناء أدائهم لعملهم خلال الأزمة.
ظروف قاسية
عمال الحدائق يعملون في تنظيف الحدائق والعناية بالجزر الوسطية للطرقات ومتابعة أعمال السقاية للأحواض والتعشيب، وقص وتقليم الأشجار وإزالة الأعشاب اليابسة، ويعملون في ظروف غير ملائمة حيث يقضون جل وقتهم في مناطق مكشوفة متحملين مختلف ظروف الطقس.
الحقوق المسلوبة
حرم عمال الحدائق بالبداية من بدل اللباس، وأصبح العمال يعملون بملابسهم وهذا ما كلفهم أعباء إضافية في ظل غلاء الأسعار، لا يستطيعون أمامه كسوة أنفسهم على حد تعبير عامل حدائق يعمل في دمشق، ليتجاوز الأمر حدود ذلك، ويطال تعويضات طبيعة العمل التي كانت تبلغ 100% وأصبحت 75% بين عامي 2011 – 2013 كما جرى تخفيضها من 65% من الراتب إلى 35% عام 2015، وأغلب العمال يقطنون في أماكن تبعد كثيراً عن مراكز عملهم، ويتنقلون بوسائط النقل العادية، مما يرتب عليهم عبئاً مادياً إضافياً واختفت الوجبة الغذائية الوقائية «بيض وحليب» منذ عام 2011 كما اختفت الحوافز التي كانت بنسبة 40% و50% من الراتب.
علاج طبي «بالواسطة»
أن وسطي راتب عامل الحدائق هو بحدود 18000 ل.س وهو لا يساوي وسطي الأجور البالغ 24000 ل.س، ناهيك عن التأمين الصحي المتردي حيث يخضع هذا الأخير للمحسوبيات «الواسطات» لدى طبيب المستوصف، وكان في السابق على سبيل المثال: يحق للعامل إجراء علاج لأسنانه مرتين في العام، واليوم لا يحق له إلا مرة واحدة، في ظل تراجع الحكومة المستمر عن دورها الرعائي وتجريد العمال من مكتسباتهم وبدء اختفاء الطبابة العمالية شيئاً فشيئاً.
لنسأل: هل يستطيع العامل بهذا الأجر الاستمرار بالحياة وتأمين متطلبات العيش الكريم لعائلته؟ وكيف لهكذا عامل في ظل استنزافه من خلال سلب حقوقه والإجحاف الواقع عليه في ظل هذا الواقع من غلاء وتهديد أمني ومعيشي الاستمرار في العمل؟
تسريح مزاجي
العمال المؤقتون والموسميون يعانون عبئاً مضافاً بسبب التسريح مع بداية الأزمة، فقد تم تسريح أعداد كبيرة بعد انتهاء عقودهم بشكل دائم على الرغم من النقص الشديد في أعداد عمال هذا القطاع، رغم أن هناك من يقبض راتبه بشكل كامل دون أن يتواجد في عمله، حيث يعمل جزء منهم في فلل تابعة لبعض المسؤولين، ما يعكس حجم الفساد والمحسوبيات المتفشية، والتي لا يتم تمريرها إلا على حساب هؤلاء العمال المضطهدين.
حقوق يجب أن تعود
أمام هذا الواقع والحقائق على الأرض، يجب الضغط باتجاه وجوب منح عمال الحدائق تعويض طبيعة العمل المناسب، وإعادة المصروفين من الخدمة والمسرحين وتوحيد شركات التأمين الصحي تحت مظلة المؤسسات العامة السورية للتأمين، ورفع سقف المعالجة السنية وشمول عائلات العمال بالتأمين الصحي، وتثبيت العمال المؤقتين، وتأمين الوجبة الغذائية لهم، وتأمين بدل اللباس.
هذه هي الصورة العامة التي تكشف كيف يعمل ويعيش عمال الحدائق في مدينة دمشق في ظل الأزمة الحالية والتراجع عن المكتسبات العمالية.