حكاية الأول من أيار
قرر عمال استراليا عام 1856 الإضراب عن العمل ليوم كامل من أجل ثماني ساعات عمل، لأول مرة في التاريخ، ولكن فكرة عيد العمال العالمي الكفاحي تعود إلى عام 1886 عندما قرر العمال الامريكيون في مدينة شيكاغو الإضراب عن العمل في الأول من أيار، وفي ذلك اليوم، ترك مائتا ألفٍ منهم عملهم، مطالبين بيوم عملٍ ذي ثماني ساعاتٍ.
«سيأتي اليوم الذي يصبح فيه صمتنا في القبور أعلى من صوتنا الآن»، صرخة أطلقها القائد العمالي أوغست سبايسي قبل إعدامه سنة 1887. هذه الصرخة التي على إثرها، يحتفل اليوم العالم أجمع بعيد العمال هذا اليوم الذي بدأ منذ عام 1886 حينما عمت أمريكا سلسلة من التظاهرات والإضرابات، تطالب بتحديد ساعات العمل بثماني ساعات، وكانت شيكاغو أكثر المدن احتجاجًا.
فقد دعا عمال شيكاغو إلى تمديد الإضراب وعقدوا اجتماعا في منطقة «هاي ماركت».. إلا أن الاجتماع تعرض لقمع السلطات، حيث فتحت النار على العمال، مما أدى لمقتل عدد منهم واعتقال عدد آخر رغم سلمية الاجتماع، لقد حكم على ثمانية من قادة العمال بالإعدام على رأسهم أوغست سبايسي وعدد آخر بالمؤبد، وقد نفذ حكم الإعدام في 11/87. لقد أصبحت أحداث مايو 1886 بمثابة صرخة مدوية لعمال العالم تدعوهم للوحدة من أجل الدفاع عن حقوقهم، وذلك على أثر المجزرة بحق العمال التي حدثت في 1886 واعتبر الأول من مايو يومًا عالميًا للعمال يرمز إلى تحررهم ونضالهم من أجل حقوقهم.
في الوقت نفسه، صارت حركة العمال في أوربا أقوى، وأكثرَ حيويةً. والتعبيرُ الأقوى لهذه الحركة حدثَ في مؤتمر العمال العالمي، سنة 1890. وفي هذا المؤتمر الذي حضره أربعمائة مندوب، تقرّرَ أن يكون يوم العمل ذو الساعات الثمان، المطلبَ الأولَ. هنا أيضاً طالبَ مندوبُ النقابات الفرنسية، العاملُ لافين، من بوردو، بأن يُـعَـبَّـرَ عن هذا المطلب، في جميع البلدان، من خلال توقفٍ شاملٍ عن العمل. 1890، فقرّرَ المؤتمرُ اعتبارَ هذا التاريخ يوماً للإحتفال البروليتاري العالمي.
في سورية ولبنان احتفل مجموعة من الطلاب والعمال الثوريين بالأول من أيار في بيروت عام 1907 كما نظم الحزب الشيوعي في سورية ولبنان أول احتفال كبير في بيروت عام 1925 رافعاً شعارات النضال ضد الاستعمار الفرنسي والدفاع عن الطبقة العاملة الناشئة كما يقول القائد الشيوعي اللبناني يوسف يزبك في كتابه «حكاية الأول من نوار في العالم وفي لبنان» المنشور في ثلاثينات القرن العشرين.