اعتراف رسمي .. التسيب الوظيفي سببه تدني الرواتب
أحدثت وزارة «التنمية الإدارية» بحجة تغيير الصورة النمطية التي تشكلت للمسؤول على مدى عقود من الزمن من خلال إحداث تغير في العقلية والنمطية الإدارية المنتشرة في ظل البيروقراطية وسوء التخطيط وإدارة الموارد البشرية.
لم يترك الوزير مناسبة، إلا وكرر هذه المقدمة على مسامعنا، مع التأكيد على ترشيد آليات العمالة، وتوصيف المهام والمسؤوليات وإجراءات العمل وغيرها الكثير من القضايا التي تراكمت خلال سنوات طويلة وانعكست على الوظيفة وأداء الموظف حسب قوله.
تدني الرواتب
ربط الوزير «حسان النوري» فيما يتعلق بالعوائق والصعوبات التي تعانيها الوظيفة العامة بـ 15 عائق، سنتناول في هذه المادة صعوبة واحدة من مجموع من ذكره، وهي «التسيب الوظيفي نتيجة تدني الرواتب»، إذ بعد أشهرٍ من استلامه الحقيبة الوزارية، ما تزال الوزارة بصدد تقديم ما تسمى «التوصيات» إلى مجلس الوزراء فيما يخص الرواتب والأجور والتعويضات والعلاوات والحوافز والمزايا والمكافآت، واختيار المرشحين لشغل الوظائف والتعليمات الخاصة بالاختيار وتعيين ونقل العاملين، ووضع دليل أخلاق الوظيفة العامة وسلوك الموظف العام، أيّ كأنك يا زيد ما غزيت!!.
إن كانت الحكومة على درايّة أن أسباب الانحرافات السلوكيّة لأي عامل هو تدني المستوى العام للأجور والرواتب بما لا يتناسب مع مستويات المعيشة، واستمرار التضخم بما يدفعهم نحو الكسب السريع وبمختلف الوسائل، وحاجة الكثير من الموظفين للأعمال الإضافية خارج دوائرهم، وبالتالي يؤدي إلى إقامة علاقات مع العاملين مما يؤدي إلى إنشاء علاقات خاصة متعلقة بالرشوة والاختلاس، فلماذا لا تغلق كل هذه الأبواب حتى تتجنب الوقوع في مصيدة الفساد؟!.
الاقتصادي - الاجتماعي
إن كانت الحكومة جادة في وضع حد لمعوقات الإصلاح، فعليها إيجاد حل لشريحة الموظفين أو الفئة التي ارتبطت مصالحها بالفساد، ومحاولة تحديد حجم الفساد الموجود لتجزئة القطاعات ليسهل معالجة كل القطاعات على حدة، وكل هذا لن يتم ما لم يكون ضمن الاقتصادي – الاجتماعي الذي يجب أن يكون في خدمة المواطن أولاً وأخيراً!!.
الطامة ليست بهذه النقاط فقط، وإنما بالحديث الأخير للوزير «النوري» قبل أيام حين قال: «وفيما يتعلق بالسياسات والتشريعات القانونية الناظمة للوظيفة العامة؛ والتي ستعمل الوزارة على تعديلها، سيتم تشكيل فريق متخصص لتعديل قانون العاملين الأساسي والتشريعات المتعلقة بنظام العمل الحكومي، بحيث تكون منسجمة مع المرحلة الراهنة ومسايرة للتطور العام الحاصل في بنية العمل المحلية والإقليمية والدولية». لم نعد نعلم من الصح، الاتحاد العام لنقابات العمال الذي من المفترض قدم رؤيته بهذا الخصوص منذ فترة لا بأس بها؟ أم وزارة العمل التي هي الأخرى تحدثت كثيراً عن التعديل؟ أم عن الحكومة ذاتها؟!.
كرامة العامل
كل هذه الأمور لن تغني أو تسمن من جوع ما لم يتم رفع حقيقي للأجور والرواتب حسب الحد الأدنى المقدَّر بـ 84 ألف ل.س في الشهر، لذلك يبقى السؤال: هل الإصلاح هو التغيير في الأشخاص، أم في القانون وآلية العمل؟ أم في لقمة العيش التي هي من كرامة الوطن والمواطن؟!!