من الأرشيف العمالي: المطلوب من الحركة النقابية
إن بلادنا ومجتمعنا بحاجة إلى حركة نقابية قوية ومؤثرة، تدافع عن مصالح الطبقة العاملة بجرأة وجدية، وهذا مطلب جميع المواطنين و التقدميين لأنهم يعون تماماً أنه في مواجهة قوى السوق المنفلتة من عقالها والتي أضحى لها ممثلوها الرسميون ومطالبها الواضحة لابد من حركة شعبية عمالية عالية التنظيم لمواجهة الضغوطات التي تمارسها قوى السوق المحلية، وبطبيعة الحال فالنقابات مرشحة لأن تلعب هذا الدور لأنها تملك الخبرة والتجربة والتقاليد والكادر الذي يسمح بذلك.
وللحقيقة يجب أن يقال إنه رغم كل الملاحظات الانتقادية التي يمكن أن توضع على عمل النقابات خلال الفترة الماضية بشكل عام، إلا أنها ظلت تعبر في برامجها وطروحاتها عن برنامج القوى الشعبية الجماهيرية المتناقض مع برنامج قوى السوق المدعومة من قبل قوى العولمة المتوحشة، حتى لو بقيت هذه البرامج في معظمها قاصرة في مجال الممارسة والتطبيق على أن تحقق نفسها.
إن هذا الخلل يمكن تصحيحه، وإذا تم ذلك فستزداد فعالية النقابات، وستبرز على الساحة السياسية في البلاد قوة هامة لا يستهان بها، لها رأيها المتميز الذي يمكن أن يشكل قاسماً مشتركاً بين قوى وطنية وتقدمية كثيرة.
ولتصحيح هذا الخلل، لابد من أمور يجب تثبيتها وتأكيدها وأمور يجب الانطلاق نحوها بشجاعة:
- فوحدة الطبقة العاملة وحركتها النقابية هي رصيد هام تم تحقيقه تاريخياً بفضل جهود مخلصة لقوى عديدة وهامة وهو أمر لا يمكن ولا يجوز التفريط به مهما جرى، فهذه الوحدة هي ضمانة الانتصارات اللاحقة التي يجب أن تحققها الطبقة العاملة وحركتها النقابية.
- ولضمان هذه الوحدة لاحقاً لابد من توسيع الديمقراطية في التمثيل النقابي، الأمر الذي سيسمح باختيار أفضل المناضلين النقابيين إلى المواقع القيادية، بغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية والسياسية، لذلك لابد من الابتعاد عن بعض الممارسات السابقة المرتبطة بالقائمة المغلقة وبالضغوطات التي تمارس على بعض المرشحين لسحب ترشيحاتهم في آخر لحظة، كما أن الحياة أثبتت أن الانتماء السياسي للمرشح النقابي ليس شرطاً كافياً لاختياره إلى موقع قيادي بغض النظر عن مواصفاته الشخصية وعن درجة ثقة القواعد العمالية به.
- إن التعبير عن المصالح الحيوية للطبقة العاملة لا يمكن أن يتفق وبأي شكل من الأشكال مع ما كان يقال سابقاً ويروج له بأن النقابات والحكومة فريق عمل واحد.
إن الحركة النقابية في سورية لها تاريخ مجيد وهي قادرة على رغم الصعوبات كلها أن تجد الحلول للمشكلات التي تنتصب أمامها بما يخدم المصلحة الوطنية المرتبطة ارتباطاً عميقاً بمصالح الطبقة العاملة.
قاسيون العدد 188 كانون الأول 2002