علاقات العمل الجماعية في المعايير الدولية!
لقد أكد دستور منظمة العمل الدولية على مبدأ الحرية النقابية، وأعتبرها أحد المبادئ الرئيسة التي نشأت من أجلها، وأحد الأهداف التي حددها الدستور لغايات بلوغها وتحقيقها.
كما أكد على ذلك إعلان المنظمة بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في العمل. وفي هذا الإطار أقرت مؤتمرات العمل الدوليّة صكوك عدّة نظمت شؤون الحريّة النقابيّة وحق التنظيم بدأت بالاتفاقية رقم (11) لسنة 1921 بشأن الحق النقابيّ للعمال الزراعيين، ثم الاتفاقية رقم (84) لسنة 1947 بشأن حق التجمع وتسوية المنازعات العماليّة في الأقاليم غير المتمتعة بالسيادة، ثم توجتّها بأهم اتفاقيتين في هذا المجال وهما الاتفاقية رقم (87) لسنة 1948 بشأن الحرية النقابيّة وحماية حق التنظيم، والاتفاقية رقم (98) لسنة 1949 بشأن تطبيق مبادئ حق التنظيم والمفاوضة الجماعية.
إذ أكدت الاتفاقية (87) على المبادئ التالية: أولاً للعمال وأصحاب العمل دون أي تمييز الحق في إنشاء منظماتهم والانضمام إليها؛ وذلك دون ترخيص مسبق، وفي إنشاء اتحادات، واتحادات عامة والانضمام إليها وإلى المنظمات الدولية.
ثانياً لمنظمات العمل وأصحاب العمل الحق في وضع دساتيرها ولوائحها الإدارية، وانتخاب ممثليها بحرية كاملة، وتنظيم إدارتها ونشاطها وإعداد برامج عملها، كل ذلك دون أيَّ تدخّل من السلطات العامة يقيد أو يعيق هذا الحق، وممارسته المشروعة، ودون أن يكون للسلطة الإداريّة الحق في حل هذه المنظمات أو وقف نشاطاتها.
ثالثاً أن يحترم العمال وأصحاب العمل ومنظماتهم قوانين الدولة في ممارستهم لهذه الحقوق، وأن تتخذ الدولة التدابير اللازمة لضمان ممارسة حقهم في التنظيم بحريّة.
اما الاتفاقية (98) فقد أكدت على المبادئ التاليّة: أولاً تمتع العمال بالحماية من أيّ عمل ينطويّ على تمييز في مجال الاستخدام بسبب انتمائهم النقابيّ، وبشكل خاص جعل استخدامهم مشروطاً بعدم الانضمام إلى نقابة أو مشروطاً بتخليهم عن عضويتها، وإنهاء خدمات أيّ منهم أو الإساءة إليه بسبب الانضمام إلى نقابة أو ممارسة أنشطة نقابيّة خارج أوقات العمل، أو بموافقة صاحب العمل خلال أوقات العمل.
ثانياً حماية منظمات العمال وأصحاب العمل من تدخل بعضها في شؤون الأخرى، وبشكل خاص تشجيع إقامة منظمات عماليّة تخضع لسيطرة أصحاب العمل أو منظماتهم، أو السيطرة على منظمات عماليّة قائمة بوسائل مالية أو بوسائل أخرى. وفي إطار حماية ممثليّ العمال أقر مؤتمر العمل الدوليّ الاتفاقية رقم (135) بشأن توفير الحماية والتسهيلات لممثليّ العمال في المؤسسات لعام 1971 والتوصية رقم (143) التابعة لها، واللتين أكدتا على حماية ممثليّ العمال من التصرفات الضارة بهم، ومن ذلك إنهاء خدماتهم لأسباب تتعلق بممارسة مهامهم، ومراعاة عدم تأثر هذه التسهيلات على سير العمل في المؤسسة، أو على خصائص العلاقة الصناعية في الدولة وحجم المؤسسة وإمكانياتها. كما كان قد أقر عام 1978 الاتفاقية رقم 151 بشأن علاقات العمل في الخدمة العامة والتوصية رقم 159 بنفس الموضوع، اللتين شملتا العاملين في الخدمة العامة بقواعد حماية حق التنظيم النقابي التي وردت في الاتفاقية رقم (98)، مع منح القوانين المحلية إمكانيّة تحديد مدى انطباق هذه القواعد على فئات المستخدمين في المستويات العليا، والمستخدمين الذين تتسم واجباتهم بالسريّة التامة وأفراد القوات المسلحة والشرطة.