إلى وزير العمل الجديد  تعديل بعض مواد القانون/17/ أصبح من الضرورات
أحمد محمد العمر أحمد محمد العمر

إلى وزير العمل الجديد تعديل بعض مواد القانون/17/ أصبح من الضرورات

يبدو أن العاملين في القطاع الخاص سيعيشون دائماً في الريبة وحياة عدم الثقة حتى بالمنظمات والمؤسسات المفترض بها إنها تعمل لمصلحة العامل لا لمصلحة صاحب العمل الذي همه في معظم الأحيان الجشع وهضم حقوق العمال تحت حجج واهية، في ظل إجراءات أقل ما يقال عنها إنها دون المأمول في طريقتها لردع أصحاب العمل الذين غالباً ما يتنصلون من دفع مستحقاتهم التي كفلتها لهم القوانين والدساتير الناظمة.

حيث يتعرض العاملون في القطاع الخاص إلى أبشع وأشنع المؤامرات التي يشنها أرباب العمل، الذين يؤازرهم بعض الرؤوس في الحكومة مدعمين بالقوانين والمراسيم المختلفة الجائرة بحق العمال والمنتجين، ففي ساعات العمل حدد القانون عدد ساعات العمل بالنسبة للقطاع الخاص بـ 48 ساعة أسبوعياً أي بفارق 10 ساعات عن عمال القطاع العام، لكن على أرض الواقع يضرب القانون بعرض الحائط في التطبيق ويلزم أصحاب العمل عمالهم بساعات عمل إضافية تصل أحياناً لأكثر من ست عشرة ساعة دون تعويض للأجور والتهديد بالفصل في حال المطالبة بأي حق من هذه الحقوق.

إن انتهاك أصحاب العمل وأربابه لقانوني العمل رقم (49) والتأمينات الاجتماعية مازال يسيطر على الواقع العمالي في المصانع والشركات منذ زمن طويل، ولا أحد يحرك ساكناً لوقف ذلك، والإتحاد العام لنقابات العمال لا يترك مناسبة وإلا يدافع فيها ويتبنى حقوق العمال المشروعة من أجل رفع الظلم عنهم، والمطالبة بالحفاظ على كل الحقوق التي اكتسبتها الطبقة العاملة السورية عبر تاريخها النضالي، هذه المطالب التي لاقت التآكل في عهد الحكومة السابقة نظراً للسياسات غير الحكيمة التي نفذتها وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل بحق العمال ولعل أهمها تمرير القانون رقم /17/ الذي لاقى مباركة الوزيرة وفريق الحكومة الاقتصادي غير المأسوف على رحيله.

كما أن وزارة الشؤون الاجتماعية تتحمل المسؤولية كاملة لوقوفها عاجزة عن اتخاذ الإجراءات التي تحد من اغتصاب أحكام القانون لضمان أصحاب الحقوق من العاملين وتزيد في معاناة الطبقة العاملة في سورية من تزايد في نسب البطالة ورواتب متدنية ودعم القطاع الخاص في انتهاك قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية وتهديد أصحاب هذا القطاع دائماً بالتسريح التعسفي للعمال المطالبين بحقوقهم اعتماداً على القانون الذي وضعته بهمة أرباب العمل.

والمفارقة أن أبرز الانتهاكات التي يقوم بها أصحاب العمل على العاملين وجود مدير إداري يسمى (الحجي) في معظم الشركات يقوم بممارسة غطرسته الإدارية في مخالفة القوانين ويعمل على تطبيق أفكار صاحب العمل الانتهازية في عدم تسجيل بعض العاملين في مؤسسة التأمينات وتسجيل البعض الآخر برواتب قليلة لا تتعدى الـ (60%) من الراتب المتقاضى لأصحاب الشهادات و (50 %) للعاملين الذين لا يملكون شهادات ، وهذا الأمر مخالف للقانون وينتج عنه نتائج عكسية تتعلق بالعمال عند وصولهم للتقاعد إذا انتهوا من مشكلة التسريح ، ومن ناحية الإجازات يحرم العمال المداومين بصفة مياومين والعمال الذين يعملون بالورشات والمشاريع الصغيرة ومن الجدير ذكره أيضا ً لجوء أصحاب العمل إلى اختراق القوانين بتوقيع العامل في بداية مشواره للكسب الحلال على استقالته وبراءة ذمة بأنه تقاضى كافة حقوقه العمالية وأجوره والإجازات السنوية وهذه الورقة تشير إلى أن العامل قد استقال برغبته ،والملاحظ في هذه الاستقالة أنها مطبوعة بصيغة واحدة ولكل العمال وتستخدم عند مطالبة العامل بحقوقه أو بتقدمه بشكوى إلى الجهات المسؤولة هذا إذا لم يتعرض لحوادث تدينه ليُفصل دون تعويض ويخاف من رفع دعوى ضد صاحب العمل الذي سيهدده في الحادث الذي لفق له.

وبالعودة إلى التأمينات الاجتماعية يلاحظ أن أصحاب العمل لا يتركون وسيلة خداع إلا ويستخدمونها عند تسجيلهم للعمال في التأمينات، فالعامل عندما يسجل فيها يتم تسجيله في الحد الأدنى الذي تقره الدولة ولا يزيد بعد ذلك لو زاد راتب العامل مراراً ويتغافل رب العمل الترفيعة السنوية كل سنتين بمقدار (9%) وما يؤكد هذا أن لجان التفتيش لو قررت مرة واحدة الذهاب إلى الشركات والمصانع وعملت استبيانات صادقة ستلاحظ وجود عاملين مسجلين في التأمينات منذ عشر سنوات وأكثر ومازال راتبهم كما سجل لأول مرة، وستلاحظ تلك اللجان وجود عمال آخرين وصل راتبهم (20) ألف وأكثر ومازال راتبهم التأميني لا يتجاوز(7) آلاف قبل تعديله إلى (9765) أي ستجد كل العاملين الجدد والقدامى مسجلين بهذا الراتب ، وتشير بعض الدراسات أيضا ً أن عدد العاملين في سورية وصل ال (6) ملايين عامل والمسجل في التأمينات لا يتجاوز (3) ملايين عامل.

أخيراً لابد من ربط الوضع بالواقع واستنتاج بعض العبر ، لذا إن تردي الأوضاع الاقتصادية للعمال في سوريا،يتطلب تفعيل دور الحركات النقابية بشكل أكثر، لرد المظالم لأصحابها والدفاع عمن وجدت لأجلهم، و عن حرياتهم النقابية ومطالبهم وحقوقهم في العمل وإزالة الظلم والاضطهاد عنهم، والوقوف بحزم ضد من يسلب حقوقهم من تسريح تعسفي وما إلى ذلك من مخالفة القوانين الناظمة وخاصة قانون العمل الذي كان تمريره ضرب للعمال والحركة العمالية في القطاع الخاص في كثير من بنوده المجحفة التي لاقت اعتراضاً شديداً من العمال والنقابات الذين أكدوا في أول لقاء لهم مع وزير العمل الجديد بضرورة إجراء تعديلات جذرية في بعض بنوده لأن في ذلك الضمانة الحقيقية لكرامة الوطن والمواطن.