بصراحة : هل يمكن إجراء انتخابات نقابية؟
سرت في الآونة الأخيرة «شائعة» مفادها أن الانتخابات النقابية ستجري في الشهر الرابع من هذا العام، ولكن لم يصدر عن القيادة النقابية ما هو رسمي يؤكد أو ينفي «الشائعة» المتداولة بشكل واسع بين الأوساط العمالية والنقابية
حيث أدى هذا إلى جدل واسع أخذ يدور تعليقاً على ما هو مشاع، وبدأت التساؤلات تطرح حول إمكانية إجراء انتخابات نقابية في ظل أوضاع أمنية صعبة، وفي ظل عدم استقرار في التجمعات العمالية الواقعة في المحافظات التي تشهد أعمالاً عسكرية لا يمكن من جراءها أن يتواجد العمال في المعامل والشركات المفترض إجراء انتخابات فيها وفقاً لقانون التنظيم النقابي المعمول به إلى الآن، والذي ينص على إجراء انتخابات نقابية من القاعدة إلى القمة وصولاً إلى المؤتمر العام الذي سينتخب القيادة النقابية القادمة.
الجميع يعلم أن الانتخابات قد أجّلت مرتين متتاليتين من المكتب التنفيذي للإتحاد العام، وفي كلتاها كانت مبررات التأجيل هي الأوضاع الأمنية التي تسببت في خراب الكثير من المعامل والمنشآت الإنتاجية، وبالتالي تقرر عدم امكانية إتمام انتخابات طبيعية في ظروف غير طبيعية، واستثنائية ليس على المعامل فحسب بل على الوطن برمته، وكان يجري الدفاع عن موقف قيادة الحركة النقابية على أساس تلك المبررات دون الدخول في تفاصيل حلول بديلة للانتخابات المباشرة بشكلها الاعتيادي تخرج الحركة النقابية من المطب القانوني المتمثل بتأجيل موعد الانتخابات، وبالتالي أدى هذا إلى طرح تساؤلات حول «شرعية» أو عدم «شرعية» القيادات النقابية بمختلف مستوياتها ابتداءً من اللجان النقابية، وانتهاءً بأعلى مستوى قيادي وفقاً لقانون التنظيم النقابي الذي حدد صلاحيات قيادة الحركة بتأجيل الانتخابات لمرة واحدة، ولم يشر القانون في مواضع أخرى على صلاحيات أخرى لقيادة الحركة النقابية بما يخص التأجيل إلى ما لا نهاية، ومن هنا تكون التساؤلات المطروحة بشأن «الشرعية»مشروعة طالما لم يجر تقديم مبرر قانوني يتم على أساسه اتخاذ قرار الانتخابات النقابية أو تأجيلها.
أمام الحركة النقابية فرصة مهمة كان من المفترض الاستفادة منها للخروج من مأزق إجراء انتخابات نقابية بالطريقة المعتادة وهي انعقاد المؤتمرات النقابية، ومن خلال هذا يتم إعادة انتخاب القيادات النقابية في الظروف الاستثنائية التي نمر بها جميعاً باعتبار أن المؤتمرات صاحبة قرار في تأكيد ثقتها للقيادات النقابية أو سحب الثقة منها، وهذا حق قانوني لأعضاء أي مؤتمر ينعقد بنصابه القانوني، والذي جرى في المؤتمرات عملية ترميم للشواغر، وهي عملية شكلية لا تفي بالمراد الذي هو ضخ دماء جديدة في المفاصل الأساسية للحركة النقابية تقود النضال النقابي المستقل ببرنامجه وقراره المعبر عن مصالح وحقوق الطبقة العاملة السورية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا سيما أن الظرف الموضوعي يسمح للحركة النقابية أن تخرج من عنق الزجاجة التي وضعت فيها على مدار عقود من الزمن، وتتحرر من الخطوط الحمر التي وضعت في طريقها كما تحرر الدستور السوري الجديد في أهم مواده التي أكدت على استقلالية النقابات في برامجها وقراراتها في التعبير والدفاع عن مصالحها بما فيها حق الإضراب، والتظاهر السلمي الذين لم تعلن الحركة النقابية عن تبنيها لهما حتى الساعة مما يعني التنازل عن حق مشروع، والتخلي عن سلاح هام قد تحتاجه الطبقة العاملة في خضم مواجهتها للأعداء الطبقيين الذين أذاقوها الويلات، وجعلوا حقوقها ومستوى معيشتها في الدرك الأسفل.
إن استقلالية القرار النقابي يعني أن تأخذ الموقف المعبر عمن تمثلهم دون إيحاءات من خارجها تفرض عليها ما يجب أن تفعله، وما لا يجب ونحن نعتقد أن خيار تأجيل الانتخابات أو إجراءها هو خيار من خارج إطار الحركة النقابية، وما يؤكد إدعائنا أن المبررات الأولى لقرار التأجيل مازالت مستمرة تتفاقم وتتصاعد بسبب القوى الفاسدة المتشددة في الداخل والخارج التي ترى باستمرار نزيف الدم السوري تحقيقاً لبرنامجها ومشروعها التفتيتي.