عمال دمشق في مؤتمرهم السنوي: الحكومة تبدع بقراراتها «الخنفشارية»
أظهرت المؤتمرات النقابية التي تتوّج الآن بالمؤتمرات العامة أنها طرحت الكثير من الأمور الجزئية على أهميتها متجاوزة القضايا الجوهرية كحق العمال في الإضراب الذي كفله الدستور
فإلى الآن ما زال وجود الحركة النقابية الموحدة وما تبقى من قوتها مرتبطين بدورها الوظيفي في قيادة الحركة العمالية وإخضاعها لمشيئة القرار البيروقراطي، وإضعاف النضال المطلبي ورهنه بالأوامر من فوق ومنع الحركة النقابية والعمالية من قيادة نفسها بنفسها، ومنعها من الاستقلالية على الرغم من أنها تعمل على أساس المادة الثامنة الجديدة من الدستور، ولعل المثال الحي على ذلك إصرار القيادات البعثية في الجلوس على المقاعد الأمامية بكل مؤتمر، فإنها بقيت على الحالة القديمة حيث ألقيت «كلمة حزب البعث» تحت حجة ذكرى تأسيس الاتحاد العام لنقابات العمال التي نحتفل بها دائماً، وأن من يصر على أن الوضع العام للحركة النقابية في سورية جيد وبأحسن أحوال، فهو غير واقعي وغير معترف بالتراجع على أقل تقدير.
إن المؤتمرات النقابية وبعد مرور عامين على الأزمة كشفت أن الرعاية السياسية الأحادية للحركة النقابية لم تتراجع، وإن لم تزدد قوة، وهذا ما يلغي التعددية السياسية التي يجب أن تكون متاحة للجميع دون تمييز أو امتياز لأحد الأحزاب أو الفئات وتمهيداً للحوار والحل السياسي القادم.
كوارث اقتصاد السوق
شعبان عزوز رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في سورية الذي حضر أعمال المؤتمر هنأ العمال بذكرى تأسيس اتحادهم ممجداً النضالات والتضحيات العمالية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وقال: فليكن رائدنا دائماً وأبداً رص الصفوف، وتعزيز وحدتنا وتلاحمنا الوطني ووأد الفتن، ومواصلة نهجنا الوطني التحرري، ومحاربة الفساد والمفسدين وتجار الأزمات، مشددا على ضرورة تكثيف تحركنا لتحديد هوية واضحة لاقتصادنا الوطني بعيدة عن كوارث اقتصاد السوق، وتحقيق التقدم والعدالة الاجتماعية، ويكفينا ما ألحقته بالوطن توجهات سابقة قوضت في سنوات ما بناه عمالنا وشعبنا في عقود .
وشدد رئيس الاتحاد العام على أن الحوار بين السوريين هو الحل الوحيد والشرط الموضوعي الكفيل بالخروج من الأزمة، مشيراً إلى خطة عمل الاتحاد العام التي أقرها في اجتماع مجلسه العام لتفعيل وترجمة مبادرة السيد الرئيس.
وأشار عزوز إلى وجود مطالب عمالية عديدة لابد من متابعتها والسعي لتحقيقها مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف التي تمر بها سورية في المرحلة الراهنة، وعلى رأسها موضوع الضمان والتأمين الصحي وتوازن الرواتب والأجور، وتثبيت المؤقتين، وإيجاد صندوق لدعم العاطلين عن العمل وغيرها.
تآكل القدرة الشرائية
بدوره قال جمال القادري رئيس اتحاد عمال دمشق إن مجريات الأحداث في سورية وتطوراتها، أثبتت خلال عامين على بدء الأزمة الطاحنة التي تشهدها البلاد، أنها تهدف إلى إسقاط سورية الدور والموقف، وأوضح القادري أن اتحادنا ونقاباتنا كانوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم، ووقفوا بكل صلابة وحزم إلى جانب الوطن، مؤكدين ارتباطهم المصيري بأرضه وسمائه، رغم كل الظروف القاسية التي واجهتهم في معيشتهم من تهجير وفقدان لمنازلهم وأملاكهم وشتى أنواع المعاناة، وغلاء فاحش أدى إلى تآكل القدرة الشرائية لدخولهم وتسريح جائر لأعداد كبيرة من عمال القطاع الخاص تجاوز المائة ألف عامل، وفقدان مواد أساسية وخاصة في المشتقات النفطية لأسباب شتى منها، ماهو موضوعي يتصل بظروف الأزمة، ومنها ماهو ناتج عن تقصير حكومي تجلى بترك الحبل على الغارب للفاسدين، ومنتهزي الفرص وتجار الأزمات الذين استغلوا هذه الأزمة أبشع استغلال، وعمدوا إلى الاحتكار ورفع الأسعار.
وأضاف رئيس اتحاد عمال دمشق رغم معرفتنا بالظروف الصعبة التي يعمل الجميع في ظلها فإننا نطالب الجهات المعنية ببذل كل الجهد الممكن للتخفيف من معاناة عمالنا سواء منها ما يتصل بتأمين فرص العمل وتحسين الأحوال المعيشية، وتأمين المواد الأساسية أو تعديل التشريعات العمالية، لأننا نؤمن بأن الطبقة العاملة تشكل القاعدة الأساسية التي ترتكز عليها مقومات صمودنا الوطني.
قرارات «خنفشارية»
هاجم حسام منصور رئيس نقابة عمال المصارف والتجارة والتأمين والأعمال المالية الحكومة متهماً إياها بعدم العمل، فمع تفاقم الأزمة في بلادنا وفي تحليل بسيط يستطيع المواطن العادي لمس فلتان الأسعار في الأسواق دون أي وازع من ضمير أو رقيب أو حسيب، حيث تضاعفت أسعار السلع بشكل جنوني، وخاصة أسعار السلة الغذائية الضرورية لكل أسرة فقد ارتفعت هذه الأسعار بنسبة 50% إلى 100% الأمر الذي أفقد الراتب قيمته الشرائية، وأصبح صاحب الدخل المحدود يعاني فوق معاناته التراكمية، هذا ناهيك عن فقدان السلع الرئيسية من السوق البيضاء بحجة الأزمة، بينما تزدهر تجارة هذه المواد بالسوق السوداء، وكأنها لا تعيش بهذه الأزمة، وهنا نسجل إشارات استفهام كثيرة على هؤلاء الذين يتاجرون بنا، وطرح منصور مجموعة من الأسئلة: من المستفيد؟ ومن يحميهم؟ ومن يشاركهم أرباحهم؟ ولماذا لم يحاسب أحد منهم حتى الآن؟!.
هل كتب على صاحب الدخل المحدود المعاناة مدى الحياة، يعاني بالرخاء، ويعاني بالشدة، أما الطرف الآخر فيربح بالرخاء ويزداد ربحاً وقت الشدة وكأنه شريك بما يحصل بل أجزم أنه جزء من هذه الأزمة؟!.
وهل يعقل أن يصل سعر ليتر المازوت لأكثر من 75 ليرة سورية؟ هل يعقل أن يصل سعر تبديل اسطوانة الغاز إلى أكثر من 2000 ليرة سورية، حتى ربطة الخبز التي كنا نتباهى بها أصابتها عدوى السوق السوداء؟!.
وقال منصور: تنفرد سورية عن غيرها من دول العالم بشكل لا مثيل له، فمن المتعارف عليه أنه عندما يرتفع سعر سلعة ما في أية دولة بالعالم تواجه باحتجاجات الطبقة العاملة والفقيرة، وتقوم الدنيا ولا تقعد طبعاً بقيادة الاتحادات العمالية، لكن في سورية الأمر مختلف، فعندما تريد الحكومة رفع سعر سلعة ما أو سلع ما تهيئ نفسها بشكل فريد من نوعه، وتعتقد أنها غير مكشوفة من أبناء التنظيم النقابي والطبقة العاملة والفقيرة، حيث تقوم بالتباطؤ بطرح كميات المواد الضرورية للمواطنين مما يؤدي لفقدانها بالأسواق، وذلك بحجة الأزمة والنقل وأمن الطرقات، بينما يتم تسهيل بيع هذه المواد لتجار السوق السوداء، والذين يتحكمون بسعرها وبيعها بأسعار مضاعفة، يحدث بعدها ثرثرة إعلامية بهذا الموضوع وكأنه تمهيد صريح لرفع الأسعار، وهناك من المغرر بهم ينادون برفع الأسعار حمايةً من السوق السوداء، ويأتي البلاء الأعظم، قرارات «خنفشارية» تقر بزيادة الأسعار، فيكبر المواطنون ويهللون ويستبشرون بالنصر العظيم على يد الحكومة ضد تجار السوق السوداء!!.
التسريح التعسفي بقوة القانون
كما في كل مؤتمر سنوي له بصمة استعرض جمال المؤذن رئيس نقابة عمال السياحة أوضاع العاملين في القطاع الخاص عموماً، والعاملين في القطاع الخاص السياحي خصوصاً، هذه العمالة التي نالها ما نالها سواء بسبب الأزمة التي تعرض لها الوطن بكل أطيافه عموماً، أو نالها من جور قانون العمل رقم /17/ هذا القانون الذي أصاب في بعض مواده الجائرة حقوق عمال القطاع الخاص في مقتل، لأن ما كان في مصلحة العمال بقي حبراً على ورق، ودون تفعيل وما أضر بالعمال وحقوقهم تم العمل به من غالبية أصحاب العمل، وذلك الضرر تم بغياب كامل وواضح من وزارة العمل الجهة التي أناطت بها مـــــتابعة القانون، وتنفيذ مـــواده وأحكامه، فكان المتضرر الأكبر العمال الذين خفضت أجورهم وأوقفت مكتسباتهم أولاً، ثم أمتد المسلسل ليصل للصرف من العمل والتسريح، حتى وصل الأمر بالختام لإغلاق عدد كبير من المنشآت دون أي موافقة، وتم صرف عامليها دون أي أجر أو تعويض أو مكافأة، وهم الذين يعملون منـــذ عشـــرات السنين، وما زاد الطين بلة هو البدعة الجديدة التي يـــلجأ إليها بعض أصحاب العمل حــالياً، والمتمثلة بالاحتيال على القوانين والأنظمة والعمال بآن واحد، حيث يتجاهل أصحاب العمل إغلاقهم للمنشآت، فيقومون يومياً بالتعاون مع مستشاريهم بتوجيه إنذارات في الصحف للعمال بالعودة للعمل، حتى إذا ما مضى الزمن القانوني قاموا بقوننة تسريح العمال باعتبارهم متغيبين عن العمل دون إذن أو عذر مشروع، وهذا مخالف للحقيقة والواقع مما يخرج العامل من حقوقه بالكامل، ويزيد في معاناته التي يعانيها سواء ببقائه خارج العمل دون أجر أو مكافأة أو تعويض.
وختم المؤذن: لا مجال بعد الآن لأي تأخير أو عذر في السعي لتعديل هذا القانون الذي أصاب العمال وحقوقهم في مقتل.
ستمائة مليون ليرة في خبر كان!
فساد المحروقات والإشعارات المزورة كشفها علي مرعي رئيس مكتب نقابة عمال النفط والثروة المعدنية الذي تناول القضايا المتعلقة بالمحروقات، وأن حل أزمة الغاز تتطلب جهودا كبيرة كنا قد أشرنا إليها مع إدارة الغاز وإدارة الشركة، مطالباً وزير النفط والثروة المعدنية والمدير العام لشركة محروقات بالعمل على إيجاد الحلول المناسبة لتأمين الغاز الكافي لمدينة دمشق عبر زيادة تعبئة اسطوانات الغاز في المحافظات المجاورة لمدينة دمشق لتأمين حاجة المواطنين، والعمل الدؤوب من إدارة الشركة والمدير العام بالعمل على عدم وصول اسطوانات الغاز إلى السوق السوداء.
وأضاف مرعي: يرى مكتب النقابة أن القطاع الخاص المرخص له هو من يتاجر في المادة ويزجها في السوق السوداء، ويجب تخفيض كمية المخصصات أو إيقافها، ويتم توزيعها من اسطول تابع لإدارة الغاز وعمال من قبلها، على أن يتم التوزيع في الأحياء وتحديث اسطول التوزيع المباشر.
أما عن أزمة المازوت التي تكررت هذا العام فقد أكد مرعي أنها كانت نتيجة طبيعية للسياسات الخاطئة التي اتبعتها شركة محروقات، ووزارة النفط نتيجة سوء تخطيط وتخبط في الإدارة أو لأسباب خاصة لحصول القطاع الخاص على المادة بكميات كبيرة، وعدم تنظيم إيصالها إلى المواطن، وخاصة في هذه الآونة، وأوضح مرعي أنهم وفي لقاء لهم مع وزير النفط السابق طالبوا بإعطاء المادة إلى القطاع العام بشكل كبير لأنه هو الضمانة لإيصال المادة إلى المواطن، وخاصة فرع دمشق للتوزيع المباشر الذي يلبي حاجة المواطنين من خلال التسجيل والأتمتة هذا العام.
من هنا كانت الضرورة لإيجاد حلول سريعة منها البطاقة الذكية، وإجراءات تضبط وصول المادة إلى مستحقيها من القطاع الخاص لأن الدولة تدفع الدعم لتصل المادة إلى المواطن ويستفيد من هذا الدعم، إلا أن المستفيد هم تجار السوق السوداء مع التأكيد على مسؤولي التموين معايرة محطات القطاع الخاص لتوزيع مادة المحروقات، وأن تخضع محطات القطاع العام نفسها في المراقبة والمعايرة.
وكشف مرعي أن مكتب النقابة تفاجأ بتوزيع مادة المازوت في الصيف ما يقدر بـ 400 مليون ليتر في ريف دمشق، ويتم تزويد المحطات الواقفة عن العمل بشكل كبير.
وفضح مرعي فرع ريف دمشق لشركة محروقات الذي وزع ما يتجاوز ثمنه ستمائة مليون ليرة سورية قبل أن يتم دفع ثمن المادة في المصرف، وبيان إشعار الدفع ليتم تعبئة المادة حسب إشعار الدفع متسائلاً: أين المحاسبة والمساءلة على هذا الهدر في المادة والأموال العامة؟!.
وطالب مرعي بإجراء الدراسة الكافية والوافية عند تغيير أي مدير، وأن يكون له باع طويل في العمل ومن ذوي الشهادات والخبرة الفنية والإدارية بالعمل والسيرة الحسنة.
ثورة التشريعات
ضرورة العمل على تعديل قانون التنظيم النقابي رقم /84/ لعام 1968 وتعديلاته كانت الانطلاقة لمداخلة بشير حلبوني رئيس نقابة عمال الدولة والبلديات تحدث عن، من خلال ورشة عمل لإنضاج الأفكار، بمشاركة باحثين ومهتمين في هذا الموضوع ليكون ملائماً لثورة التشريعات والإصلاحات، وخصوصاً على ضوء الدستور الجديد، وتعديل القانون رقم /17/، لأنه بقي قاصراً ولم يلبِ متطلبات العمال، وبالأخص في مادته رقم /206/ التي تنص على أن ( تفصل المحكمة في منازعات العمل على وجه السرعة )، ولم يتم حتى الآن الفصل في أية دعوى، وذلك لعدم التزام ممثلي أرباب العمل في حضور الجلسات، وبالتالي ضياع حقوق العمال بسبب تأجيل الدعاوى بشكل مستمر، والمطلوب تمثيل العمال من خلال محام معتمد للدفاع عنهم ينتدبه الاتحاد العام لنقابات العمال.
وقال حلبوني: التأمين الصحي لم يرتق إلى المستوى المطلوب في تأمين الخدمة للعاملين ونشير إلى أن تقصير بعض الشركات بسداد ما عليها من التزامات لأطبائها انعكس سلباً على خدمة العاملين، وتوقف شبه كامل لعدد من شركات الضمان الصحي، داعيا إلى الإسراع في البت بأوضاع العمال الموقوفين، وإعادتهم إلى عملهم في حال تمت تبرئتهم وصرف استحقاقاتهم المالية عن فترة توقيفهم، وإعادة النظر بالحد الأدنى للأجور لمواكبة المتغيرات الاقتصادية وغلاء الأسعار، وبما يتوافق مع المادة /40/ الفقرة /2/ من الدستور.
ودعا حلبوني إلى اعتبار غياب وتأخر العاملين الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى أماكن عملهم بسبب الظروف الحالية مبرراً، وخاصة الذين يقطنون خارج مدينة دمشق، وأن لا يعتبر بحكم المستقيل إلا بعد نفاذ إجازاته السنوية أو اعتبار مدة الغياب إجازة دون أجر، وإيجاد فرص عمل للشباب للمحافظة على دورهم الرئيسي في بناء الوطن.
لإحداث جامعة عمالية
من جانبه طالب محمد غسان منصور رئيس نقابة عمال البناء والأخشاب بضرورة إطفاء ديون الشركات الإنشائية، وحل التشابكات المالية حتى تتمكن من شراء مستلزماتها ودفع رواتب عمالها، وإعطاء جبهات عمل وعقود بالتراضي، وإعطاء عطلة يوم السبت، وإن لم يتم فبأجر نقدي .
وأكد منصور على ضرورة أن يتم اختيار الإدارات وفق معايير علمية وكفاءات عالية، هدفها النهوض بالشركات ورفع سويتها الإنتاجية، وتعديل قانون العمل /17/، وتشميل عمال القطاع الإنشائي الخاص فيه، والاهتمام بالعمال غير المنظمين، وإشراكهم في مظلة التأمينات الاجتماعية، وإلغاء ضريبة الدخل على رواتب العمال لأن الراتب بكامله أصبح الحد الأدنى للمعيشة.
كما أشار منصور إلى ضرورة الطلب من وزارة الإدارة المحلية باقتطاع نسبة للنقابة من تراخيص البناء أسوة بنقابة المهندسين كون المنفذين للعمل هم من عمال البناء، وإصدار قرار وزاري من وزارة العمل بجواز اشتراك العمال العاملين في مجال المقاولات والبناء بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة اختيارياً، وذلك مع مراعاة الاشتراك عنهم بتأمين إصابات العمل الواردة في القانون، ورفع الحد الأدنى للأجور، بحيث يتم ربط الأجور بالأسعار، وإحداث سلم غلاء للمعيشة وتحريكه دوريا، وتوظيف ذوي الشهداء من الطبقة العاملة تكريما لشهدائنا الأبرار، وإحداث جامعة عمالية تلبي طموحات أبناء الطبقة العاملة.
المهن الشاقة والخطرة
فساد المنظومة الكهربائية والاعتداءات المتكررة والتخريب كان في صلب مداخلة حسام إبراهيم رئيس نقابة عمال الكهرباء، إذ أن قطاع الكهرباء الذي يعتبر عاملاً أساسياً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية تكبد أضراراً فادحة تجاوزت ما يقارب 15 مليار ليرة سورية نهاية العام الماضي، وهذه الأضرار في المحصلة ستنعكس سلباً على نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية كافة، بالإضافة إلى أكثر من 100 شهيد ومئات المصابين والمخطوفين، مؤكدا أن عمال الكهرباء مصرين أن مطلبهم الأول هو مطلب الشعب السوري بمجمله وهو عودة الأمن والأمان والانخراط في الحوار للوصول إلى الحل السياسي للأزمة.
وأضاف إبراهيم لا يختلف اثنان على خطورة العمل في قطاع الكهرباء التي تودي بالحياة في كثير من الأحيان، متسائلاً: لماذا لا يتم تصنيف هذه المهنة ضمن المهن الشاقة والخطرة؟ كما نوه إبراهيم على ضرورة حل مشكلة نقل العاملين من محافظة ريف دمشق إلى محافظة دمشق فأغلب العمال يقطنون في الريف بينما حصر تعميم رئيس مجلس الوزراء نقل العمال ضمن المخطط التنظيمي للمحافظة.
المظلة التأمينية
فيما أخذ قضية اصلاح القطالع العام حيزاً مهماً من مداخلة محمود الرحوم رئيس مكتب نقابة عمال الصناعات الغذائية مؤكداً أن إصلاح القطاع العام بشقيه الاقتصادي والصناعي مازال يشكل هاجسا مهما لدى الحركة النقابية، مؤكدا أن هذا القطاع استبيح منذ زمن بعيد من قوى لا ترغب بإصلاحه، ومشددا على أهمية هذا القطاع بوصفه الضامن الحقيقي للطبقة العاملة. وأشار الرحوم إلى مشكلات هذا القطاع المتمثلة في القيود التشريعية والقانونية والقيود الرقابية التي تقيد العمل الإداري والمالي، وعدم توفير التمويل اللازم من الحكومة للاستبدال والتجديد.
وشدد الرحوم على أن إصلاح هذا القطاع يتطلب تعديل التشريعات والقوانين الناظمة لعمل شركاته ومحاربة الفساد المالي والإداري، واعتماد مبدأ المحاسبة على النتائج وتحسين آليات التسويق، وتفعيل صندوق دعم الصادرات، وعدم السماح باستيراد مواد مماثلة، وتشديد الرقابة على مواصفاتها، وفرض الضرائب عليها حتى لا تنافس المنتج المحلي، وخفض تكاليف الإنتاج والإقلال من الهدر، وإلغاء هيمنة المؤسسات العامة على الشركات العامة التابعة لعمل القطاع العام الصناعي، ومنح هذه الشركات استقلاليتها الإدارية والمالية، وتفعيل دور المجالس واللجان الإدارية وإعطاء المرونة لها.
وطالب الرحوم بتشديد المراقبة على الأسواق، وتشميل عمال المخابز الاحتياطية بالمظلة التأمينية، ومنح العاملين بالمطاحن تعويض طبيعة العمل على الراتب الحالي، وتشميل عمال الحبوب والمطاحن والمخابز بالتأمين الصحي، وتثبيت العمال الموسميين الذين مضى على استخدامهم أكثر من خمس سنوات في الشركة العامة للمخابز وفي معمل تعبئة مياه بقين.
تشريد آلاف العمال
بحث أيهم جرادة رئيس مكتب نقابة عمال الصناعات المعدنية والكهربائية موضوع الاقتصاد السوري الذي يمر اليوم بظروف صعبة في ظل تداعيات الأزمة السورية والحصار مما أدى إلى تشريد آلاف العمال وسرقة ناتج الإبداعات السورية العريقة في مجال الصناعة، وأن آلاف المنشآت الصناعية قد أقفلت وتعطلت عن العمل وتشرد آلاف العاملين فيها، وخصوصا في ظل القانون 17 الذي شجع أصحاب العمل على تسريح العاملين لأي سبب كان. وأضاف جرادة: لقد لمسنا بعض الإجراءات من الحكومة ووزارة الصناعة من شأنها تخفيف حدة آثار الأزمة ولو جاءت متأخرة مثل السماح بنقل المنشآت الصناعية إلى مناطق آمنة، وتأمين المواد الأولية والنقل عن طريق لجنة المرسوم ( 126 ) لبعض الشركات.
وقال جرادة: من خلال المتابعة والتواصل مع اللجان النقابية وإدارات الشركات الصناعية التابعة وفي القطاعين العام والخاص، نؤكد على أن الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تراجع نسب تنفيذ الخطط الإنتاجية والمبيعات تعود لأسباب موضوعية تندرج بغالبيتها تحت بند القوة القاهرة بالإضافة إلى الأسباب المتعلقة بالبيئة التشريعية التي تعيق العمل وتمنع المرونة اللازمة بالإضافة إلى نقص الكوادر وعدم وصول المواد الأولية.
بالإضافة لبعض الأسباب الذاتية التي تتحملها بعض الإدارات ومفاصل العمل الإدارية التي تكلست، ولم تعمل على تحسين المنتجات وتخفيض التكاليف، والتخفيف من نسب الهدر، وعدم إيلاء مسألة التدريب والتأهيل للعنصر البشري الأهمية اللازمة كما نأمل أن نتلمس الإرادة والجدية لدى الحكومة ونخص وزارة الصناعة في عملية إصلاح القطاع العام الصناعي ودعم الصناعة الوطنية بشتى الوسائل والأدوات بالإضافة إلى التحديات الكبيرة في إعادة بناء ما تهدم وهذا يحتاج إلى تكاتف كل الجهود الخيرة وتعاون الجميع دون استثناء.
مراجعة السياسات الأجرية
صوت المرأة برز في مداخلة نضال الكردي عضو مكتب نقابة عمال البناء والأخشاب أكدت على ضرورة العمل على المساواة بين الرجل والمرأة في التشريع الاجتماعي والسياسي، مشيرة إلى أن التعديل على القانون والدستور الجديد من شأنه أن يحقق ذلك، ويحرر المرأة المظلومة بسبب العادات والتقاليد التي تضعها في درجة ثانوية .
ودعت الكردي إلى ضرورة العمل على إقرار تعويض غلاء معيشة للعاملين ومراجعة السياسات الأجرية القائمة لربط الأجور بالأسعار، ووضع حد للغلاء، مؤكدة أن المماطلة والتأجيل يزيد من الآثار السلبية على الحياة اليومية للمواطنين ويضعف من عوامل الصمود الوطني.
كوارث السياسات الليبرالية
التلازم ما بين الحل السياسي والمسار الاقتصادي - الاجتماعي كان مرتكز مداخلة عاطف العيد عضو مكتب نقابة عمال الصناعات الغذائية مؤكداً أن قرارات المجلس العام للاتحاد العام على هذه الجوانب في رؤية ومقترحات الاتحاد للمساهمة في حل الأزمة، ومؤكداً في هذا الجانب على ضرورة القطع مع السياسات الليبرالية الاقتصادية ووقف مفاعيلها، والعودة عنها ومعالجة ما خلفته من كوارث، وخاصة ما يتعلق بموضوع تحرير التجارة، وإفلات الأسعار وتحكم المحتكرين بتجارة الجملة،
والحفاظ على القطاع العام وتشغيل منشآته حسب الواقع، والإمكانيات ومعالجة صعوباته وزيادة محاربة تجار الأزمات والمحتكرين.
وطالب العيد بمعالجة مصاعب المواطنين الحياتية فعلاً لا بالتصريحات والخطابات، ووضع حد للغلاء وارتفاع الأسعار، وتدهور القيمة الشرائية للأجور، وإقرار تعويض غلاء المعيشة وزيادة الأجور، داعيا لمزيد من بذل الجهد في سبيل الحفاظ على حقوق ومكتسبات الكادحين وعدم المس بها، وخاصة الحقوق التأمينية والمعاشات التقاعدية، وعدم تعديل قوانين العمل بشكل متجدد، وإعادة النظر بواقع التأمين الصحي القائم، ومعالجة صعوبات العاملين في هذا المجال وتشميل المتقاعدين بالضمان الصحي.
صرف المستحقات التأمينية
آخر المداخلين كان أسعد حميدان رئيس نقابة عمال الطباعة والثقافة والإعلام الذي دعا إلى العمل على تخفيض رسوم تسجيل أبناء العاملين في جامعة دمشق عند تسجيلهم بالتعليم المفتوح والموازي أسوةً بأبناء المدرسين، وتثبيت الأسعار وإيجاد آلية لموازنة الأسعار والأجور، ومكافحة الغلاء والعمل على مراقبة الأسواق والعودة إلى الرقابة التموينية وتشميل كل العاملين بالقطاع الصحي..
وطالب حميدان باستثناء العاملين في المنظمات الشعبية ودار البعث من المادة /58/ الفقرة /ب/ من قانون التأمينات الاجتماعية في الحالات المتعلقة بالترفيعات والزيادات الدورية التي تصدر بمراسيم، معاملة القطاع العام عند صرف المستحقات التأمينية، لأن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تحسب الزيادات على الرواتب بالنسبة للعاملين في المنظمات الشعبية، ودار البعث، وفق القرار الصادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، أي أنها تعامل معاملة القطاع الخاص، الأمر الذي يؤدي إلى نقص في المستحقات التأمينية، إذ أن هذا القرار الذي سيصدر جاء بناءً على طلب رئاسة مجلس الوزراء لمؤسسة التأمينات الاجتماعية. آملين من رئاسة مجلس الوزراء الإسراع في إصدار القرار المطلوب للعمل بموجبه استجابةً وإنصافاً للعاملين.
كما طالب حميدان المؤتمر بالتوسط لدى الجهات المختصة بمنح تعويض طبيعة العمل لمستخدمي مدارس التربية كونهم يقومون بأعمال التنظيف والصرف الصحي على مدار السنة أسوةً بعمال النظافة وعمال المطابع الرسمية، وإعادة وسائل نقل العاملين (المبيت)، كما كان سابقاً كون أكثر العمال يقطنون بريف دمشق أو البدل النقدي عن أجور التنقل.