إلى من يحق له الدفاع عنهم: الرواتب والأجور حق مشروع لعمال القطاع الخاص
معظم المراسيم التي كانت تصدر لمصلحة الطبقة العاملة السورية وتنظيمها النقابي، وتُخصَّص فيها مواد لأجل العاملين في القطاع الخاص، كانت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تنفّذها حسب مآربها وأجنداتها وتفرّغها من مضمونها، وفي أغلب الأحيان تقلبها ضد العمال.
عند صدور مرسوم يخص زيادة الأجور، فمن الطبيعي أن توجه الوزارة مديريات العمل بالمحافظات لتشكيل لجان تجتمع مع النقابات وأصحاب العمل لتحديد ودراسة الحد الأدنى والأعلى للأجور، ثم ترسل المديريات مقترحاتها إلى اللجنة المركزية في الوزارة التي تقوم بتحديد الأجور، لكن الوزارة، وخاصة الوزيرة المقالة ديالا الحج عارف، كانت بحجة الارتفاع غير المنطقي للأجور لبعض العاملين في القطاع الخاص، تتهرب من هذه القضية، حتى أنها ألغت عمل تلك اللجان كلياً، علماً أن الأغلبية الساحقة مازالت تعتمد على الأجور القديمة في حدها الأدنى الذي يقارب 9080 ل.س فقط، والسؤال هنا: أين ذهبت تلك اللجان؟ وهل تعيد الوزارة الجديدة هذه الآلية إلى العمل؟ وأين دور الاتحاد العام لنقابات العمال الذي من المفترض أن يكون مدافعاً عن القطاع العام والخاص معاً؟
إن قانون العمل الجديد لعام 2010 قد أقر - كما في القانون 91 لعام 1959 - ضرورة تشكيل لجان لتعديل الحد الأدنى للأجور كلما اقتضت الضرورة ذلك، وهذه اللجان تُشكل بقرار من وزير الشؤون الاجتماعية والعمل في كل مديرية أو محافظة، كما يجوز تشكيل لجان خاصة بالمراكز الصناعية الهامة. وتؤلف هذه اللجان من: مندوب عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل (رئيساً)، مندوب عن وزارة الصناعة أو وزارة الاقتصاد والتجارة حسب الأحوال (عضواً)، مندوب عن أرباب العمل تختاره منظماتهم (عضواً)، مندوب عن العمال يختاره اتحاد نقابات العمال (عضواً).. وتعقد اللجنة دورة على الأقل في السنة لاقتراح الحد الأدنى للأجور، ويحق لها أن تقترح إضافة زيادات إلى الأجور مع مراعاة أن يكفي الأجر لسد حاجات العمل الأساسية. وتعرض مقترحات اللجنة على وزير الشؤون الاجتماعية والعمل لإصدار قرارات تعيين الحد الأدنى للأجور، ويجوز له في الحالات الاستثنائية كالأزمات الاقتصادية أو هبوط النقد أو ارتفاع تكاليف الحياة ارتفاعاً كبيراً، أن يدعو جميع اللجان إلى اجتماع عام للنظر بتعديل الأجور.
وبالرغم من نص قانون العمل على ضرورة عقد اجتماع للجنة تحديد الأجور حسب الضرورات التي أوردها قانون العمل، وهذه الضرورات قائمة فعلاً، حيث ارتفاع الأسعار الجنوني، وتدني الأجور وعدم كفايتها ليعيش العامل بالحد الأدنى الضروري لتأمين متطلباته الحياتية اليومية، فإن الأوضاع المعيشية السائدة تقتضي من نقابات العمال العمل الفوري والسريع لدعوة لجنة تحديد الأجور للانعقاد من أجل رفع الحد الأدنى للأجور وزيادتها بنسب تغطي الارتفاع الكبير الحاصل بالأسعار، وإن هذه المهمة لا تقبل التأجيل أو المماطلة أو التأخير، حيث يسعى ويعمل أرباب العمل بكل إمكانياتهم لتأجيلها وتأخير انعقادها تحت حجة الظروف السائدة ومنها الركود الاقتصادي الحاصل.
إن الطبقة العاملة السورية وخاصة عمالة القطاع الخاص، تتململ من أوضاعها الاقتصادية، وتتعرض لضغوط حقيقية في لقمة عيشها التي يحاربهم بها أرباب العمل، من خلال تخفيض الأجور الشهرية، وبإعطاء العمال إجازات على حسابهم الخاص، ومن خلال التسريحات التعسفية للعمال، والمحمية بقوة قانون العمل الجديد رقم 17 الذي مكَّن أرباب العمل من التحكم المطلق بمصير العمال، وخاصة حقهم بالعمل دون تهديد بالتسريح حسب المادتين 64 و 65.