اتحاد العمال يضع  الحكومة في قفص الاتهام.. الحكومة: «لا إصلاح للقطاع العام.. ولا زيادة في الأجور».. فماذا تبقى؟

اتحاد العمال يضع الحكومة في قفص الاتهام.. الحكومة: «لا إصلاح للقطاع العام.. ولا زيادة في الأجور».. فماذا تبقى؟

حوارات يمكن وصفها بأكثر من ساخنة، وصلت إلى حدود الملاسنات الكلامية، تلك التي سادت أجواء الدورة الثامنة لمجلس الاتحاد العام لنقابات العمال، التي عقدت ما بين 24 – 25 الشهر الجاري،حيث لخصت مداخلات أعضاء المجلس الواقع الاقتصادي والاجتماعي والمعاشي الموجود بلغة رقمية مدعمة بالحقائق الدامغة، وضعت الإجراءات الحكومية المتبعة في قفص الاتهام، وتحت ضربات المبضع النقابي الذي كشف عن أوجه التقصير في تنفيذ ما خططت له الخطة الخمسية العاشرة التي شارفت على الانتهاء دون تحقيق نتائج ملموسة لمصلحة الطبقة العاملة وفقراء هذا الوطن.

ولم يتردد أعضاء المجلس في الطرح بكل جرأة، معيقات التنمية، كما أثارت المداخلات العديد من القضايا العمالية الهامة المتعلقة بحياة العمال وحقوقهم، وقدمت تصوراً عن مستقبل الصناعة الوطنية ضمن الظروف الحالية، وخاصة ما يتعلق منها بمستقبل القطاع العام الصناعي، حيث تؤكد جميع المعطيات المستمدة من واقع الشركات العامة على أن القطاع العام الصناعي يتعرض للتهميش والاستبعاد القسري الممنهج شيئاً فشيئاً من الحياة الاقتصادية، وإن كان هناك من إصلاحات فلم تتعدّ إصلاحات ترقيعية لم تسهم في تخليص هذا القطاع من عثراته.

وكان هناك العديد من الانتقادات لآلية عمل الحكومة وفريقها الاقتصادي، وتوجهاتها المتعلقة بمستقبل القطاع العام الصناعي، والوضع المعاشي للمواطن، وعدم كفاية الرواتب والأجور في ظل ما تشهده الأسواق من فلتان للأسعار، كما اتسمت بعض المداخلات بالموضوعية والجرأة في مواجهة السياسات الحكومية ونهجها الاقتصادي. ويمكننا القول إن هذا الصراع الذي لم يعد مستتراً بين النقابات والحكومة قد بدا واضحاً في المداخلات التي طرحت، وردود الحكومة عليها، حيث انتهى الاجتماع كما بدأ، بالترحيب والتهليل دون اتخاذ قرارات تؤدي إلى تجاوز ما هو قائم، بل جرى التأكيد على علاقة الشراكة والتفاهم.

التحول نحو  اقتصاد السوق اعتمد سياسة حرق المراحل

عزت الكنج نائب رئيس الاتحاد العام، قدم مداخلة بين فيها أن الخطة الخمسية العاشرة في بدايتها لم يكن فيها حديث عن الخصخصة، إلا أن ما تم مشاهدته بعد أن وصلت الخطة إلى نهايتها، أن هناك تحولاً في الاقتصاد السوري لم يكن في صالح الاقتصاد الحقيقي في القطاعات الإنتاجية من صناعة وزراعة، ولم يكن في مصلحة الفقراء.

وذكّر الكنج في حديثه عن التحول الذي تم إقراره في المؤتمر القطري العاشر للحزب نحو الاقتصاد الاجتماعي، النائب الاقتصادي باستقدامه خبيراً ألمانياً سماه آنذاك «أبو اقتصاد السوق الاجتماعي»، وكانت وصيته لأصحاب القرار الاقتصادي في سورية بعدم السرعة في عملية التحول، وذكر بالحرف أنه في ألمانيا استغرقت عملية التحول عشرين عاماً، أي أربع خطط خمسية، بينما نحن في سورية نعتمد سياسة حرق المراحل بحيث أننا انتقلنا إلى اقتصاد السوق الاجتماعي بسرعة، مؤكداً أن من دفع فاتورة هذا التحول هم الفقراء عبر بوابات ثلاث، أولها عدم عدالة توزيع الدخل، وثانيها التضخم القائم، وثالثها رفع الدعم.. لافتاً إلى عدم وجود صورة ثابتة إلى الآن لتوزيع الدعم.

وطالب الكنج باسم فقراء سورية الحكومة بإقامة شبكات حماية اجتماعية، كما هو حاصل في كل الأنظمة الرأسمالية في العالم، لأن هذه الشبكات كانت مغيبة خلال الخطة الخمسية العاشرة، ولم يتم إلصاق البعد الاجتماعي باقتصاد السوق ترضية لأحد على الإطلاق، علماً أن بعض الاقتصاديين أصحاب القرار يقولون: لا يوجد في علم الاقتصاد اقتصاد سوق اجتماعي، مشدداً على ضرورة أن تلحظ الخطة الخمسية القادمة شبكات حماية اجتماعية، وألا يتم نسيانها كما نسيتها الخطة الخمسية العاشرة.

وتطرق الكنج إلى قانون العمل 17 مطالباً الحكومة بتمكين الوزارة المعنية بامتلاك الآليات اللازمة لتنفيذ هذا القانون، نظراً لحاجتها الماسة إلى المفتشين لعدم امتلاكها لهم، متسائلاً عن كيفية تطبيق القانون في واقع نجد فيه رب العمل  يتهرب من كل التزاماته تجاه العمال.

يجب إصلاح السلوك في التعامل مع قانون التأمين الصحي

حسين الأحمد أمين الشؤون الصحية في الاتحاد العام توجه في حديثه لأعضاء مجلس الاتحاد العام، فأشار إلى قانون التأمين الصحي وما رافقه من جدال واسع بين الاتحاد العام لنقابات العمال والجهات المعنية، مؤكداً أن الاتحاد العام عندما وافق على قانون التأمين الصحي، انطلق من مبدأ أساسي وهام وهو تشغيل القطاع غير الخاضع للمظلة التأمينية والصحية.

ولفت الأحمد إلى أهمية الطروحات المقدمة حول القانون، إلا أن ذلك لا يبرر نسف المشروع بكامله، مؤكداً أن هذا أكبر خطأ يتم ارتكابه، مبيناً حجم التكلفة الصحية الهائل والأعباء الملقاة على مؤسسة التأمين.

وأكد الأحمد أن الشركات الإدارية التي تقود العملية تتقاضى 10% على التكلفة الإجمالية للتأمين الصحي بناء على الاتفاق الموقع بينها وبين المؤسسة السورية للتأمين، لافتاً إلى أن الأمراض التي حذفت من العقد فإن الدولة تقدم أدويتها مجاناً كأمراض السرطان، وما تتكبده الدولة من مبالغ طائلة في مشفى البيروني لمعالجة المواطنين من هذا المرض، مبيناً أن دخول السرطان ضمن التأمين سيؤدي إلى استنزاف كل أموال التأمين وسوف يخفض من المزايا التي تم تعويضها.

وحول إشراك العاملين بالقطاع الصحي بعقد التأمين الصحي، أكد الأحمد أن وزير الصحة رفض التوقيع على العقد محاولة منه لتحسين شروط التفاوض.

المشكلة بالقوانين الناظمة لعمل القطاع العام

غسان السوطري رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال النفط قدم مداخلة أكد فيها أن علو الصوت يعتمد على عاملين اثنين، الألم والخوف، وأن ألمه هذا لما وصل إليه القطاع العام وخوفه مما هو قادم، وخاصة الشركات التي توقفت منذ عشر سنوات، والخوف على شركات في طريقها إلى التوقف أو الانتقال من الربح إلى الخسارة.

واستعرض السوطري واقع القطاع العام متسائلاً عن القطاع العام الذي نريده، مطالباً بضرورة إصلاحه بعقلية إدارة القطاع العام لأن المشكلة ليست بالمدير ولا في خط الإنتاج، وإنما بالقوانين الناظمة لعمل القطاع، مشدداً على ضرورة تطويرها ومحاسبة الإدارة على هذه القوانين، لأنه من غير الوارد أن نطالب مديراً ما مقيداً بقوانين وأنظمة بمنافسة القطاع الخاص أو المستورد.

ورأى السوطري بأن القطاع العام وصل اليوم إلى حالة يرثى لها، حيث زاد عدد الشركات المتوقفة بين 2000 - 2010 من أربع شركات إلى 17 شركة، مبيناً أن مفاصل الإنتاج لم تدرس بشكل جيد موضوع العمالة.

وتساءل السوطري عن الرابط الذي يربط وزارة الصناعة بالقطاع الخاص غير إعطاء التراخيص، وبيّن أن مشكلة القطاع العام هي مشكلة تسويقية ولا تحل إلا بتوفير الحماية للمنتج الوطني. وتطرق إلى مشروع زجاج الفلوت وأسباب التأخر في إنجازه رغم المطالبة به منذ العام 1990، مؤكداً أن هذا الخط الذي سيباشر الإنتاج في عام 2012 إذا أنتج فإنه لن يلقى له سوقاً في الداخل لوجود عدد من معامل زجاج تصنع المواصفة نفسها وبطاقات هائلة، علماً أن السوق السورية لا تستوعب سوى 25% منها وفقاً للإحصائيات.

عمال مؤسسة التبغ في مستنقع الفقر

إبراهيم عبيدو رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال الصناعات الغذائية والتبغ والسياحة عرض في مداخلته العديد من المطالب العمالية التي بقيت حتى اليوم حبيسة الوعود، مستشهداً بقضية عمال المؤسسة العامة للتبغ والبالغ عددهم 35، والتي لم تحل حتى هذه اللحظة رغم أن خدمة بعضهم تتجاوز 15 سنة، والسبب عدم حصولهم على موافقات أمنية، متسائلاً:  أليس من الأفضل أن نبحث عن أدائهم خلال سنين خدمتهم وعلى أساسها نبني قرار أفضل من تشتيت عائلاتهم؟ مطالباً بتدخل سريع لحل مشكلة هؤلاء العمال.

وعرض عبيدو للغبن اللاحق بالعاملين في قطاع المخابز من خلال عدم إعطائهم حقوقهم بدلاً عن أعمال يقومون بها أيام العطل الرسمية والأعياد، حيث أن هؤلاء العمال يعملون دون أي مقابل، داعياً إلى إيجاد تشريع يعتبر العمل الإضافي في هذه القطاعات من الأعمال التحضيرية والتكميلية دون ربط سقف العمل الإضافي بـ5% من الراتب، ناهيك عن ساعات الدوام الطويلة حيث تصل في بعض الأحيان إلى 12 ساعة عمل يومياً.

ولفت عبيدو إلى أن  عدد خريجي المعاهد البيطرية والزراعية تجاوز 90 ألف خريج، ومنذ أن حلت وزارة الزراعة التزامها بتعيين هؤلاء الخريجين في عام 2002 بدأت أعدادهم تتراكم، مبيناً الحاجة الماسة لجهودهم ولمعلوماتهم في الزراعة وتربية الثروة الحيوانية، في سبيل زيادة الإنتاج الذي يتراجع يوماً بعد يوم، مشيراً بهذا الخصوص إلى أن  الكثير منهم قبل في دراسة هذا الاختصاص بسبب وجود فرصة عمل، ولكنهم فوجئوا بقرار ورد وزارة الزراعة، فأصبحوا خارج الخدمة جميعاً، إذ لا مجال لهم للعمل إلا ضمن وزارة الزراعة.

عطلة يوم السبت للجميع.. أو دفع بدل عنها

خالد الخضر رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال البناء والأخشاب، أكد أن الشركات الإنشائية لاتزال تعاني من تأخر صرف قيمة الكشوف المستحقة الدفع في وقتها، لذلك فلابد من ضرورة الإسراع في  إصدار الأنظمة الداخلية للشركات الإنشائية التي نص عليها المرسوم التشريعي 84 لعام 2005.

وطالب الخضر بمنح عطلة يوم السبت أو دفع بدل عنها أسوة بالشركات السورية للشبكات – الدراسات والاستشارات الفنية- الدراسات المائية، ودعم الصناديق التعاونية أو التكافلية العائدة لبعض الشركات الإنشائية.

نظام موحد للحوافز يحقق العدالة في التوزيع

نبيل العاقل رئيس الاتحاد المهني للخدمات العامة أكد على ضرورة إعادة النظر في هيكلة وملاكات الإدارات بما يكفل تثبيت العمال المؤقتين استناداً إلى قرار رئاسة مجلس الوزراء، وإعادة النظر في قرار رئاسة مجلس الوزراء القاضي بمنح 25% من عدد العاملين في كل وزارة، وتعويض العمل الإضافي، والتكليف وفق الحاجة، وضرورة تخفيض قيمة أجور المخططات الهندسية لرخص البناء كونها مجحفة بحق المواطنين.

إبقاء القطاع العام على ما هو عليه أخطر من الخصخصة

تطرق جمال القادري رئيس اتحاد عمال دمشق في مداخلته إلى موضوع الرواتب والأجور ومستوى المعيشة والأسعار التي انفلتت من عقالها، وخصوصاً ما يتعلق بأسعار السلة الغذائية، متسائلاً عن الإجراءات التي يمكن اتباعها في ظل اقتصاد السوق الاجتماعي للحد من هذا الفلتان الجنوني للأسعار، ولحماية الطبقات الفقيرة في المجتمع وفي مقدمتها الطبقة العاملة.

ورأى القادري أن هناك تخبطاً في بعض هذه الإجراءات، كقرارات فتح التصدير وإيقاف التصدير، مما يؤكد عدم وجود أجندة واضحة فيما يتعلق بالسلع المصدرة وأثرها على السوق المحلية، مطالباً بضرورة إيجاد آلية للتدخل الفوري، كأن تكون هناك خلية أزمة لمعالجة واقع الأسواق ولوضع آلية تدخلية لا تتعارض مع اقتصاد السوق الاجتماعي، خاصة أن الجميع عاش تحولاً سريعاً نحو اقتصاد السوق، لكن لم ير البعد الاجتماعي يتبلور في هذا الاقتصاد، مبيناً أن الإجراء الأساسي لمواجهة هذه المشكلة عدم تناسب الأجور والرواتب مع مستويات الأسعار هو زيادة سريعة في الرواتب والأجور، وهو حق مكتسب للعاملين في الدولة بعد أن أقرت الخطة الخمسية العاشرة زيادة نسبة 100%، وتبقى في ذمة الحكومة 35% وإن تضاربت التصريحات. وحول موضوع دعم المحروقات طالب القادري بالاكتفاء من أبناء الطبقة العاملة ببيان راتب لمنح هذا الدعم.

أما بالنسبة لإصلاح القطاع العام، فقد أكد أن التحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي لا يعني القضاء على القطاع العام الذي لم يحظَ خلال سنوات الخطة بأي اهتمام لإصلاحه ومعالجة واقعه التسويقي والعمالي، باستثناء بعض الإجراءات الترقيعية، محذراً من أن الإبقاء على القطاع العام على ما هو عليه أخطر وأكبر خسارة من الخصخصة، مطالباً بضرورة إصلاح الشركات وإعادة ألقها من خلال تخصيص مبلغ من الموازنة الاستثمارية بمقدار 50 أو 30 ملياراً، أو ما تجده الحكومة مناسباً للبدء بإصلاح القطاع العام.

دفن مئة طن من النفايات النووية على طول الجولان وعرضه

أحمد سعدية رئيس اتحاد عمال القنيطرة أكد أن إسرائيل تمارس أبشع الممارسات بحق تربة الجولان من تجريف ودفن نفايات وحرق واقتطاع غابات واقتلاع آلاف من أشجار التفاح، الأمر الذي تسبب بتدهور خطير لتربة الجولان وموارده الطبيعية، فضلاً عن التلوث الناتج عن نفايات المستوطنات والكيماويات، ومياه  الصرف الصحي الناتجة عن المعامل والمصانع وتجمعات قوات الاحتلال، والمشكلات البيئية الناتجة عن الأسمدة والمخصبات الزراعية والإسراف باستخدامها، والتدريبات والمناورات العسكرية الدورية لقوات الاحتلال، ودليل ذلك ارتفاع عدد الإصابات بأمراض السرطانات المتعددة والإصابات الجلدية التي ارتفعت نسبها خلال الأعوام القليلة الماضية.

العودة عن مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي

مصطفى هزاع اتحاد عمال دير الزور، طالب بالعودة عن مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي الذي اعتمد في المؤتمر العاشر، والذي بدأت نتائجه السلبية بالانعكاس على الاقتصاد السوري من فلتان للسوق، وإفقار للشعب، وموجة غلاء باتت تهدد حياة آلاف الأسر السورية محدودة الدخل.

وحول مشكلة نقابة النقل والحجز على أموال المتهمين وعوائلهم والمبالغ التي وضعتها اللجنة المنبثقة من الاتحاد العام، وعدم قبول اللجنة المشكلة من اتحاد عمال المحافظة لتقدير المبالغ المختلسة، تساءل هزاع: إلى متى يبقى هذا الوضع على ما هو عليه دون إيجاد حلول للمشكلة؟ وأضاف أن خطة الدولة في الخطة الخمسية العاشرة كانت تقضي بتوظيف أكثر من 300 ألف عامل وهي تدّعي تحقيق نسبة 70% من عمليات التوظيف، فأين تمت هذه العمليات، مع العلم أنه في السنوات الأخيرة لم تصل نسبة التوظيف في محافظتنا لأكثر من 20 عاملاً؟.

إلغاء شركة التوكيلات الملاحية يمس بالأمن الوطني

علي داوود رئيس اتحاد عمال اللاذقية أكد أن القطاع العام قضية وطنية وتطويره مصدر أساسي من مصادر القوة والمنعة، متسائلاً أين القطاع العام الذي كنا نعتبره خطاً أحمر؟ وطالب بضرورة أن يخرج المجلس بقرارات ملزمة من شأنها السير قدماً بتحقيق نقلة نوعية تجاه إصلاح هذا القطاع العام.

وبخصوص شركة التوكيلات الملاحية لفت رئيس اتحاد عمال اللاذقية إلى أنه تم تحويلها إلى هيئة عامة، وهي ذريعة لإلغاء الشركة، لأن الوكالات الخاصة خالفت المرسوم 55 لعام 2002 الذي سمح لها بالعمل إلى جانب التوكيلات الملاحية، مشيراً إلى أن إلغاء الشركة يمس بالأمن الوطني فالوكالات الخاصة قد تؤثر على جاهزية الدفاع وسرية العتاد وهذا بشهادة قيادة الجيش.

قانون التقاعد المبكر وانعكاساته السلبية على العمال

عمر حورية رئيس اتحاد عمال حمص أكد في مداخلته على العديد من النقاط الهامة، في مقدمتها: التخوف من قانون التقاعد المبكر وانعكاساته السلبية إذا تم صدوره وفق ما هو مطروح اليوم، وذلك على صناديق النقابات والاتحادات العمالية، وبالتالي إفلاس صندوق المؤسسة العامة للتأمينات نتيجة الأعداد الكبيرة التي سوف يشملها هذا القانون، وخاصة بعد الإعلان عن تقديم إغراءات راتب ثلاثة أشهر عن كل سنة بعد الخمسين ومزايا أخرى تثبيت العمال المؤقتين الذي تجاوز عددهم الـ63 ألف عامل وعاملة على مستوى القطر.

وأشار رئيس اتحاد عمال حمص إلى ضرورة إعادة منح تعويض الاختصاص لحملة المعاهد الفنية المتوسطة والثانويات الصناعية المعينين بعد عام 1986 في الشركة العامة للأسمدة وبعض الشركات التابعة لوزارة الصناعة، والتي تم وقف منحها منذ عام ونصف بناء على كتاب من وزارة الصناعة المتضمن التريث.

سيف أرباب العمل ما زال مصلتاً على العمال

علي إسماعيل رئيس اتحاد عمال طرطوس عرض في مداخلته لواقع شركة التوكيلات الملاحية بطرطوس واللاذقية، فأشار إلى أن الفكرة المطروحة حالياً والنوايا الجديدة المتمثلة بإعادة هيكلة شركة التوكيلات الملاحية المحدثة عام 1969 وتحولها لهيئة ناظمة لمنح تراخيص المهن البحرية، يهدف إلى إلغاء الدور المناط بهذه الشركة التي رفدت الخزينة بملايين الليرات السورية سابقاً، ويؤدي للتخلي عن 90% من العمالة الموجودة حالياً وهي 500 عامل، إضافة إلى الخطورة الأمنية بعد التخلي عن شركة التوكيلات لصالح الوكالات الخاصة حيث أشارت لذلك بوضوح هيئة الإمداد والتموين وكشف سرية البضائع الواردة إليها. وإن إلغاء رسم الوكالة للشركة سيؤدي إلى توقفها، وخسارة للموازنة العامة حيث سددت شركة التوكيلات بعام 2009 لخزينة الدولة 124 مليون.

وعن قانون العمل الجديد أشار إسماعيل  إلى أن بعض العاملين بالقطاع الخاص يقوم أرباب العمل بتسريحهم بدلاً من إنصافهم ومنحهم المزايا الواردة بالقانون الجديد، ويحرمونهم مصدر رزقهم لأن سيف أرباب العمل مازال مصلتاً عليهم، ويفصلهم وقت يشاء بظل القانون الجديد، مطالباً  الجهات المختصة بالسعي لإلزام أرباب العمل بالتأمين عليهم بدلاً من تسريحهم.

وعود التشغيل ذهبت أدراج الرياح

فهمي إيليو رئيس اتحاد عمال الحسكة أشار إلى أن الجفاف الذي تعرضت له البلاد وبالأخص محافظة الحسكة، تسبب بانعدام موسم القمح والقطن لهذا العام، الأمر الذي  أدى إلى هجرة السكان، وسبب حالة من عدم الاستقرار، وبرغم الوعود بتشغيل كل فرد من العوائل المتضررة، إلا أن شرط الشاغر والأعمار يمنعان تحقيق ذلك.

ظهور كنتونات اقتصادية ورأسمالية تمسك برقبة الشعب

نزار العلي عضو مجلس الاتحاد العام قال في مداخلته  أريد أن أسجل بعض الملاحظات على الخطة الخمسية العاشرة التي أقرتها الحكومة بأنها لم تحقق أهدافها:

- لقد أكدت الخطة الخمسية العاشرة أن المستفيد الأول والأخير من نسب النمو التي طرحتها الحكومة هم رجال الأعمال والتجار، الذين عملوا بلا قيود في مفاصل الاقتصاد الوطني، أما باقي أفراد الشعب من الفقراء والكادحين وأصحاب الدخل المحدود فهم لم يستفيدوا من هذا التمويل، بل ازدادوا فقراً وعوزاً.

- أكدت الخطة الخمسية العاشرة أن إطلاق حرية العمل دون ضوابط في السوق تحت شعار أن آليات السوق تستطيع بعفوية أن تخصص الموارد وتحدد الأسعار بشكل عادل وتحقق النشاط الاقتصادي الذي يؤدي للازدهار، أكدت فشلها بدليل التدهور الحاصل في مستويات المعيشة، وعدم التوازن بالأسعار، ومثال ذلك حالياً مادة البندورة التي ارتفع سعرها من 10 ل.س إلى 50 ل.س.

- لقد فشلت الخطة الخمسية العاشرة بربط الأجور بالأسعار، وتبريرها أن التراجع في ذلك يعود إلى الحركة الانتقالية من الاقتصاد الاشتراكي إلى اقتصاد السوق هو تبرير عار عن الصحة لأن معظم الدول النامية في حال تغير نظامها الاقتصادي تربط الأجور بالأسعار، وتنظر إلى برامج اجتماعية تحقق التوازن الأهلي والاجتماعي، وهذا ما حصل في أوروبا إبان الحرب العالمية الثانية حيث أسست دولها رغم رأسماليتها، نظاماً اجتماعياً يقوى على تحقيق ما يسمى بالضمان الصحي والشيخوخة والبطالة، وهذه الصناديق هي مسؤولية الدولة، وأي تخفيض فيها يؤدي إلى تهديد السلم الاجتماعي.

وقد حققت سورية من خلال برامج الدعم المختلفة وسياسة التوظيف في القطاع العام، أفضل توازن اجتماعي، أما اليوم فهذا التوازن مهدد بسبب برامج إلغاء الدعم وانعدام التوسع في القطاع العام ليستوعب جيش العاطلين عن العمل، وظهور كنتونات اقتصادية ورأسمالية تمسك برقبة الشعب، فازدادت البطالة، وبتنا اليوم نحصد آثارها الاجتماعية، إذ انتشرت الرذيلة والفساد والجريمة وتجارة المخدرات والأسلحة، وهذا سببه السياسات الاقتصادية.

وأكد العلي أن التمديد بالواسطة والمحسوبية لبعض العاملين الذين انتهت خدمتهم بالدولة لبلوغهم سن الستين و لا عمل لهم ويمكن للآخرين القيام بأعمالهم، يعتبر خرقاً للقانون، ويؤكد على المحسوبية والفساد. وطالب العلي الحكومة بتنفيذ وعودها بزيادة الرواتب والأجور، متسائلاً: لماذا تصرح الحكومة عن زيادات طالما لن تصدرها؟ فأي تصريح يتم يرافقه مباشرة زيادة في الأسعار.

وأبدى العلي مخاوفه من خصخصة قطاع الكهرباء الاستراتيجي تحت مسميات الشراكة وغيرها.

هل ستفي الحكومة بوعودها بتحقيق الزيادة الموعودة؟

نزار ديب عضو مجلس الاتحاد العام، أشار إلى أنه في بداية الخطة الخمسية العاشرة انطلقت وعود الحكومة بمضاعفة الرواتب والأجور، وتم تنفيذ 65% منها، ومازالت الحكومة تقول إنها ستفي بوعودها قبل 2010، ولابد من الذكر أن آخر زيادة كانت 25% عام 2008، وكان الهدف منها تحسين مستوى المعيشة بشكل عام، ولكن رفع الدعم عن المحروقات، وإطلاق يد التجار للتحكم بالسوق بحرية، قادهم الجشع والطمع لتحقيق أرباح فاحشة دون رادع بعد تخلي الدولة عن مراقبتها للأسعار.

ولفت ديب إلى أن عام 2010 قارب على الانتهاء ومازال العمال يتساءلون هل ستفي الحكومة بوعودها، بتحقيق الزيادة الموعودة؟ وهل زيادة الرواتب ستغطي جنون الأسعار وفلتان السوق وغلاء مستوى المعيشة؟ وهل الزيادات بمجملها ستردم الهوة بين الأجور والحد الأدنى الضروري لمستوى حياة كريمة؟ متسائلاً عن كيفية حساب رئيس الحكومة للزيادة المرتقبة بـ17% بإضافة ترفيعتين دوريتين 9%+9%، متناسياً أن هذه الترفيعات حق طبيعي للعامل القائم على عمله؟ فماذا يكون نصيب العمال المتقاعدين وغيرهم؟.

واستطرد ديب قائلاً: هواجسنا كبيرة، وعندنا من القلق ما لا يطمئننا على مستقبل أولادنا، وخاصة مع المشاريع المنطلقة في خصخصة قطاع الكهرباء والماء والصرف الصحي والطرق والمطارات والموانئ والخطوط الحديدية والهاتف والصحة والتعليم، وصولاً إلى  رغيف الخبز منذ أن تمت إشاعة وجود مرض سونة القمح.

إعطاء الحق للعمال بالإضراب المطلبي

رافع أبو سعد عضو مجلس الاتحاد العام أكد أن الجانب الاجتماعي غائب عن النهج الاقتصادي  الذي سرنا فيه أشواطا متقدمة، بل وأحياناً متسرعة، فيما يخص نهج السوق النيوليبرالي الذي يرى أن الشق الاجتماعي ألصق فيه لصقاً دون أي مبرر، مشيراً إلى أن غياب الشق الاجتماعي سيزيد من أعداد الفقراء والعاطلين عن العمل، ومن المشكلات الاجتماعية التي كان مجتمعنا بعيدا عنها (الهجرة، تشتت الأسر، الجريمة بأنواعها..).

ولفت أبو سعد إلى أن رفع الدعم من حوامل الطاقة وتحرير التجارة أدى إلى تضخم نسبة الفقراء، وعجز الشرائح الشعبية عن مواجهة تكاليف المعيشة، خاصة وأن الأجور لم تجار ارتفاع تكاليف المعيشة وقفزات الأسعار، مؤكداً أن الخطة الخمسية العاشرة لم تنفذ التزاماتها بإحداث 1250000 فرصة عمل. وحول قانون العمل الجديد أوضح أبو سعد أنه رغم مختلف التصريحات فإن العامل هو الأضعف في القانون الذي أطلق يد رب العمل في إنهاء عقد العمل، لذا لابد من تمكين العمال باستصدار تشريع يسمح لهم بحق الإضراب المطلبي دفاعاً عن حقوقهم القانونية.

إعادة النظر بموضوع دمج المؤسسات

شفيق طبرة عضو المجلس قدم مداخلة تطرق فيها إلى موضوع دمج المؤسسات الاستهلاكية وسندس والخضار والفواكه، مطالباً بضرورة إعادة النظر بموضوع الدمج وتشكيل لجنة لدراسة واقع هذا الدمج فيما إذا كان الدمج مجدياً من الناحية الاقتصادية أو سبباً في الخسائر، متسائلاً عن المصلحة في إعادة الدمج دون شروط موضوعية وعلمية.

وتطرق إلى منافذ البيع الموجودة في درعا الخالية من المال بسبب رفض مديرية العمل ترشيح عمال بحجة التعليمات الجديدة، مطالباً التقنين لأن المراكز لاتزال مغلقة.

العامل يأكل رغيف خبز وحبة بندورة وقرن فليفلة!

محمد مضر طربيشي عضو مجلس الاتحاد العام أكد على ضرورة إعادة النظر بالقرارات السياسية المتعقلة باقتصاد السوق الاجتماعي، لأن بعضها أنهك العمال وذوي الدخل المحدود، والنظر في ارتفاع الأسعار الجنوني وخاصة السلع الضرورية ذات الاستهلاك اليومي، فكان العامل يأكل رغيف خبز وحبة بندورة وقرن فليفلة، أما الآن فلم يعد بمقدوره فعل ذلك ليكون غذاؤه رغيفاً مع قرن فليفلة دون البندورة، وطالب الحكومة بالتدخل الفوري للسيطرة على وضع الأسواق الداخلية، والعمل على إيقاف التصدير حتى يتم اكتفاء السوق الداخلية.

فلاشات

• مشادة كلامية على درجة عالية من التَّوتُّر كادت أن تنسفَ الاجتماعَ منذ بدايته بين جمال قادري رئيس اتحاد عمال دمشق ووزيرة العمل إثر عدم اكتراث الوزيرة بمداخلة القادري الذي وبّخها طالباً منها السكوت والاستماع والتوقف عن التّهكم.

• الوزيرة تطالبُ بالانسحاب من القاعة.. وعزوز لا يمانع، ولكن النائب الاقتصادي يرفض ذلك ويطلب منها إكمال الجلسة.

• رئيس الاتحاد العام موجهاً كلامه لوزير الصناعة: «أطلب منك ومن باقي الوزراء الاستماع إلى النهاية ومن ثم الرَّد وعدم اتهام العمال باللاصدقية في أحاديثهم».

• مصطفى الهزاع يطلب من الحكومة العودة عن مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي الذي أثبت فشله في الخطة الخمسية العاشرة.

• نزار العلي يطلب عدم دعوة  رجال الأعمال أو بعض القيادات «الجبهوية» العاملة في التجارة إلى حضور المؤتمرات والمنتديات لأن هؤلاء يصبحون بين ليلة وضحاها تجار مخدرات.

• النائب الاقتصادي يعتبر نفسه من ذوي الدخل المحدود، ومع ذلك فإنه لا يبني سياساته على أساس الفردية والشخصنة.