بصراحة: حقوق عمال الأفران، والمخابز في الظروف الاستثنائية

بصراحة: حقوق عمال الأفران، والمخابز في الظروف الاستثنائية

العمال عموماً، وعمال الأفران خاصةً معاناتهم كبيرة، ومطالبهم محقة، ولكن ليس هناك من يستجيب لها بالرغم من ظروف العمل القاسية التي يعملون بها في الأحوال العادية، فكيف في الظروف الاستثنائية الحالية التي تتطلب جهوداً استثنائية أيضاً لتأمين متطلبات، 

واحتياجات المواطنين من مادة الخبز التي تعتبر أساسية ، ورئيسية في الوجبة الغذائية لعموم الناس، وخاصةً للفقراء منهم، وبالتالي تأمين هذه المادة من أولى مهام الحكومة مهما كانت الصعوبات، والمعيقات التي تعترض تأمينها، كالظروف التي تمر بها بلادنا الآن، والتي يكثر فيها لصوص الأزمات، وتجارها مستغلين الحاجة الماسة لها من المواطنين، واستعدادهم مرغمين لدفع مبالغ أضافية من أجل تأمين حاجتهم منها كما حدث مؤخراً، حيث وصل ثمن ربطة الخبز الواحدة لمائة ليرة سورية، ولكن هذا الوضع لم يستمر طويلاً بسبب ما اتخذ من إجراءات سريعة في تأمين مادة الطحين و المازوت للأفران، والمخابز العامة والخاصة في كل الأماكن مع العلم أن معظم الأفران المنتجة للخبز تقع تحت خط النار، وهذا يعني أن العمال العاملين في هذه الأفران يتعرضون لمخاطر حقيقية تصل أحيانا لدرجة الموت، ومع هذا لم يتأخر العمال عن أداء واجبهم في العمل لتأمين احتياجات الموطنين على مدار الساعة، وهذا العمل البطولي لا يقل أهمية عن أعمال أخرى تجري على الأرض في مواجهة من يريدون التغيير عن طريق استخدام السلاح، وهو طريق يجعل الوطن برمته في دائرة الخطر الحقيقي الذي يريده المشروع الأمريكي الغربي، والرجعي العربي.

لقد أجدى التحرك الذي قام به عمال المخابز مطالبين الحكومة بإعادة النظر بأوضاعهم وحقوقهم من خلال العريضة التي قدمت إلى الوزارة المعنية، وبحضور قيادي نقابي، حيث عبر العمال عن مطالبهم مباشرة، وبكل وضوح، وأهم تلك المطالب تثبيتهم في عملهم الذي يعملون به منذ سنوات، يهددون دائماً بلقمة عيشهم باعتبار عقودهم مؤقتة أو يعملون بأجر يومي، وبالتالي لا يشملهم قانون التأمينات الاجتماعية الذي يحميهم من إصابات العمل، ويضمن لهم معاشاً في حال وصولهم لسن التقاعد، ومن المطالب الأخرى التي طرحها العمال حقهم في الضمان الصحي، وأجر عن العمل الإضافي الذي لا يتقاضون عنه أجرا،وتطبيق ساعات العمل النظامية ب ثماني ساعات عمل كسائر العمال مع العلم أنهم يعملون /12/ ساعة عمل متواصلة في اليوم الواحد، وهذا مخالف لقانوني العمل المعمول بهما في سورية.

إن تسوية أوضاع العمال يقتضي تعديل القوانين المطبقة عليهم، وهذا ليس بالأمر المستحيل إذا ما توفرت إرادة إنصاف هؤلاء العمال، وإذا ما تبنى قضيتهم ممثلوهم في مجلس الشعب، ودافعوا بقوة، وإصرار عن مطالب العمال، وحقوقهم المشروعة التي يطالبون بها منذ وقت ليس بالقصير، خاصة وأن الحكومة قد كلفت وزير المالية ووزير التجارة الداخلية لدراسة أوضاع العمال من أجل تسوية أوضاعهم، وهذه خطوة مهمة تخطوها الحكومة لإنصاف العمال، وتأمين حقوقهم التي أضاعتها الحكومات السابقة تحت شعار انتهاء الدور الأبوي للحكومة، وأن ليس هناك عمل دائم، وهذا الشعار اللعين قد نصح به الحكومات السابقة صندوق النقد الدولي من أجل إعادة هيكلة اليد العاملة لتخفيف الأعباء المالية عن الحكومة، وهذا المسار الذي سار عليه الفريق الاقتصادي قد أطلق العنان لقوى الفساد داخل جهاز الدولة، وخارجها لتعتدي على حقوق العمال ومكاسبهم، وتطلق يد أرباب العمل من خلال قانون العمل رقم /17/ الذي فصل على قياس مصالح أرباب العمل من حيث حريتهم المطلقة في تسريح العمال، وإنشاء العقد الذي يؤمن مصالحهم تحت صيغة العقد شريعة المتعاقدين، وفي هذه الحالة الأقوى هو من يحقق شروطه.