هل القانون 17 مع العمال أم ضدهم؟
منذ دخول قانون العمل رقم 17 والمتعلق بالقطاع الخاص حيز التنفيذ، وبعض السلبيات تتكشف لدى الأطراف المستفيدة منه، الأمر الذي يؤكد أن نسبة الهوة بين العامل ورب العمل في تزايد مستمر ولم تختلف عن السابق بشيء، بالإضافة للاعتقاد السائد لدى الأغلبية الساحقة من العمال أن القانون يشوبه بعض السلبيات التي تكون ضدهم كالفقرة التي تتيح لرب العمل تسريح العامل من عمله بشكل مفاجئ ومتى يريد، عدا عن تهرب بعض أو أحد أطراف المحاكم العمالية دون وجود أي إلزام قضائي بضرورة الحضور، والتواجد عند انعقاد أي جلسة قضائية.
إن ما يقدم عليه أرباب العمل ضمن سياق هذا القانون يساعدهم على ذلك غياب أو نقص الكوادر التفتيشية لدى وزارة شؤون الاجتماعية والعمل لضمان حق العمال، فتتسع المخاوف وتزداد لدى العمال من ضياع حقوقهم، وغياب الضمانات التي تقدمها تلك الجهات، ومن ناحية أخرى امتداد فترات المحاكم على مراحل زمنية أطول، مما يضع العامل في حيرة من أمره لزيادة المصاريف في حال قرر الالتجاء إلى القضاء لإنصافه.
حضور ورقي خجول
إن الكثير من القضايا والأحداث التي تجري يومياً على أرض الواقع تثبت الحضور الورقي للقانون 17 الذي جاء لمعالجة جميع الإشكاليات والمخالفات التي تتم داخل مفاصل كل المخاوف العمالية من خلال ما تضمنه من مواد ضامنة لحقوق العمال والسؤال الهام هو: هل تم الالتزام بمواد هذا القانون من أرباب العمل أم ظل مجرد حبر على ورق؟!.
لاشك أن الإجابة على هذا السؤال لا تحتاج إلى الكثير من التدقيق والبحث، فالقضايا حاضرة وجاهزة، ولا يمر يوم دون أن تنتهك حقوق العمال، وتخترق حرمة القانون الذي أدخلت مواده غرفة الانعاش منذ ولادته، وبين أيدينا إحدى هذه القضايا التي تدخل في إطار الالتفاف على مواد القانون حسب ما أكده لنا أصحاب الشكوى من العاملين في مكتب نحاس للسياحة والسفر بدمشق، وكلاء عدة شركات للطيران منها: (النمساوية، الخليج، طيران ناس، الكويتية، اللبنانية، نظام الحجز سيبر) الذين ينعمون الآن بنعم البطالة وانقطاع مصدر رزقهم، بعد أن تم رميهم خارج المظلة الوظيفية دون وجه حق وبأسلوب غير قانوني.
الشكوى لغير الله مذلة
يقول العمال في شكواهم: «لقد قام صاحب هذه المؤسسة بالإعلان عن إغلاق وإفلاس المؤسسة تهرباً من دفع حقوق العاملين لديه، والذين يبلغ عددهم /45/ موظفاً، حيث تم إبلاغنا بقرار الإغلاق يوم الخميس في 17/5/2012، وتم صرفنا من العمل يوم السبت 19/5/2012 دون الحصول على حقوقنا في التعويضات التي يمنحنا إياها القانون بخصوص التسريح التعسفي، والمفاجأة التي سنضعها بين ايدي الجهات المعنية، والتي عليها المتابعة أن صاحب هذه المؤسسة مازال يزاول نفس النشاط في السياحة والسفر لكن هذه المرة تحت اسم آخر وهو: «نحاس الدولي للسفر»، والموجود مقابل فندق الشام بدمشق حيث يمارس البيع على وكالة طيران نحاس وطيران الخليج والذي أدعى توقف البيع عليهم».
واللافت كما اشار العمال أن بعض الموظفين تم تسجيلهم بالتأمينات الاجتماعية مؤخراً، وأن بعضهم تجاوزت مدة عمله بالمؤسسة العشرين عاماً، وطيلة هذه الفترة لم يحصل على أية زيادة دورية أو حتى الزيادة الأخيرة رغم الأوضاع المعيشية الصعبة.
وناشد العمال جميع الجهات المعنية لإنصافهم من الإجحاف الذي لحق بهم جراء هذا القرار، وخاصة في هذه الظروف الصعبة، فهم مسؤولون عن عائلات يقومون بالإنفاق عليها، وأصبحوا حالياً عاطلين عن العمل وقد تقدموا بشكوى إلى اتحاد العمال بتاريخ 21/5/2012 تحت رقم 1619، والاتحاد العام لنقابات العمال بدوره وجه كتاباً إلى وزارة العمل حول قضيتهم.
هل من مستجيب؟
إذاً منذ صدور القانون 17، هذه القضية ليست فريدة الحدوث في هذه الظروف، ولكنها متميزة من ناحية الأسلوب والطريقة التي تمت فيها عملية التسريح، كما أن أية عملية حسابية لتعويضات هؤلاء العمال /45 عاملاً/ تشير إلى عدم تجاوزها سقف 4 ملايين ل.س، فهل هذا الرقم كبير بالنسبة لمؤسسة كبيرة وعريقة في السياحة أم أن للقضية وجهاً أخر؟!.
القضية الآن أصبحت في عهدة وزارة العمل وتقع على عاتقها كلمة الفصل التي نأمل أن تبقى ضمن سلطة القانون رغم اعتراضنا على الكثير من مواده التي حابت أرباب العمل، وأن لا تدخل متاهات المحاكم اكثر لكي لا يدفع العمال ضريبتها، كما أن خصوصية هذه المرحلة تتطلب من الجميع التكاتف، والتعاون لتجاوز جميع المشكلات، وخاصة أصحاب العمل الذين عليهم الوقوف إلى جانب الوطن وطبقته العاملة، لا الوقوف ضدهم في كل حق يطالبون به. فهل وصلت الرسالة بعد وضوح القضية يا أصحاب القرار؟