بصراحة: هل هناك ضرورة أن يكون للعمال برنامج انتخابي؟؟
العديد من القوى السياسية، والاجتماعية ترى في الأزمة الوطنية القائمة الآن أنها وليدة اللحظة التي بدأت منها، وليست نتيجة لتراكم، و تفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية على مدار عقود من الزمن عززتها أكثر فأكثر، السياسات الاقتصادية التي تبنتها الحكومات السابقة، والتي لعبت دوراً أساسياً في إفقار الشعب السوري، ومنه الطبقة العاملة السورية، حيث تعرضت حقوقها ومكاسبها لهجوم واسع، وأيضاً لاتهام مفاده أن الطبقة العاملة هي السبب الرئيسي فيما يعانيه الاقتصاد السوري من أزمات، وبناء على هذا لابد من إعادة «هيكلة» اليد العاملة، وحتى تقليصها إلى الحدود الدنيا مع أن التقارير الصادرة عن الحركة النقابية تؤكد على وجود نقص حقيقي في اليد العاملة على خطوط الإنتاج، وتضخم في أعداد الإداريين.
إن قوى رأس المال الكبير المدعومة من قوى الفساد الكبير استطاعت أن تمركز الثروة بين يديها التي تحكمت من خلالها بمقدرات البلاد والعباد نتج عن ذلك تحييد القطاع العام إلى حد بعيد عن القيام بدوره الحقيقي في قيادة الاقتصاد الوطني باتجاه نسب النمو الضرورية لتنمية تتصدى لأزمات البطالة والفقر عبر الاستثمار في الإنتاج الزراعي الصناعي الذي يولد قيمه مضافة عالية، ويشغل أعداداً كبيرة من الوافدين إلى سوق العمل كذلك جرى التضييق على القطاع الخاص المنتج الذي توسع في الفترات الأخيرة، وضم بين صفوفه مئات الألوف من العمال ذوي الخبرة في الصناعة، أي أن قوى السوق الكبير قد عملت وفق برنامجها، ومصالحها التي كانت بعيدة عن مصلحة الشعب السوري الفعلية، كل ذلك جرى في ظل غياب مقاومة فعلية لهذا البرنامج على الأقل يحد من نتائجه الفعلية على الأرض، ويضيق عليه مساحة الحركة التي يتحرك بها، حيث كانت واسعة، وليس لها حدود، بالمقابل كان التضييق كاملاً على القوى المنتجة، وممثليها في الرد، والمواجهة مع برنامج قوى السوق الكبير دفاعاً عن المصلحة الوطنية، والتي تشمل الدفاع عن الاقتصاد الوطني العام والخاص المنتج، وعن حقوق الطبقة العاملة ومكاسبها، وهذا يتطلب إنجاز العديد من القضايا الهامة التي بدونها لايمكن المواجهة مع ذاك البرنامج، يأتي في مقدمتها تأمين استقلالية الحركة النقابية من هيمنة الأحزاب على قرارها المفترض أن يكون مستقلاً في المواجهة، لأن ذلك سيعزز وحدتها التنظيمية، ويجعلها صوّانية في مواجهة دعوات التفتيت التي تظهر بين الفينة، والأخرى تحت حجة التعددية النقابية، وحرية تأسيس نقابات مستقلة يدعو لها اتحاد العمال الحر المُهيمن عليه من الحركة الصهيونية، والامبريالية الأمريكية، و فيه العديد من الاتحادات النقابية العربية، بالإضافة للهستدروت الصهيوني«نقابات العمال الأسرائيلية»، ومن هنا تكتسب وحدة الحركة النقابية السورية أهميه استثنائية خاصةً في ظروفنا الحالية التي يتطلب فيها من الطبقة العاملة النهوض بأعباء الدفاع عن الوطن، وحماية اقتصاده الوطني من النهب والفساد، وحماية حقوقها الأجرية من الانخفاض بفعل الاحتكار، وارتفاع الأسعار، وحرية التعبير عن مصالحها، وذلك باستخدام طرقها السلمية في التعبير التي كفلها الدستور، حيث تقف الكثير من القوى ضد استخدام هذا الحق الشرعي في الدفاع عن المصالح، والحقوق.
لقد راكمت الطبقة العاملة ما يكفي من التجارب، والخبرات التي تجعلها مؤهلة أن تنجز الاستحقاق النقابي القادم بالشكل الذي يلبي شروط النضال، و هذا يعني ضرورة خوض المعركة الانتخابية بشكل واضح وجلي على أساس برنامج انتخابي يتقدم به المرشحون، ويكونون مسؤولين أمام العمال عن برامجهم التي سينتخبهم العمال على أساسها، ولهم حق سحب الثقة الممنوحة للمرشحين إذا ما شعر العمال إخلالاً بما تم الوعد به، وحتى يصبح هذا الوضع حقيقة لابد من التفاف العمال حول البرنامج المطروح ليتحول إلى قوة حقيقية تعبر عن إرادة العمال في التغيير الحقيقي المطلوب، والتغيير المطلوب وجود حركة نقابية تقود النضال العمالي وفقاً للمصلحة الوطنية التي منها مصلحة الطبقة العاملة في أن تعيش كريمة في لقمتها وحرة في كلمتها.
أيها العمال لنختر من يمثلنا بوعي وحرية هذا الأصلح لنا.