بصراحة: قوانين عمل مختلفة.. ولكن نتائجها واحدة على العمال!
الطبقة العاملة السورية، في القطاع العام، وفي القطاع الخاص، كلّ منهما تخضع لقانون عمل خاص بها، وهذان القانونان المختلفان اللذان يخضع لهما العمال. قد فرقا وميزا في حقوق الطبقة العاملة، فما هو موجود في القانون الأساسي للعاملين الذي يخضع له عمال القطاع العام، ليس موجوداً في قانون العمل رقم /17/ الذي يخضع له عمال القطاع الخاص، الذي تمتفصيله على قياس مصالح أرباب العمل.
وأخرج بالشكل الذي يتوافق مع مرحلة الهجوم على القطاع العام ودوره الريادي السابق في قيادة الاقتصاد الوطني، وإعطاء الدور والصلاحيات للقطاع الخاص من أجل «إنجاز» نسب النمو والتنمية المطلوبة، باعتباره قاطرة النمو التي راهن عليها الفريق الاقتصادي والحكومة العتيدة السابقة ومازال هذا الرهان مستمراً بالرغم منالأزمة العميقة السياسية والاجتماعية والاقتصادية القائمة اليوم، والتي كانت إحدى مسببات تفجرها السياسات الليبرالية التي تبنتها الحكومة في خطتها الخمسية العاشرة المعمول على هداها إلى الآن.. حيث يجري طرح الكثير من المشاريع (الإصلاحية) للقطاع العام، ولكن على القاعدة نفسها التي انطلقت منها الحكومة السابقة بخططها (الإصلاحية) الكثيرة التي نشاهدنتائجها الواضحة بتوقف العديد من شركات القطاع العام عن العمل وبالخسارات الكبيرة التي أصابت قطاعات اقتصادية هامة مثل النسيجية، كان من المفترض أن تحقق أرباحاً حقيقية وتضيف إضافات مهمة إلى خزينة الدولة، ولكن الفساد الإداري والمالي والإنتاجي الذي لم يواجه أو يحاسب، قد أوصل هذا القطاع العام إلى ما وصل إليه اليوم. فدون القطاع العام لا يمكنالحديث عن نمو حقيقي للاقتصاد الوطني كون هذا القطاع يقوم بدور كبير في حل الأزمات المستعصية التي كرستها السياسات الليبرالية مثل تضاعف نسب الفقر والبطالة وازدياد أعداد المهمشين وارتفاع حدة الأزمات (حالياً أزمة المازوت والغاز والارتفاع الجنوني للأسعار..) كل ذلك قد أحال حياة الفقراء ومنهم الطبقة العاملة إلى جحيم لا يطاق، بينما الفاسدون الكبار ومنفي حكمهم يعيشون في رغد إلى حد التخمة نتيجة للنهب الواسع الذي جرى ومازال يجري في طول البلاد وعرضها دون أن يحاسبوا أو يقدموا إلى محاكمات على ما اقترفته أيديهم بحق شعبنا وحقوقه وكرامته.
إن الفساد الكبير الذي نتحدث عنه ليس محصوراً في المجال المالي فقط، وإنما طال أيضاً الجانب الحقوقي للطبقة العاملة من خلال ما صدر من مراسيم وقوانين كثيرة، كان الهدف منها التضييق على الطبقة العاملة والحد من إمكانية مقاومتها ودفاعها عن حقوقها، وأبرز هذه الحقوق هو حقها بالإضراب السلمي الذي حرمته عليها القوانين الصادرة ومنها قانون العمل /17/والقانون الأساسي للعاملين، حيث يعتبر هذا جرماً يعاقب عليه القانون، ولا يجوز ممارسته. والموقف هذا يتناقض مع مواد الدستور السوري التي نصت على حرية المواطن في التعبير عن رايه والدفاع عنه، حتى لو تعرض العامل لحرمانه من أهم حقوقه التي كفلها له الدستور السوري وهو التسريح التعسفي، الذي يتعرض له العامل لأسباب لا يحق للعامل السؤال عنهاكما تنص على ذلك المادة /137/ من القانون الأساسي للعاملين وهي:
يجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح لجنة مؤلفة من وزير العدل ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل ورئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية صرف العمال من الخدمة، وتصفى حقوق العامل المصروف من الخدمة وفقاً للقوانين النافذة.
لا يسمح باستخدام العامل المصروف من الخدمة بموجب الفقرة /1/ من هذه المادة وذلك مهما كانت صفة هذا الاستخدام إلا بقرار من رئيس مجلس الوزراء يجيز ذلك.
وعلى أساس هذه المادة جرى تسريح مئات من العمال دون سبب واضح يجيز التسريح، ومن حق العامل أن يعرف السبب الذي أدى إلى تسريحه من خلال لجنة تحقيق تؤكد مبررات التسريح، حيث لم يستجب لنداءات العمال التي وجهوها إلى مختلف الجهات ومنها قيادة الحركة النقابية أحد وبقي العمال محرومين من حقهم بالعودة إلى العمل.
ويقابل المادتان /138/ من القانون الأساسي للعاملين المادتين /64 ــ 65/ من القانون /17/ اللتان أجازتا أيضاً تسريح العمال تسرحاً تعسفياً دون أية حقوق يملكها العامل في الدفاع عن حقه في العمل والعودة إليه.
إن القوى التي سوقت للسياسات الليبرالية ودافعت عنها هي متطابقة مع تلك القوى التي أنتجت قوانين العمل، التي في جوهرها قوانين حدت من إمكانية أي تطور مستقل للطبقة العاملة يمكنها من الدفاع عن حقوقها ومكاسبها المطلبية والديمقراطية التي نصت عليها شرعة حقوق الإنسان واتفاقيات العمل الدولية والعربية، والتي لابد من النضال من أجل تثبيتها دستورياً وفيالقوانين التي لابد أن تعدل بما يتوافق مع الاتفاقيات التي وقعت عليها سورية.