بصراحة : الإضرابات العمالية في مصر بين النضال السياسي والاقتصادي
عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية، كلمات عبرت من خلالها الطبقة العاملة المصرية عن موقفها الطبقي الواضح والصريح والمميز، وهذا تعبير مكثف عن برنامجها المرحلي التي تناضل من أجله في ظل علاقات الإنتاج الرأسمالية السائدة التي سِمتها الأساسية القمع والقهر والجوع والبطالة والفقر ونهب الثروة
وقد تعززت السمة هذه مع تبني السياسات الليبرالية التي أدت إلى ضرب القطاع العام عبر خصخصته، وبيعه بأبخس الأثمان وهذه الخطوات جرت بالتزامن مع الاستيلاء الكامل على الحركة النقابية ومصادرة قرارها، وفرض قوانين عمل تمكن الاستثمارات الأجنبية والمحلية من إملاء شروطها على الطبقة العاملة عبر تقييد حركتها في تنظيم قواها، وعبر حرمانها من حق العمل إلاً بالشروط التي تبقي إدارة الشركات المباعة مهيمنة، وصاحبة قرار نهائي.
الطبقة العاملة المصرية صاحبة تجربة طويلة في النضال والدفاع عن حقوقها، وحراكها الحالي لم يأت من فراغ بل هو استمرار للمعارك الطبقية التي خاضتها منذ عقود وهناك محطات هامة في تاريخ الحركة العمالية المصرية أكسبتها الخبرة والتجربة، والتقاليد الكفاحية التي تمكنها من استعادة دورها النضالي الوطني والطبقي بمواجهة ناهبيها مهما اختلفت أشكالهم وتلونت شعاراتهم، لأن المنطلق الثابت الذي يحرك الطبقة العاملة المصرية هو موقف النظام أي نظام من حقوق العمال وتوزيع الثروة أي برنامج النظام الاقتصادي الاجتماعي، لهذا كانت الإضرابات العمالية الأخيرة في اتساع من حيث عدد العمال المشاركين فيها وهي على درجة أعلى من التنسيق والتنظيم بين القطاعات العمالية المشاركة في الإضراب عن سابقتها من الإضرابات، فقد شارك عمال الغزل والنسيج بفاعلية وهم قادة الإضرابات في السابق والحاضر وأضرب عمال الحديد والصلب وموظفو الشهر العقاري والأطباء والصيادلة، وعمال النقل.
السؤال المطروح هو: لماذا يقوم العمال بإضراباتهم الواسعة وقد تغير شكل الحكم من حسني مبارك، إلى الإخوان المسلمين، حيث العمال هم من لعبوا الدور الرئيسي في تغيير الأشكال السابقة والإطاحة بهم.
اتهمت حكومة الإخوان العمال بالشغب وتحميل الحكومة ما لا طاقة لها خاصةً عندما طالب العمال برفع الحد الأدنى للأجور بالوقت الذي فتحت فيه الحكومة الباب على مصراعيه لكبار الحرامية والمستثمرين، والحكومة الحالية مارست الدور السابق نفسه من حيث موقفها من مطالب العمال مع أن دور العمال كان كبيراً في ثورة 30يونيو التي غيرت شكل الحكم ولم تغير النظام السياسي الاقتصادي الاجتماعي الذي يعبر عن مصالح وحقوق الأغلبية من الشعب المصري.
إن الطبقة العاملة المصرية ستبقى تناضل من أجل حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا يعني تغيير النظام تغييراً جذرياُ سلمياً بما يحقق حل القضيتين الأساسيتين: القضية الوطنية، والاقتصادية الاجتماعية.