النقابية السياسية...النقابية المطلبية
شارفت المؤتمرات النقابية السنوية على نهاياتها بحسب الجداول الزمنية الموضوعة لها وكان لافتاً للنظر في العديد من المؤتمرات، ليس في دمشق فقط، بل في محافظات أخرى بروز مواقف تشير إلى أن الطبقة العاملة ليس لها مطالب أو حقوق تطالب بها الآن، بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن
لهذا فإن المؤتمرات المعقودة لم يكن طابعها الأساسي مطلبياً، بالرغم من المطالب العديدة للعمال المتراكمة منذ ما قبل الأزمة الحالية، والتي زادت، خاصةً تلك المرتبطة بالمستوى المعيشي الذي انحدر إلى مستويات متدنية وصلت عند الكثير من العمال إلى الجوع الحقيقي المترافق مع التشرد والتهجير وخراب البيوت الذي طال معظم العمال وبالتحديد عمال القطاع الخاص الذي كان تشردهم مزدوجاً من سكناهم ومن عملهم الذي فقده معظمهم.
إن الطبقة العاملة السورية التي تكونت تاريخياً في مواجهة القوى الاستعمارية، حيث كان لها دور مهم في تشكيل ذلك التيار الوطني المعادي للاحتلال الفرنسي، الذي قاد المعارك الوطنية على الأرض عسكرياً وسياسياً حتى تم الجلاء الكامل غير المنقوص عن أرضنا، إن تلك الطبقة لم تنس في سياق صراعها مع قوى الاحتلال الدفاع عن حقوقها الاقتصادية والديمقراطية، أي كانت المهمة عند العمال وقياداتهم النقابية مزدوجة لا يمكن تقديم واحدة على الأخرى تحت أي اعتبار، الحريات الديمقراطية، والنقابية تعني استقلالية الحركة النقابية والعمالية وعدم ارتهان قرارها الوطني، وموقفها الطبقي لأية جهه كانت، هذا الخيار والتوجه الذي تبنته الحركة النقابية قد عزز من دورها، وقدرتها على أن تكون قوة سياسية وطنية هامة في البلاد ساهمت إلى جانب القوى الوطنية الأخرى في دحر المشاريع الاستعمارية التي كان هدفها إلحاق سورية بها، وفشلت بذلك من حيث المبدأ بسبب الموقف الوطني للشعب السوري وقواه الوطنية.
النضال الاقتصادي هو مبرر وجود الحركة النقابية، تكتسب شرعية تمثيلها للطبقة العاملة من خلال تبنيها له كونها تملك أدوات هامة تنظيمية وبرنامجية تعبر عن مصلحة العمال في مواجهة الطبقات الأخرى المالكة لوسائل الإنتاج التي تعبر في النهاية قانونياً وتشريعياً عن ميزان القوى السائد كما حدث مع قانون العمل رقم«17» المنحاز كلياً لأرباب العمل حيث تسبب هذا القانون بخسارة آلاف العمال من القطاع الخاص لعملهم.