مكافحة الفساد بشكل حقيقي لا بالكلام المنمق فقط!!
مع إغلاق هذا العدد من «قاسيون» اختتمت المؤتمرات النقابية بدمشق، والتي قدمت تقاريرها السنوية الشاملة، التي سلطت الضوء على جميع مكامن الخطأ لتكون خطة عمل للمرحلة القادمة سواء مع الأزمة أو بعد الانتهاء منها، لأن القضايا والمطالب العمالية لا يمكن تأجيلها لأي سبب كان بل تتطلب جهوداً مضاعفة للحفاظ على كل المكتسبات التي حققتها عبر مسيرتها النضالية طبقياً ووطنياً
وكان التقرير النقابي لعمال الكهرباء قد أكد على سعيهم وحسب الظروف التي يمكن أن تتطور فيها الأوضاع في البلاد لإنجاز ما يمكن من القضايا العمالية التي تأجل إنجازها وأهمها تشميل خريجي المعاهد المتوسطة المعينين بعد عام 1985 بتعويض الاختصاص، وإعادة النظر بالقرار رقم /1475/ تاريخ 1/9/2010 بشأن تعويض لقاء مخاطر العمل بما يفيد تشميل العمال المؤقتين، وتعديل حساب بدل إشغال سكن العاملين في شركتي توليد الطاقة في تشرين والناصرية بحيث يكون البدل مبلغاً نقدياً مقطوعاً، وليس نسبة من الأجر والتعويضات، وإصدار القرار اللازم لمنح العاملين في الشركة العامة لأعمال الكهرباء والاتصالات الحوافز الإنتاجية.
ومنح تعويض بدل انتقال لعمال الحراسة والمراقبة ومؤشري العدادات وقاطعي التيار وعمال الطوارئ لأن طبيعة عملهم تحتاج إلى وسائل نقل.
حسام إبراهيم رئيس اتحاد عمال دمشق، ورئيس مكتب النقابة قال في تصريح لـ«قاسيون»: إن جميع القضايا المطروحة أمام الطبقة العاملة السورية من سياسية، اقتصادية، اجتماعية هي في غاية الأهمية، لكن يبقى العامل الاقتصادي هو الأهم في هذه الأزمة، فقد ظهرت العقوبات الاقتصادية الظالمة التي فرضتها أوروبا والجامعة العربية لإركاع سورية المقاومة والممانعة مما أدى إلى تراجع كبير في سعر صرف الليرة السورية، وبالتالي إلى تدهور أحوال الطبقات الفقيرة والمتوسطة نتيجة جشع بعض التجار ممكن يتحكمون ببعض السلع الرئيسية وربط سعرها بسعر الدولار وفلتان الأسعار في ظل غياب أي رقابة حقيقية على الأسواق.
وأضاف إبراهيم أما بالنسبة لقطاع الكهرباء، فلقد كان له نصيب كبير من تلك العقوبات مما أثر سلباً على حسن سير العمل بما يخص توليد الطاقة ونقلها وتوزيعها، ونتج عنه عجز كبير على الشبكة أدى إلى انقطاعات وتقنين، وفشل في وضع برنامج تقنين عادل، مما سبب الاختلاف في التقنين من منطقة لأخرى، بالإضافة إلى الأضرار الكبيرة التي لحقت بالكوادر البشرية العاملة والأبنية والآليات والتجهيزات والمعدات ومختلف مكونات المنظومة الكهربائية الناجمة عن عمل المجموعات الإرهابية المسلحة.
وطالب رئيس الاتحاد بتشميل العاملين في دائرة الدفاع المدني بتعويض المخاطر إضافة إلى العاملين في الهيئة التدريسية والفنية في معهد الكهرباء، وذلك لمخاطر العمل في ورشات ومخابر المعهد (ورشة لحام كهرباء، ورشة خراطة وتسوية، مخبر المعايرة والعدادات، مخبر الآلات الكهربائية، مخبر الشبكات، مخبر الصيانة، صالة الحواسيب). مشيراً لضرورة إحداث صندوق تعاوني لعمال الشركة العامة لأعمال الكهرباء والاتصالات، وإعادة النظر بالتعليمات التنفيذية الناظمة بالتكليف بالعمال الإضافي بكافة أنواعه وعدم اقتصارها على نسبة محددة من عدد العاملين.
النموذج الاقتصادي السوري الخاص به
من هنا طالبت نقابة عمال الصناعات المعدنية أن تكون إعادة الإعمار وتأهيل القطاع الصناعي بأيدي وطنية خالصة، والتركيز على الصناعات التي تقوم على تحويل المدخلات إلى مخرجات بأعمال ومراحل إنتاجية فعلية تحقق قيمة مضافة أكبر وتساهم في تنشيط وخلق صناعة سورية حقيقية كما حددها الاتحاد العام لنقابات العمال عبر التركيز والتأكيد على دور الدولة الاقتصادي الاجتماعي، ودورها الرعائي للطبقات الفقيرة في المجتمع السوري مع تحديد النموذج الاقتصادي السوري الخاص به.
وأكد أمين الشؤون الاقتصادية في الاتحاد رئيس مكتب النقابة، أيهم جرادة في تصريح لـ«قاسيون» على ضرورة الحفاظ على قطاع العام وتشغيل معامله ومنشآته حسب واقعها وإمكاناتها لرفد السوق المحلية بالمزيد من السلع بالتزامن مع تأمين سبل عمليات النقل والإيصال للمواد والسلع بين المدن والمحافظات وتأمين نقل العاملين لهذه المنشآت، وإصدار قانون جديد للعقوبات الاقتصادية لوضع حد لاحتكار تجار الأزمات والسوق السوداء، والتدخل الفعلي للدولة بأجهزتها التنفيذية ومؤسساتها في السوق المحلية وتجارة الجملة الداخلية، وزيادة دورها وتوسعها أفقياً وعمودياً في تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وإشراكهم في الرقابة والتوزيع على المواد والسلع والخدمات.
وأشار جرادة أن جميع هذه القرارات لا تكتمل إلا باكتمال قضايا وحلول أخرى لابد من العمل عليها لكي تكون مكملة وحافزة لما سبقتها منها وضع حد لتدهور القيمة الشرائية للأجور من خلال معالجة الارتفاع الفاحش للأسعار والخدمات، ومكافحة الفساد بشكل حقيقي لا بالكلام المنمق فقط، وخاصة المرتبط باستغلال الظروف الطارئة لتكوين ثروات طائلة على حساب المواطنين وخزينة الدولة، وإعادة النظر المتكاملة والمتأنية والمتدرجة للقرارات الاقتصادية المتخذة في الفترات السابقة، وذات الانعكاسات السلبية على حياة المواطنين والاقتصاد الوطني والعودة عنها واستمرار دعم الموارد الضرورية مع التدقيق في الحسابات المتعلقة بالسياسات النقدية وأسعار الصرف للقطع الأجنبي، وتنويع مصادرها والاعتماد على شبكة الدول الصديقة ضمن قاعدة التوجه شرقاً لمواجهة أي حالات حصار وعقوبات لاحقة.
وضع ضوابط للاستقالات الكثيرة
شددت نقابة عمال النقل البحري والجوي بدمشق على مساعدة الكثير من العمال ممن هجروا منازلهم وتقديم يد العون لهم، على الرغم من الحظر الجائر والمفروض قبل الأزمة وتجديده والتوسع به بعد الأزمة ممل شكل عائقاً أمام استيراد القطع التبديلية، وتعمير الطائرات وأسطول الآليات، وصعوبة تحويل الأرصدة الخارجية لمؤسسة الطيران العربية السورية وإغلاق بعض محاطاتها، وضعف الكوادر الاختصاصية المؤهلة، لعدم إصدار الملاك العددي لمؤسسة الطيران العربية السورية.
وطالب قحطان أحمد رئيس مكتب النقابة بوضع ضوابط للاستقالات الكثيرة التي تحصل في المؤسسات وفقاً لأحكام القانون الأساسي للعاملين بالولة رقم /50/ لعام 2004 وللمصلحة العامة، مشدداً على استثناء العاملين في مؤسسة الطيران العربية السورية من تطبيق نظام العاملين وتطبيق نظام خاص معمول به لدى شركات الطيران الدولية، وذلك فيما يتعلق بالرواتب والأجور والتعويضات والمكافآت والحوافز الإنتاجية، وذلك لطبيعة العمل الخاص بالمؤسسة وخضوع العاملين لأكثر من نظام.
كما تطرق أحمد لموضوع العمال المصروفين من الخدمة بموجب قرار رئاسة مجلس الوزراء رقم /2917/ تاريخ 30/10/2013 حيث أن هناك عمالاً قد تضمنهم القرار آنف الذكر فمنهم من استشهد ومنهم مفرز لقوات الدفاع الوطني، ومنهم على رأس عمله مطالباً بوضع حد لمأساتهم.
النضال طبقياً ووطنياً
عمال النقل البري أكدوا في تقريرهم على دعمهم لأي خطط إصلاحية، لأن القضاء على مظاهر الترهل والفساد ضرورة وطنية تحتمها الظروف النضالية التي يخوضها الشرفاء في الوطن من عمال وفلاحين ومثقفين للتخلص من السماسرة والمتلاعبين بقوت الشعب من تجار الأزمات وغيرهم.
وأكد زكريا ياغي رئيس مكتب النقابة على دعم مسيرة الإصلاح وسط هذه الظروف الصعبة عن طريق الحوار لا عن طريق لغة الدم والدمار والخراب، مشيراً أن الحوار هو الطريق الصحيح لمستقبل مزدهر وآمن يسهم في ترسيخ ديمقراطية فاعلة حقيقية، وأن من يرفض ذلك فهو يساهم في دمار وتمزيق البلد، مشدداً أن المس بسيادة الوطن هو خط أحمر يجب على الجميع عدم تجاوزه.
وقال ياغي: إن عملنا النقابي لا ينفصل عن العمل الوطني بل هما في الأساس متداخلان لأن الوطن هو الأساس، وكل عمل لا يخدم مصلحة الوطن فهو عمل لا وطني، إننا في عملنا النقابي مطلوب منا في هذه المرحلة تفعيل دور الكادر النقابي، فالحل في سورية لا يصنعه إلا السوريون المخلصون الشرفاء.
مكافحة البذخ والفساد
وكان ختام المؤتمرات مع نقابة الثقافة والإعلام التي قالت: إن الطابع الرئيسي لعملنا هو نضالي وكفاحي، وعلى هذا الأساس فإن مهامنا دقيقة ومتنوعة تقتضي قدراً عالياً من الوعي والمعرفة والمسؤولية، وتميَّز الصواب من الخطأ، ويمكن تلخيص الاتجاهات الأساسية لعملنا في المجال الاقتصادي وخصوصاً في ظل الأزمة الحالية، التي تمر بها البلاد، وارتفاع الأسعار للمواد كافة ، وعدم استقرارها وصعوبة الحصول عليها الأمر الذي يستوجب مكافحة مظاهر الخلل والفساد والهدر أينما وجد.
وأكد أسعد حميدان رئيس مكتب النقابة لـ«قاسيون» على ضرورة دعم القطاع العام والخاص بكل الإمكانيات المتاحة، والمحافظة على دوره الرائد لصون وحدة الوطن والدفاع عن مكتسباته، والتعامل مع المؤسسات الدولة لإصلاح مواقع الخلل، والمساهمة في تطوير مختلف القوانين ذات العلاقة بالعمل والعمال، وتعزيز دور العمال في العمل الوطني والقومي، ووضع حد لارتفاع الأسعار، وضرورة إيجاد معادلة بين ارتفاع الأسعار والأجور، والتي يتوقف حلها على مستقبل التطور الاقتصادي والاجتماعي.
وطالب حميدان بالدعم الحكومي للمواد ذات التأثير المباشر على حياة المواطنين، وإيجاد صيغة لإيصال الدعم إلى مستحقيه، وحماية قطاعنا العام وطبقتنا العاملة، ووضع ضوابط كفيلة لربط الأجور بالأسعار ومحاربة الفاسدين والمفسدين، ومكافحة البذخ والفساد ومحاربة البطالة، والفقر، وزيادة الاستثمارات في تنمية الموارد البشرية، ومنع التغلغل الراسمالي والاحتكار الأجنبي في بنية اقتصادنا الوطني، واختيار الإدارات الوطنية النزيهة، منوهاً أن أي إصلاح اقتصادي لا ينعكس إيجابياً على تحسين أوضاع العاملين لن يكون إصلاحاً!!.